الرؤيا الصادقة

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
الرؤيا الصادقة ..


استعمال مصطلح ( الرؤيا الصادقة ) لا يطلق إلا على كل منام تم تحقيقه قطعاً وهو مصطلح ضروري لتمييزها عن سائر المنامات التي تعترض الإنسان في نومه .

ولها شروط أربعة لا بد أن تجتمع معاً حتى تكون صادقة هي :


1- أن يكون ذهن الرائي خالياً تماماً من أي موضوع متصل بما يراه ، وخير دليل على ذلك رؤيا يوسف عليه السلام وهو فتى ( لأحد عشر كوكباً ) حيث لم يكن يوسف وقت ذاك في سن يسمح له بأن يستوعب ألفاظ هذه الرؤيا ، ويدرك مدلولاتها .


وفتى في مثل سنه لا يزيد عمره وقتها عن سبع عشرة عاماً ، يكون ذهنه منصرفاً إلى ما يتناسب مع سنه .


2- أن تكون ألفاظها قليلة ، ومدتها قصيرة . وكلما قصرت قلت ألفاظها ، وعندئذٍ تكون مصداقيتها أبلغ ، وأحداثها ملزمة الوقوع .


ففي رؤيا ذبح إبراهيم لابنه إسماعيل لفظتان فقط هما ( أني أذبحك ) ولكون هذه الرؤيا أقدم رؤيا يعرضها القرآن الكريم بـهاتين اللفظتين ، فقد بني على هذا تشريع سماوي ملزم بالأضحية في موسم الحج ويبدو أن هذه الصفة كانت صفة أساسية لدى المعبرين قديماً ، ولهذا نجدهم عندما عرضت عليهم رؤيا الملك في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف ، وسبع سنبلات خضر وأُخر يابسات أنهم قالوا عنها بأنها ( أضغاث أحلام ) .

وما كانوا ليصفوها بهذا لو لم يجدوها طويلة . ففيها إحدى عشرة لفظة ، وهذا العدد وحده كافٍ لينزعوا عنها صفة الصدق .

3- الرؤيا الصادقة تلزم رائيها أن يحتفظ بـها في ذاكرته مدة طويلة ، كأنه يودعها في مستودع عقله ، فإذا ما تحققت استخرجها مسترجعاً كل لفظة وردت فيها ، وكل صورة عُرضت فيها عليه .


فيوسف عليه السلام عندما رأى أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين نجده يقول عندما رأى اخوته وأبويه يسجدان له  هذا تأويل رؤياي من قبل لقد كان هناك زمان ممتد لعشرين عاماً تقريباً ، ما بين هذه الرؤيا وبين تحقيقها .

وعلى الرغم من الأحداث المثيرة التي مرّ بـها خلال عقدين من الزمان ، فإنه عندما رأى تحقيق ذلك استرجعها لم يُنقِص منها حرفاً .

وعلى هذا فالمعبرون يضعون حداً لتحقيق الرؤيا الصادقة أقصاه عشرون عاماً .


4- للرؤيا الصادقة هدف واضح محدد يُراد للرائي أن يصل إليه . ويتجلى هذا الهدف في تحقيق أحد أمرين هما :
الإنذار أو البشارة .

فهي إما أن تكون إنذاراً تتفاوت درجته من تنبيه إلى تحذير إلى إنذار . وإمّا أن تحمل له بشارة تكون بين يديه بشرى من الله عز وجل له كأن تُبشّر امرأة عقيم بالحمل . أو سجين بريء بالإفراج عنه .

ولعل هذه الصفة هي التي تجعل للرؤيا الصادقة دوراً يكمل دور ما بدأ به الأنبياء من قبل . فكل الدعوات التي حملها الأنبياء قامت على تحذير الكافرين وتبشير المؤمنين . ومصداق هذا قول الله تعالى  وما نرسل المرسلين إلاّ مبشرين ومنذرين  [ الكهف : 56 ].


ولقد أكد النبي الكريم i أن الرؤيا الصادقة هي امتداد للنبوة المنقطعة عندما قال : ( ذهبت النبوة وبقيت المبشرات ) قالوا : ما المبشرات يا رسول الله ؟ قال : الرؤيا الصالحة يراها العبد أو ترى له . ولطالما كان التكليف على العباد قائماً بعد انقطاع النبوات ، فإن من رحمة الله تعالى بعباده أن يبقى خطاً مفتوحاً بينه وبينهم ، ومن خلاله يأمرهم أو ينهاهم ، يحذرهم أو يبشرهم وهذا الخط هو الرؤيا الصادقة . فالله تعالى يقول :

وما كان لبشرٍ أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء ، إنه عليم حكيم [ الشورى 51] .

وما الحجاب الذي يفصل العبد عن ربه إلا حجاب النوم . ومن خلاله يلقي الله تعالى على عبده ما يريد منه .​



نقلته لكم للأستفادة
 
أعلى