حملة [ بنات عائشة ] رضي الله عنها..

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
حملة [ بنات عائشة ] رضي الله عنها.. صور وتواقيع


200.gif

التالي هو مجموعة صور وتواقيع لنصرة أمنا جميعا السيدة عائشة رضي الله عنها والتي لا يخفي علي أحد تلك الحملة الشرسة التي يشنها عليها هؤلاء الروافض وعلي رأسهم خاسر الخبيث المسمي زورا بياسر الحبيب ووالله ما هو بياسر ولا إلي أحد هو حبيب
غير توقيعك وشارك معنا في نصرة أمنا



201.gif


vb


202.gif



203.gif



204.gif





1172.jpg




1173.jpg



1174.jpg


1167.jpg



1175.jpg



1176.jpg



1177.jpg





1178.jpg



1179.jpg



1180.jpg



1168.jpg



1181.jpg



1182.jpg



1183.jpg



1184.jpg



1185.jpg



1186.jpg



1187.jpg














205.gif






206.gif


207.gif




208.gif





266.gif
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
رد: حملة [ بنات عائشة ] رضي الله عنها.. صور وتواقيع

مشكورة لازم ندافع عنا يلا الكل يشارك
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
حملة [ بنات عائشة ] رضي الله عنها

1167.jpg


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لننطلق بحملة نصرة ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها وارضاها ردا على كل افاك اثيم هنا من العاصفة ...
هده سيدة نساء الارض الصديقة بنت الصديق فهي حبيبة سيدنا وحبيبنا محمد اشرف المرسلين
ارجوا ان يثبت الموضوع في العام والمشاركة من الجميع

بسم الله الرحمن الرحيم

1168.jpg
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
رد: حملة [ بنات عائشة ] رضي الله عنها.. صور وتواقيع

من هي عائشة الصديقة

أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما

الصديقة بنت الصديق المبرأة من فوق سبع سماوات

هي معلمة الرجال ، الصديقة بنت الصديق ، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بنت أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر ، القرشية التيمية ، المكية أم المؤمنين ، زوجة سيد ولد آدم وأحب نسائه إليه ، وابنة أحب الرجال إليه المبرأة من فوق سبع سماوات .

تتلمذت وتخرجت من مدرسة النبوة ، فقد تولاها في طفولتها شيخ المسلمين أبوها الصديق ، ورعاها في شبابها نبي البشرية ومعلمها ..

وكان تزويجه صلى الله عليه وسلم بها بأمر من الله عزوجل إثر وفاة خديجة رضي الله عنها فتزوج بها وبسودة بنت زمعة رضي الله عنهما في وقت واحد ، ولكنه دخل بسودة وتفرد بها ثلاثة أعوام حتى بنى بعائشة في شوال بعد وقعة بدر ، وانتقلت العروس الصغيرة على بيت النبوة ، الذي كان عبارة عن حجرة من الحجرات شيدت حول المسجد من اللبن وسعف النخيل ، وقد وضع فيه فراش من أدم حشوه ليف ، ليس بينه وبين الأرض إلا الحصير وعلى فتحة الباب أسدل ستاراً من الشعر ..

حبه صلى الله عليه وسلم لهـــا :

عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على جيش ذات السلاسل ، قال : فأتيته فقلت : يا رسول الله ، أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة . قال : من الرجال ؟ قال : أبوها )) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح ..

عن عائشة رضي الله عنها أن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كُنَّ حزبين : فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة ، والحزب الآخر أم سلمة وسائر نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان المسلمون قد علموا حب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة ، فإذا كانت عند أحدهم هدية يريد أن يهديها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخَّرها ، حتى إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة بعث صاحب الهدية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة .

فكلَّم حزب أم سلمة فقلن لها : كلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلم الناس فيقول : من أراد أن يهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية فليهدها حيث كان من بيوت نسائه ، فكلمته أم سلمة بما قلن ، فلم يقل لها شيئاً ، فسألنها فقالت : ما قال لي شيئاً ، فقلن لها : فكلميه ، قالت : فكلمته حين دار إليها أيضاً ، فلم يقل لها شيئاً . فسألنها فقالت : ما قال لي شيئاً . فقلن لها : كلميه حتى يكلمك . فدار إليها فكلمته ، فقال لها : لا تؤذيني في عائشة ، فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلا عائشة . قالت : أتوب إلى الله من أذاك يا رسول الله . ثم إنهن دعون فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول : إن نساءك ينشدنك العدل في بنت أبي بكر . فكلمته ، فقال : يا بنية ألا تحبين ما أحب ؟ قالت : بلى . فرجعت إليهن فأخبرتهن ، فقلن : ارجعي إليه ، فأبت أن ترجع . فأرسلن زينب بنت جحش ، فأتته فأغلظت وقالت : إن نساءك ينشدنك الله العدل في بنت ابن أبي قحافة ، فرفعت صوتها حتى تناولت عائشة – وهي قاعدة – فسبتها ، حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لينظر إلى عائشة هل تكلم ؟ قال : فتكلمت عائشة ترد على زينب حتى أسكتتها . قالت النبي صلى الله عليه وسلم إلى عائشة وقال : (( إنها بنت أبي بكر )) رواه البخاري ..

وكانت خير زوجة صبرت مع الرسول الكريم على الفقر والجوع حتى كانت تمر الأيام الطويلة وما يوقد في بيت رسول الله نار لخبز أو طبيخ ، وإنما كانا يعيشان على الأسودين التمر والماء .

ولما أقبلت الدنيا على المسلمين أتيت مرة بمائة ألف درهم وكانت صائمة ففرقتها كلها ، وليس في بيتها شئ . فقالت لها مولاتها : أما استطعت أن تشتري بدرهم لحماً تفطرين عليه ؟ قالت : لو كنت ذكرتيني لفعلت .

فكانت مرجع الرجال في تلقي العلم والبلاغة ومرجعاً لهم في الحديث والسنة والفقه ، فقال الزهري : " لو جمع علم عائشة إلى علم جميع النساء ، لكان علم عائشة أفضل " ..

وقال هشام بن عروة عن أبيه قال : " لقد صحبت عائشة ، فما رأيت أحداً قط كان أعلم بآية أنزلت ، ولا بفريضة ، ولا بسنة ، ولا بشعر ، ولا أروى له ، ولا بيوم من أيام العرب ، ولا بنسب ولا بكذا ولا بكذا ولا بقضاء ولا طب منها فقلت لها : يا خالة الطب من أين علمته ؟ ، فقالت : كنت أمرض فينعت لي الشئ ، ويمرض المريض فينعت له ، واسمع الناس بعضهم لبعض فأحفظه "

وعن مسروق قال : قلنا له : هل كانت عائشة تحسن الفرائض ؟ قال : " والله لقد رأيت أصحاب محمد الأكابر يسألونها عن الفرائض ومع هذا كله كانت رضي الله عنها تغار ، بل من أشد نساء النبي صلى الله عليه وسلم غيره عليه . وهذه من طبيعة المرأة ، ولكن غيرتها مقبولة مهذبة لم تصل إلى حد التسويغ لها بإيذاء الضرائر " ..

فعندما مرض رسول الله بعد عودته من حجة الوداع كان يقول وهو يطوف على نسائه متسائلاً : أين أنا غداً ؟ .. أين أنا بعد غدٍ ؟ ، استبطاء ليوم عائشة ، فطابت نفوس بقية أمهات المؤمنين رضي الله عنهن جميعاً : بأن يمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أحب ، وقُلن جميعاً : يارسول الله قد وهبنا أيامنا لعائشة ..

وانتقل حبيب الله إلى بنت الحبيبة ، فسهرت تمرضه ، فداك أبي وأمي يارسول الله .. وحانت لحظة الرحيل ورأسه الشريفة على حجرها ..

قالت أم المؤمنين تصف اللحظة الرهيبة : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ، وفي يومي وفي ليلتي وبين سحري ونحري ، ودخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك رطب ، فنظر إليه حتى ظننت أنه يريده ، فأخذته فمضغته ونفضته وطيبته ، ثم دفعته إليه ، فاستن به كأحسن ما رأيته مستناً قط ، ثم ذهب يرفعه إليَّ ، فسقطت يده ، فأخذت أدعو الله له بدعاء كان يدعو به له جبريل ، وكان هو يدعو به إذا مرض . فلم يدع به في مرضه ذاك ، فرجع بصره إلى السماء وقال : (( الرفيق الأعلى )) وفاضت نفسه ، فالحمد لله الذي جمع بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا ..

ودفن صلى الله عليه وسلم حيث قبض في بيتها ، وعاشت بعده تعلم الرجال والنساء ، وتشارك في صنع التاريخ إلى أن وافتها المنية ليلة الثلاثاء لسبع عشرة مضين من رمضان سنة سبع وخمسين وهي في السادسة والستين من عمرها ..
منقول من موقع بيت النبوة
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
رد: حملة [ بنات عائشة ] رضي الله عنها.. صور وتواقيع

رقـم الفتوى : 30182 عنوان الفتوى : تفاصيل قصة الإفك تاريخ الفتوى : 27 محرم 1424 / 31-03-2003 السؤال ماهي قصة الإفك المذكورة في القرآن الكريم؟ شكراً.

الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فخير من ذكر قصة الإفك بالتفصيل هي صاحبة القصة أم المؤمنين عائشة بنت الإمام الصديق الأكبر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق، وقد روى الحديث البخاري وغيره، ونحن ننقله بطوله لما فيه من العبر والعظات: قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين أزواجه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه، قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيها سهمي، فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما أنزل الحجاب، فكنت أحمل في هودجي وأنزل فيه، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك وقفل، ودنونا من المدينة قافلين، آذن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل، فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي، فلمست صدري فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع، فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه، قالت: وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي، فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب عليه، وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلن، ولم يغشهن اللحم، إنما يأكلن العلقة من الطعام، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وحملوه، وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل فساروا، ووجدت عقدي بعد ما استمر الجيش، فجئت منازلهم وليس بها منهم داع ولا مجيب، فتيممت منزلي الذي كنت فيه، وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إلي، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش، فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني، وكان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي، والله ما تكلمنا بكلمة، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته، فوطئ على يدها، فقمت إليها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش موغرين في نحر الظهيرة وهم نزول، قالت: فهلك من هلك، وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول. قال عروة: أخبرت أنه كان يشاع ويتحدث به عنده، فيقره ويستمعه ويستوشيه. وقال عروة أيضا: لم
يسم من أهل الإفك أيضا إلا حسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش، في ناس آخرين لا علم لي بهم، غير أنهم عصبة، كما قال الله تعالى، وإن كبر ذلك يقال له: عبد الله بن أبي ابن سلول.
قال عروة، كانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان، وتقول: إنه الذي قال:
فإن أبي ووالده وعرضي * لعرض محمد منكم وقاء
قالت عائشة: فقدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمت شهرا، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك، لا أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم، ثم يقول: (كيف تيكم). ثم ينصرف، فذلك يريبني ولا أشعر بالشر، حتى خرجت حين نقهت، فخرجت مع أم مسطح قبل المناصع، وكان متبرزنا، وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا، قالت: وأمرنا أمر العرب الأول في البرية قبل الغائط، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا، قالت: فانطلقت أنا وأم مسطح، وهي ابنة أبي رهم ابن المطلب بن عبد مناف، وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق، وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب، فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي حين فرغنا من شأننا، فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت: تعس مسطح، فقلت لها: بئس ما قلت، أتسبين رجلا شهد بدرا؟ فقالت: أي هنتاه أو لم تسمعي ما قال؟ قالت: وقلت: وما قال؟ فأخرتني بقول أهل الإفك، قالت: فازددت مرضا على مرضي، فلما رجعت إلى بيتي دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم،
ثم قال: (كيف تيكم). فقلت له: أتأذن لي أن آتي أبوي؟ قالت: وأريد أن أستيقن الخبر من قبلهما، قالت: فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت لأمي: يا أمتاه، ماذا يتحدث الناس؟ قالت: يا بنية، هوني عليك، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها، لها ضرائر، إلا أكثرن عليها. قالت: فقلت: سبحان الله، أو لقد تحدث الناس
بهذا؟ قالت: فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، ثم أصبحت أبكي، قالت: ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ابن أبي طالب وأسامة بن زيد، حين استلبث الوحي، يسألهما ويستشيرهما في فراق أهله، قالت: فأما أسامة أشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم لهم في نفسه، فقال أسامة: أهلك، ولا نعلم ألا خيرا. وأما علي فقال: يا رسول الله، لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير، وسل الجارية تصدقك. قالت: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة، فقال: (أي بريرة، هل رأيت شيء يريبك). قالت له بريرة: والذي بعثك بالحق، ما رأيت عليها أمرا قط أغمصه أكثر من أنها جارية حديثة السن، تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن فتأكله، قالت: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه فاستعذر من عبد الله ابن أبي، وهو على المنبر، فقال: (يا معشر المسلمين، من يعذرني من رجل قد بلغني عنه أذاه في أهلي، والله ما علمت على أهلي إلا خيرا، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما يدخل على أهلي إلا معي). قالت: فقام سعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل فقال: أنا يا رسول الله أعذرك، فإن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج، أمرتنا ففعلنا أمرك. قالت: فقام رجل من الخزرج، وكانت أم حسان بنت عمه من فخذه، وهو سعد بن عبادة، وهو سيد الخزرج، قالت: وكان قبل ذلك رجلا صالحا، ولكن احتملته الحمية، فقال لسعد: كذبت لعمر الله لا تقتله، ولا تقدر على قتله، ولو كان من رهطك ما أحببت أن يقتل. فقام أسيد بن حضير، وهو ابن عم سعد، فقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين. قالت فثار الحيان الأوس والخزرج، حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر، قالت: فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم، حتى سكتوا وسكت، فبكيت يومي ذلك كله لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، قالت: وأصبح أبوي عندي، قد بكيت ليلتين ويوما، ولا يرقأ لي دمع لا أكتحل بنوم، حتى إني لأظن أن البكاء فالق كبدي، فبينا أبواي جالسان عندي وأنا أبكي، فاستأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها، فجلست تبكي معي، قالت: فبينا نحن على ذلك دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا فسلم ثم جلس، قالت: لم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها، وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء، قالت: فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس، ثم قال: (أما بعد، ياعائشة، إنه بلغني عنكك كذا وكذا، فإن كنت بريئة، فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب، فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف ثم تاب، تاب الله عليه). قالت: عائشة: فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي: أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم عني فيما قال، فقال أبي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت لأمي: أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال، قالت أمي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ من القرآن كثيرا: إني والله لقد علمت: لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به، فلئن قلت لكم: إني بريئة، لا تصدقوني، ولئن اعترفت لكم بأمر، والله يعلم أني منه بريئة، لتصدقني، فوالله لا أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف حين قال: {فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون}. ثم تحولت واضطجعت على فراشي، والله يعلم أني حينئذ بريئة، وأن الله مبرئي ببراءتي، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى، لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها، فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه، ولا خرج أحد من أهل البيت، حتى أنزل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء، حتى إنه ليتحدر منه العرق مثل الجمان، وهو في يوم شات، كم ثقل القوم الذي أنزل عليه، قالت: فسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك، فكانت أو كلمة تكلم بها أن قال: (يا عائشة، أما والله فقد برأك). فقالت لي أمي: قومي إليه، فقلت: والله لا أقوم إليه، فإني لا أحمد إلا الله عز وجل، قالت: وأنزل الله تعالى: {إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم}. العشر الآيات، ثم أنزل الله هذا في براءتي، قال أبو بكر الصديق، وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره: والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا، بعد الذي قال لعائشة ما قال. فأنزل الله: {ولا يأتل أولوا الفضل منكم - إلى قوله - غفور رحيم}. قال أبو بكر الصديق: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا، قالت عائشة: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش عن أمري، فقال لزينب: ماذا علمت، أو رأيت). فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت إلا خيرا، قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع. قالت: وطفقت أختها تحارب لها، فهلكت فيمن هلك.
قال ابن شهاب: فهذا الذي بلغني من حديث هؤلاء الرهط.
ثم قال عروة: قالت عائشة: والله إن الرجل الذي قيل له ما قيل ليقول: سبحان الله، فوالذي نفسي بيده ما كشفت من كنف أنثى قط، قالت: ثم قتل بعد ذلك في سبيل الله.

ويمكنك مطالعة القصة في محور السيرة على الموقع.
والله أعلم.
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
رد: حملة [ بنات عائشة ] رضي الله عنها.. صور وتواقيع

قصة الإفك...بين المحنة والمنحة


1.php










{ إن الذين جاءو بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم } ( النور : 11 )
كلماتٌ ربّانية جاءت لتلخّص أحداثاً عاش المسلمون في ظلّها أياماً عصيبة ، وفتنةً كادت أن تورد الناس موارد الهلكة ، وإشاعاتٍ مغرضة استهدفت بيت النبوة ، وأرادت تشويه صورته النقيّة التي ظلّت محفوظةً في صدور المؤمنين ، ولم يكن المقصود منها الوقوف عند شخص النبي - صلى الله عليه وسلم - وآل بيته ، بل أُريد بها الطعن في نبوته ورسالته .
وتجري فصول هذه الحادثة في وقتٍ كان المسلمون فيه على موعدٍ مع العدوّ في إحدى الغزوات ، حيث خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جيشه مصطحباً معه
عائشة رضي الله عنها ، وفي طريق العودة توقّف الجيش للراحة والنوم ، وجلست عائشة رضي الله عنها في مركبها تترقّب لحظة المسير ، وتلمّست نحرها لتكتشف أنها أضاعت عقداً لأختها كانت قد أعارتْها إياه ، فما كان منها إلا أن نزلت من مركبها لتبحث عنه في ظلام الليل ، ولم تكن تدري أن المنادي قد آذن بالرحيل ، وأن الرجال قد جهّزوا رحلها ظانّين أنها بداخله ، وأن الجيش قد انطلق وتركها وحيدة في تلك الصحراء الموحشة .
وما أن وجدت العقد حتى عادت مسرعة لتلحق بركب الجيش ، ولكن الوقت فات ، حيث لم تجد سوى الآثار التي خلّفوها وراءهم ، فحارت ولم تدر ما تصنع ، ثم فكّرت في العودة إلى موضع مركبها لعلّ الجيش يفتقدها ويرسل من يأتي بها ، وهكذا فعلت ، وجلست هناك حتى غلبها النوم في مكانها .
وفي هذه الأثناء ، كان
صفوان بن المعطل السلمي رضي الله عنه يسير خلف الجيش ليحمل ما سقط من المتاع ، فأدركه الصباح في الموطن الذي كان فيه الجيش ، وإذا به يرى سواد امرأة نائمة ، فعرف أنها عائشة رضي الله عنها ، والتي أحسّت به فغطّت وجهها ، تقول عائشة رضي الله عنها : " فوالله ما كلمني كلمة ، ولا سمعت منه شيئاً غير قوله : إنا لله وإنا إليه راجعون " ، فنزل عن راحلته وطلب منها أن تصعد ، ولما ركبت الناقة انطلق بها مولّيا ظهره لها ، حتى استطاع أن يدرك الجيش في الظهيرة .
ولم تمضِ سوى أيام قليلةٍ حتى انتشرت في المدينة إشاعاتٌ مغرضة وطعوناتٌ حاقدة في حقّ
عائشة رضي الله عنها ، روّجها ونسج خيوطها زعيم المنافقين عبد الله بن أبيّ بن سلول ، ووجدت هذه الافتراءات طريقها إلى عدد من المسلمين ، الذين تلقّوها بحسن نيّة ونقلوها إلى غيرهم ، كان منهم حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه شاعر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، و مسطح بن أثاثة رضي الله عنه أحد أقرباء أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، و حمنة بنت جحش رضي الله عنها ابنة عمة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخت زوجته ، وعصم الله من بقي من الصحابة عن الخوض في ذلك ، وكان لسان حالهم ومقالهم كما قال القرآن { ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أَن نتكلم بهذا سبحانك هذاَ بهتان عظيم} (النور:16).
وبلغت تلك الأحاديث سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان وقعها عليه شديداً ، ولنا أن نتصوّر المشاعر المختلفة التي كانت تدور في نفس النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والمعاناة الطويلة التي عاشها في ظلّ هذه الأحداث ، وهو يرى الألسنة تنال من عرضه ، وتطعن في شرفه ، ولا يملك أن يضع لذلك حدّاً أو نهاية .
وعلى الجانب الآخر ، لم تكن عائشة تدرك ما يدور حولها من أقاويل الناس ، فقد حلّ بها مرض ألزمها الفراش طيلة هذه المدّة ، إلا أنها أحسّت بتغيّرٍ في معاملة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فبعد أن كانت تجد منه اللمسة الحانية ، والكلمة الرقيقة ، والمشاعر الفيّاضة ، إذا بها تفقد ذلك كلّه ، وتلحظ اقتصاره - صلى الله عليه وسلم – على الكلمات القليلة ، واكتفاءه بالسؤال عن حالها ، وهي تحاول أن تجد تفسيرا لهذا التحوّل المفاجيء .
وفي ليلة من الليالي خرجت
عائشة رضي الله عنها مع أم مسطح إلى الصحراء لقضاء الحاجة - كعادة النساء في ذاك الزمان - ، فتعثّرت أم مسطح بثوبها وقالت : " تعس مسطح " ، فاستنكرت عائشة منها هذا القول وقالت : "بئس ما قلت ، أتسبين رجلاً شهد بدراً ؟ " ، وعندها أخبرتها أم مسطح بقول أهل الإفك.
وكانت مفاجأةً لم تخطر لها على بال ، وفاجعةً عظيمة تتصدّع لها قلوب الرّجال ، فكيف ببنت السادسة عشرة ؟ ، وهي تسمع الألسن توجّه أصابع الاتهام نحو أغلى ما تملكه امرأة عفيفة ، فكيف بزوجة نبي الله وخليل الله ؟ .
وكان من الطبيعي أن تؤثّر هذه الإشاعة على صحّة
عائشة رضي الله عنها فتزداد مرضاً على مرض ، ولم يمنعها ذلك من الوقوف على ملابسات القضيّة ، فبمجرّد أن عادت إلى البيت استأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الذهاب لأبويها ، فلما رأتها أمها قالت : " ما جاء بك يا بنية " فقصّت عليها الخبر ، وأرادت الأم أن تواسيها فبيّنت لها أن هذا الكلام حسدٌ لها على جمالها ومكانها من النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ولم يعد هناك مجال للشك ، فها هي والدتها تؤكّد ذلك ، وعَظُم عليها أن تتخيّل الناس وهم يتحدثون في شأنها ، تقول عائشة رضي الله عنها : "..فبكيت تلك الليلة لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم حتى أصبحت ".
وطال انتظار النبي - صلى الله عليه وسلم - للوحي فاستشار
علي بن أبي طالب و أسامة بن زيد رضي الله عنهما ، أما أسامة فأخبره بالذي يعلمه من براءة أهله ، وأما علي فقد أحسّ بالمعاناة النفسيّة التي يعيشها النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأراد أن يريح خاطره ، فأشار عليه بأحد أمرين : إما أن يفارقها ويتحقّق من براءتها لاحقاً ، وحينها يمكنه إرجاعها ، وإما أن يطّلع على حقيقة الأمر بسؤال بريرة مولاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بريرة وقال لها : ( هل رأيت من شيء يريبك ) ، فقالت : " لا والذي بعثك بالحق ما علمت فيها عيباً " ، ثمّ ذكرت صغر سنّها وأنّها قد تغفل عن العجين الذي تصنعه حتى تأتي الشاة تأكله ، وسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش رضي الله عنها عن أمرها فقالت : " يا رسول الله، أحمي سمعي وبصري ، ما علمت إلا خيراً " .
وكانت هذه الشهادات كافيةً أن يصعد النبي - صلى الله عليه وسلم - المنبر ، ويطلب العذر من المسلمين ، في رأس الفتنة عبد الله بن أبي بن سلول ، وذلك بقوله :
( يا معشر المسلمين ، من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي ؟ ، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ، ولقد ذكروا رجلاً – يعني صفوان بن المعطّل - ما علمت عليه إلا خيراً، وما كان يدخل على أهلي إلا معي ) ، فقام سعد بن معاذ رضي الله عنه فقال : " يا رسول الله ، أنا أعذرك منه ، إن كان من الأوس ضربتُ عنقه ، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك " ، فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وقد أخذته العصبيّة فقال لسعد : " كذبت ، لا تقتله ولا تقدر على قتله " ، واختلف الأوس والخزرج ، وكاد الشيطان أن يُوقع بينهم ، فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهدّئهم حتى سكتوا .
وبعد أن بلغت القضيّة هذا الحدّ ، لم يكن هناك مفرّ من الذهاب إلى
عائشة رضي الله عنها لمصارحتها بالمشكلة واستيضاح موقفها ، فدخل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعها امرأة من الأنصار ، فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - وتشهّد ثم قال : ( أما بعد ، يا عائشة ، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه ؛ فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه ) ، فلما سمعت قوله جفّت دموعها ، والتفتت إلى أبيها فقالت : " أجب رسول الله فيما قال " ، فقال : " والله ما أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ، ثم التفتت إلى أمّها فكان جوابها كجواب أبيها ، وعندها قالت : " لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقرّ في أنفسكم وصدقتم به ، فلئن قلت لكم أني منه بريئة - والله يعلم أني منه بريئة - لا تصدقوني بذلك ، ولئن اعترفت لكم بأمر - والله يعلم أني منه بريئة - لتصدقنّني ، وإني والله ما أجد لي ولكم مثلاً إلا قول أبي يوسف حين قال : { فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون } ( يوسف : 18 ) .
ثم استلقت رضي الله عنها على فراشها ، وهي تستعرض الحادثة في ذهنها منذ البداية وحتى هذه اللحظة ، وبدا لها أن آخر فصول هذه القصّة ستكون رؤيا يراها النبي - صلى الله عليه وسلم - تُثبت براءتها ، ولكنّ الله سبحانه وتعالى أراد أن يخلّد ذكرها إلى يوم القيامة ، وإذا بالوحي يتنزل من السماء يحمل البراءة الدائمة ، والحجة الدامغة في تسع آيات بيّنات ، تشهد بطهرها وعفافها ، وتكشف حقيقة المنافقين ، فقال تعالى :
{إِن الذين جاءوا بالإفك عصبَة منكم لا تحسبوه شَرا لكم بل هو خير لكم لكل امرِئٍ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم } ( النور : 11 ) .
وانفرج الكرب ، وتحوّل حزن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فرحاً ، فقال لها :
( أبشري يا عائشة ، أمّا الله عز وجل فقد برّأك ) ، وقالت لها أمها : " قومي إليه " ، فقالت عائشة رضي الله عنها امتناناً بتبرئة الله لها ، وثقةً بمكانتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومحبته لها : " والله لا أقوم إليه ، ولا أحمد إلا الله عزوجل " .
وأراد
أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن يعاقب مسطح بن أثاثة لخوضه في عرض ابنته ، فأقسم أن يقطع عليه النفقة ، وسرعان ما نزل الوحي ليدلّه على ما هو خير من ذلك : { ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم } ( النور : 22) ، فقال أبو بكر : " بلى والله إني أحب أن يغفر الله لي " ، فرجع إلى نفقته وقال : " والله لا أنزعها منه أبدا ".
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
رد: حملة [ بنات عائشة ] رضي الله عنها.. صور وتواقيع

وبعد : فحديث الإفك الذي رميت به أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق ما هو إلا حلقة من حلقات التآمر على الدعوة ، ومحاولة تشويه رموزها ؛ وذلك لعلم العدو أن هذا الدين يقوم على المثال والنموذج والقدوة ، فإذا أفلح في إسقاط هذا النموذج وتشويه تلك القدوة ، فقد تحقّق له ما أراد ، فمتى نعي ذلك ؟ .






المصدر
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
رد: حملة [ بنات عائشة ] رضي الله عنها.. صور وتواقيع

السؤال
أريد أن أعرف صحيح الدعاء الذي دعت به السيدة عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك ففرج الله كربها بهذا الدعاء؟ جزاكم الله خيراً.

الفتوى


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم يرد فيما نعلم دعاء عن عائشة في قصة الإفك؛ إلا أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن قلت لكم إني بريئة لا تصدقوني، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدقني، فوالله لا أجد لي ولكم مثلاً إلا أبا يوسف حين قال: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ... فنزلت الآيات. أخرجه البخاري مطولاً، وراجعي قصة الإفك مفصلة في الفتوى رقم: 30182 .
ومن المفيد أن نذكر لك دعاء الكرب كما في الصحيحين عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم.
والله أعلم.
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
رد: حملة [ بنات عائشة ] رضي الله عنها.. صور وتواقيع

من فضائل أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - ومناقبها

الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي











22.png
23.png
24.png
25.png
26.png



من فضائل أم المؤمنين

عائشة - رضي الله عنها - ومناقبها

حبيبة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم


1- التعريف بها: هِيَ أمُّ المؤمنينَ أمُّ عبدِالله: عائشةُ بنتُ الإمام الصِّدِّيق الأكْبر، خليفةِ رسولِ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم - أبِي بَكْرٍ عبدِالله بنِ أبي قُحَافةَ عثمانَ بنِ عامرِ بن عمرو بن كعْب بن سعْد بن تَيْم بن مُرَّة، بن كعْب بن لُؤيٍّ; القرشيَّة التيميَّة، المكيَّة، النبويَّة، أم المؤمنين، زَوْجة النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أفْقَه نِساءِ الأُمَّة على الإطلاق.

وأمُّها هي: أُمُّ رُومانَ بنتُ عامرِ بن عُوَيمر، بن عبدِ شمْس، بن عتاب ابن أُذينة الكِنانية.

هاجَر بعائشةَ أبواها، وتزوَّجها نبيُّ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قبل مهاجرِه بعدَ وفاة الصِّدِّيقة خديجة بنت خُوَيلد، وذلك قبلَ الهِجرة ببضعة عشَرَ شهرًا، وقيل: بعامين،ودخَل بها في شوَّال سَنةَ اثنتين منصرفَه - عليه الصلاة والسلام - مِنغزوةِ بدر، وهي ابنةُ تِسْع،فرَوَتْ عنه عِلمًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وعن أبيها، وعن عمر، وفاطمة، وسعْد، وحمْزَة بن عمرو الأسْلمي، وجُدَامَةَ بنتِ وهْب.." [1].

2- حبُّ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لها: اختارَها الله لنبيِّه، حيثُ رآها في المنام، كما جاء في الصحيحَيْن - واللَّفْظ لمسلِم - عن عائشةَ قالتْ: قال رسولُ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أُريتكِ في المنام ثلاثَ ليالٍ، جاءَني بكِ المَلَك في سَرَقةٍ (قطعة) مِن حريرٍ، فيقول: هذه امرأتُك، فأَكْشِف عن وجْهِكِ، فإذا أنتِ هي، فأقول: إنْ يَكُ هذا مِن عندَ الله يُمضِه)).

وعن عمرِو بن العاص- رضي الله عنه - قال: بعَثَني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -على جيشِ ذاتِ السلاسل، قال: فأتيتُه قال: قلتُ: يا رسولَ الله، أيُّ الناس أحبُّ إليك؟ قال:((عائشة))، قال: قلت: فمِن الرِّجال؟ قال:((أبوها إذًا))، قال: قلت: ثُمَّ مَن؟ قال:((عمر))، قال: فعدَّ رِجالاً"؛أخرجه الشيخان.

3- دعاءُ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لها: عن عائشةَ قالت: لمَّا رأيتُ مِن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -طِيبَ النَّفْس قلت: يا رسولَ الله، ادعُ اللهَ لي، فقال:((اللهمَّ اغفرْ لعائشةَ ما تقدَّم مِن ذنبِها وما تأخَّر، وما أسَرَّتْ وما أعْلَنتْ))، فضحِكتْ عائشةُ حتى سقَط رأسها في حجْرِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من الضحِك، فقال: ((أيَسرُّكِ دُعائي؟))، فقالت: وما لي لا يَسرُّني دعاؤك؟! فقال: ((واللهِ إنَّها لدَعْوَتي))؛أخرجه البزَّار في مسنده، وحَسَّنه الألباني.

4- ثناءُ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وصحابته عليها: عن أبي موسى الأشعريِّ - رضي الله عنه -قال: قالَ رسولُ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم -:((كَمَلَ منَ الرِّجال كثيرٌ، ولم يَكْمُلْ منَ النِّساءِ إلاَّ مريمُ بنتُ عِمرانَ، وآسِيةُامرأةُ فِرعونَ، وفضْلُ عائشةَ على النِّساءِ كفَضْل الثَّرِيدِ على سائرِ الطعام))؛صحيحالبخاري.

وعَنْ عَائِشَةَ - رضِي الله عنها - قَالَتْ: قال - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَوْمًا: ((يا عائِشَ، هَذا جبْريلُ يُقْرِئُكِ السَّلاَم))، فَقُلْتُ: وَعليه السلام ورحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكاتُه، تَرَى ما لا أَرى - تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ، صلَّى الله عليه وسلَّم؛ رواه الشيخان - البخاريُّ ومسلم.

وعن الحَكمِ: سمعتُ أبا وائلٍ قال: "لَمَّا بعَثَ عليٌّ عَمَّارًا والحسنَ إلى الكوفَة؛ليستَنفِرَهم، خَطبَ عمَّارٌ فقال: إنِّي لأعلمُ أنَّها زوجتُهُ في الدُّنيا والآخِرة، ولكنَّاللَّهَ ابتَلاكم؛ لتتبعوهُ أو إيَّاها"؛ رواه البخاري.

وعَنْ أَنَسِ بن مالكٍ - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَقولُ: ((فَضْلُ عائِشَةَ على النِّساءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ على الطَّعام))؛ رواه الشيخان - البخاري ومسلم.

5- عبادتها وزُهدها:وقد كانتْ أُمُّ المؤمنين كثيرةَ الصيام، حتى ضعُفت، كما جاء في السِّيَر للذهبي - رحمه الله تعالى - عن عبدِالرحمن بن القاسِم، عن أبيه: أنَّ عائشةَ كانتْ تصوم الدَّهْر.

كما كانتْ زاهدةً في الدنيا، فعَنْها قالت: "ما شَبِع آلُ محمَّد يومَيْن من خُبزِ بُرٍّ إلا وأحدهما تَمْر متفق عليه.

وعن عطاء: أنَّ معاويةَ بعَث إلى عائشةَ بقِلادةٍ بمائةِ ألْف، فقسمتْها بيْن أمَّهات المؤمنين،وعن عُروةَ، عن عائشة: أنَّها تصدَّقتْ بسَبْعِين ألفًا; وإنَّها لتُرقِّع جانبَ دِرْعها - رضي الله عنها.

وعن أُمِّ ذَرَّة، قالت: بعَث ابنُ الزبير إلى عائشةَ بمالٍ في غِرَارتَيْن، يكون مائة ألْف، فدَعَتْ بطَبق، فجعَلتْ تقسم في الناس، فلمَّا أمسَت، قالت: هاتِي يا جاريةُ فُطوري،فقالت أمُّ ذَرَّة: يا أمَّ المؤمنين، أمَا استطعتِ أن تشتري لنا لحمًا بدِرْهم؟! قالت: لا تُعنِّفيني، لو أذْكْرِتني لفعلتُ[2].

6- فِقهُ وعِلم أمِّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -: قال الزُّهريُّ: لو جُمِع عِلمُ عائشة إلى عِلمِ جميعِ النساء، لكان علمُ عائشةَ أفْضلَ[3].

كما أنَّ الله قد وهَبَها الذكاءَ والفِطنة، وسُرعةَ الحافظة، قال ابن كثير: "لم يَكُن في الأُممِ مثلُ عائشةَ في حِفْظها وعِلْمها، وفصاحتِها وعَقْلِها"، ويقول الذهبيُّ: "أفْقَهُ نِساء الأمَّة على الإطلاق، ولا أعْلمُ في أمَّة محمَّد، بل ولا في النِّساء مطلقًا امرأةً أعلمَ منها".

وقدْ تجاوز عددُ الأحاديث التي روتْها ألْفَيْن ومائة حديث عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهي مُشتَهِرة في كُتُب السُّنَّة: البخاري ومسلم، والسُّنن والمسانيد، وغيرها؛ قال الحافظُ الذهبيُّ: مُسْنَد عائشة يبلُغ ألْفَين ومائتين وعشرة أحاديث؛ اتَّفق البخاريُّ ومسلمٌ لها على مائةٍ وأربعةٍ وسبعين حديثًا، وانفرَد البخاريُّ بأربعةٍ وخمسين، وانفرد مسلِمٌ بتِسعة وستِّين[4].

ويقول عُروةُ بنُ الزُّبَيْر: "ما رأيتُ أحدًا أعلمَ بفِقه، ولا بِطبٍّ ولا بِشِعر من عائشةَ - رضي الله عنها"، وقال فيها أبو عُمرَ بنُ عبدالبرِّ: "إنَّ عائشةَ كانتْ وحيدةً بعصرها في ثلاثةِ علوم: علم الفقه، وعلم الطب، وعلم الشِّعر".

كما كانتِ المرجعَ الكبيرَ لكِبار الصحابة، خاصَّة عندَ المواقف والملمَّات، كما كانتْ تُفتي بما لدَيْها من عِلمٍ وفِقه في عهد الخليفةِ عمرَ وعثمانَ - رضي الله عنهما - إلى أن تُوفِّيت - رحمها الله ورضي عنها.

7- نزول برائتِها مِن حادثة الإفْك من عندَ الله تعالى: وقدْ تعرَّضَتْ - رضِي الله عنها - إلى ابتلاءٍ شديد، وفِتْنةٍ كبيرة، حيث طَعَن في شرَفِها وعِرْضها المنافقون في المدينة، فأنْزَل الله براءتَها من فوقِ سبعِ سموات، وقد قالتْ - رضي الله عنها - كما في الصحيحين: "... ثُمَّ تحولتُ واضطجعتُ على فِراشي، والله يعلم أنِّي حينئذٍ بريئةٌ، وأنَّ الله مُبرِّئي ببراءتي، ولكن واللهِ ما كنتُ أظنُّ أنَّ الله منزلٌ في شأني وحيًا يُتْلَى، لشأني في نفْسي كان أحْقرَ مِن أن يتكلَّم الله فيَّ بأمْر، ولكن كنتُ أرْجو أن يرَى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -في النومِ رُؤيَا يُبرِّئني الله بها، فواللهِ ما رام رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -مجلسَه، ولا خرَج أحدٌ مِنْ أهل البيت حتَّى أُنزِل عليه، فأخَذَه ما كان يأخُذُه من البُرَحَاء، حتى إنَّه ليتحدَّر منْه مِن العَرَق مثل الجُمَان، وهو في يومٍ شاتٍ مِن ثِقَلِ القوْل الذي أُنزِل عليه.

قالت: فَسُرِّي عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو يَضْحَك، فكانتْ أوَّل كَلمةٍ تَكلَّم بها أنْ قال:((يا عائشةُ، أمَّا اللهُ فقدْ بَرَّأكِ))، قالت: فقالتْ لي أُمِّي: قُومِي إليه، فقلتُ: واللهِ لا أقومُ إليه، فإنِّي لا أحْمَدُ إلاَّ اللهَ - عزَّ وجلَّ.

قالت: وأنزَل الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ [النور: 11] الآيات...".
قال ابنُ كثير: "فغار اللهُ لها وأنْزَلَ براءتَها في عشْر آياتٍ تُتلى على الزمان، فسَمَا ذِكْرُها، وعلا شأنُها؛ لتسمعَ عفافَها وهي في صِباها، فشَهِدَ الله لها بأنَّها مِنَ الطَّيِّبات، ووعدَها بمغفرةٍ ورِزق كريم".

ومَع هذه المنزِلَةِ العالية، والتبرِئة العالية الزكيَّة مِنَ الله تعالى، تَتَواضَعُ وتقول: "ولَشَأنِي في نفْسي أهونُ مِن أن يُنزِل الله فيَّ قرآنًا يُتْلَى"!

8- خصائص أمِّ المؤمنين - رضي الله عنها -: قال ابنُ القيِّم - رحمه الله -:
ومِن خصائصها: أنَّها كانتْ أحبَّ أزواج رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إليه، كما ثبَت عنْه ذلك في البخاريِّ وغيره، وقد سُئِل: أيُّ الناس أحبُّإليك؟ قال: ((عائشة))، قيل: فمِن الرِّجال؟ قال: ((أبوها)).

ومِن خصائصها أيضًا: أنَّه لَمْ يتزوَّجامرأةً بِكرًا غيرها، ومن خصائصها: أنَّه كان يَنزِل عليه الوحيُ وهو في لحافِهادونَ غيرِها،ومِن خصائصها: أنَّ الله - عزَّ وجلَّ - لَمَّا أنزل عليه آيةَ التخيير بدأبها فخيَّرها، فقال: ((ولا عليكِ ألاَّ تَعْجَلي حتى تستأمري أَبَوَيك))، فقالت: أفِي هذا أسْتَأمِرأبوي؟! فإنِّي أُريد اللهَ ورسولَه والدارَ الآخِرة، فاستنَّ بها - أي: اقتَدَى - بقيةُأزواجه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقُلْنَ كما قالتْ.

ومِن خصائصها: أنَّ الله سبحانه برَّأها ممَّارماها به أهلُ الإفك، وأنْزَل في عُذرِها وبراءتِها وحيًا يُتْلَى في محاريبِ المسلمين وصلواتهمإلى يومِ القيامة، وشَهِد لها بأنَّها مِنَ الطيِّبات، ووعَدَها المغفرةَ والرِّزقَ الكريم، وأخْبَرسبحانه أنَّ ما قيل فيها مِنَ الإفك كان خيرًا لها، ولم يكن ذلك الذي قيل فيها شَرًّا لها،ولا عائبًا لها، ولا خافضًا مِن شأنها، بل رَفَعها الله بذلك وأعْلى قدْرَها، وأعْظَمَ شأنها، وصارلها ذِكرًا بالطيب والبراءة بيْن أهلِ الأرض والسماء، فيا لها مِن مَنْقَبة ما أجلَّها!

ومِن خصائِصها - رضي الله عنها -: أنَّ الأكابرَ مِنَ الصحابة - رضي الله عنهم - كان إذاأَشْكَل عليهم أمرٌ مِن الدِّين استفتوها فيَجِدون عِلمَه عندَها.

ومِن خصائصها - رضي الله عنها -: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - تُوفِّي في بيتها، وفي يومِها، وبيْن سَحْرِها ونَحْرها، ودُفِن فيبيتها.

ومِن خصائصها - رضي الله عنها -: أنَّ الناسَ كانوا يتحرَّوْن بهداياهم يومَها مِن رسولِالله - صلَّى الله عليه وسلَّم - تقربًا إلى الرسولِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيُتْحفونَه بما يحبُّ فيمنزلِ أحبِّ نسائِه إليه - صلَّى الله عليه وسلَّم ورضي الله عنهنَّ أجمعين[5].

وقال الإمام بدرُ الدِّين الزَّرْكشيُّ في "الإجابة لإيراد ما استدركتْه عائشةُ على الصحابة" - وهو يَتكلَّم في خصائصها، رضي الله عنها - الأربعين، قال: "والخامِسة - أي: مِن الخصائص -: نزول براءتِها منَ السماء بما نَسَبه إليها أهلُ الإفك في ستَّ عشرةَ آية متوالية، وشَهِد لها بأنَّها من الطيِّبات، ووعَدها بالمغفرةِ والرِّزق الكريم، قال: والسادس: جَعله قُرآنًا يُتْلَى إلى يومِ القيامة؛ أي: الآيات التي نزلَتْ في براءتِها.

وقال - في العاشرة -: وجوب محبَّتِها على كلِّ أحد، ففي الصحيح: لمَّا جاءتْ فاطمة - رضي الله عنها - إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال لها: ((ألسْتِ تُحبِّين ما أُحبُّ؟)) قالت: بلى، قال: ((فأَحبِّي هذه - يعني: عائشة))، وهذا الأمْرُ ظاهِرُه الوجوب.

وقال - في الحادية عشرة -: إنَّ مَن قذَفها فقَدْ كفَر؛ لتصريحِ القرآن الكريم ببراءتِها،وقال - في الثانية عشرة -: مَن أنْكَر كونَ أبيها أبي بَكْرٍ الصِّدِّيق - رضي الله عنه -صحابيًّا كان كافرًا، نصَّ عليه الشافعيُّ، فإنَّ الله تعالى يقول:﴿ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40]، ومُنكِر صُحْبةِ غير الصَّدِّيق يَكْفُر لتكذيبه التواتُر[6]؛ انتهى مختصرًا.

9- وفاتها - رضي الله عنها -:تُوفِّيت - رضي الله عنها وأرْضاها - سَنةَ سَبْعٍ وخمسين على الصحيحِ، وقيل: سَنَة ثمان وخمسين، في ليلةِ الثلاثاء لسَبْعَ عشرةَ خَلَتْ مِن رمضان بعدَ الوتر، ودُفنت من ليلتها، وصلَّى عليها أبو هريرة، بعدَ أن عمرتْ ثلاثًا وستين سَنَة وأشهرًا - كما ذَكَر الذهبيُّ في "السِّير"[7].

10- حُكم الإسلام فيمَن سبَّ أمَّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -: قال تعالى في تزكيةِ أمِّ المؤمنين ومكانتِها وغيرِها من زوجاتِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ [الأحزاب: 6].

وقدْ أجْمَع علماءُ الإسلام قاطبةً مِن أهل السُّنَّة والجماعة على أنَّ مَن سبَّ أمَّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - ورَماها بما برَّأها الله منه أنه كافِرٌ، ورُوي عن مالكِ بن أنس أنَّه قال: مَن سَبَّ أبا بكرٍ وعُمرَ جُلِد، ومَن سَبَّ عائشةَ قُتِل، قيل له: لِمَ يقتلُ في عائشة؟ قال مالك: فمَن رماها فقدْ خالَفَ القرآن، ومَن خالف القرآنَ قُتِل.

قال أبو مُحمَّد ابنُ حزْم الظاهريُّ - رحمه الله-: قول مالك هذا صحيحٌ، وهي رِدَّة تامَّة، وتكذيبٌ لله تعالى في قَطْعِه ببراءتها.

وقال أبو الخطَّابِ ابنُ دِحية في أجوبة المسائل: وشَهِد لقول مالك كتابُ الله، فإنَّ الله إذا ذَكَر في القرآن ما نَسَبه إليه المشرِكون سبَّح نفسَه لنفسِه، قال تعالى: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ [الأنبياء: 26]، والله تعالى ذَكَر عائشةَ، فقال: ﴿ وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ [النور: 16]، فسبَّح نفْسَه في تنزيهِ عائشةَ، كمَا سبَّح نفسَه لنفسِه في تنزيهه؛ حكاه القاضي أبو بكر ابن الطيِّب[8].

وقال أبو بكر ابنُ زياد النيسابوريُّ: سَمعتُ القاسمَ بنَ محمَّد يقول لإسماعيلَ بن إسحاقَ: أُتِي المأمون في (الرَّقة) برَجلين شَتَم أحدُهما فاطمةَ، والآخَرُ عائشةَ، فأمَر بقَتْل الذي شتَم فاطمةَ وترَك الآخَر، فقال إسماعيلُ: ما حُكْمُهما إلاَّ أن يُقتلاَ؛ لأنَّ الذي شتَم عائشةَ ردَّ القرآن.

قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية - رحمه الله - تعقيبًا عليه: وعلى هذا مضَتْ سِيرةُ أهل الفِقه والعِلم مِن أهل البيت وغيرِهم.

وقالَ ابنُ العربيِّ - رحمه الله -: كلُّ مَن سبَّها بما برَّأها الله منه فهو مُكذِّب لله، ومَن كذَّب الله فهو كافِر.

وقال ابن قُدامة: فمَن قذَفها بما بَرَّأها الله منه فقدْ كفَر بالله العظيم.

وقال الإمامُ النوويُّ - رحمه الله -: براءةُ عائشة - رضي الله عنها - مِنَ الإفْك، وهي براءةٌ قطعية بنصِّ القرآن العزيز، فلو تَشكَّك فيها إنسانٌ - والعياذ بالله - صار كافرًا مرتدًّا بإجماعِ المسلمين.

وقال ابنُ القيِّم - رحمه الله -: واتَّفقتِ الأُمَّة على كُفْر قاذفِها.

وقد رُوِي عَنْ عَمْرِو بنِ غالِبٍ:أنَّ رَجُلاً نالَ مِنْ عائِشَةَ عندَ عَمَّارٍ، فقالَ: اغْرُبْ مَقْبوْحًا، أَتُؤذِي حَبِيبةَ رَسُول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم؟! قال الذهبيُّ في السِّيَر: صحَّحَه الترمذيُّ في بعضِ النُّسخ، وفي بعضِ النُّسخ قال: هذا حديثٌ حسَن.
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
رد: حملة [ بنات عائشة ] رضي الله عنها.. صور وتواقيع

زواج النبي بالسيدة عائشة عند العلماء والعقلاء والمنصفين

د. محمد ر مضان أبوبكر محمود - زكريا عثمان عباس



22.png
23.png
24.png
25.png
26.png



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه.

وبعد:
فإن ممَّا يُدمِي القلب، ويَبعث الأَسَى في النفس: أن يَنقلِب الحقُّ باطِلاً، والباطلُ حقًّا، وأن يُلتَمس لأشرفِ مخلوقٍ وأطهرِ نفسٍ على وجه الأرض ما يُعابُ به، فقد حاوَل بعض الناس أن يَنالوا من عظمة خير خلق الله سيدنا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وذلك من خلال قصَّة زواجِه من السيدة عائشة - رضي الله عنها - فقد صَوَّروا هذا الزواج الشَّرِيف بصورة ما يحدث أحيانًا من زواج رجلٍ كبيرٍ في السنِّ من فتاة صغيرة لأجل المتعَة والشهوَة فقط، بل صَوَّروا السيدة عائشة - رضي الله عنها - بصورة الطفلة الصغيرة التي زوَّجها أبوها لصَدِيقه إرضاءً له وطلبًا للحَظْوَة عنده، وجعلوا فارِق السنِّ تُكَأَةً للطعْن في أخلاق النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومن العدْل عدمُ الحكْم على شخصيَّة - خاصَّة إذا كانت ذاتَ قيادة وريادة في مَسِيرة الإنسانية - من خِلال واقِعَة مُعيَّنة بدون الرُّجوع إلى معرفة كافِيَة عن هذه الشخصيَّة، وسِيرَتها الذاتيَّة، ثم المعرفة الحقيقيَّة لهذه الواقعة، وعدم الاكتِفاء بأقوال الحاقِدين المعانِدين، الذين يُرِيدون صرْف أنوار الحقِّ عن الخلق.

لهذا فإننا - قبل الحديث عن هذا الزواج - ندعو العُقَلاء والمنصِفين من البشَر لمُطالَعة طرفٍ يَسِير جدًّا من أقوال المستشرِقين المنصِفين من غير المسلِمين الذين درسوا حياة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وخرجوا بحقائق مهمَّة، فقد وقف كثيرٌ من العُظَماء والمفكِّرين من غير المسلمين عَبْرَ التاريخ أمام سيدنا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - موقف التعظيم لسيرته والإعجاب بشخصيَّته، والإشادة بمواقفه ومَبادِئه، فهذا هرقل عظيم الرُّوم يَطرَح كثيرًا من الأسئلة عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - على أبي سفيان - الذي كان وقتَها أشدَّ أعداء الإسلام - ليَنتهِي به المَطَاف بصدق دعوة محمدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بقوله: "لو كنت عنده لغسلت عن قدمه".

أمَّا النجاشي ملك الحبشة فقد أخضَلَ بُكاؤُه لحيتَه عندما سمع بعض ما جاء به محمدٌ قائلاً: "إن هذا الكلام والذي جاء به عيسى ليَخرُجان من مِشكاة واحدة".
يقول المفكِّر الفرنسي لا مارتين: محمد هو النبيُّ، الفيلسوف، الخطيب، المشرِّع، المحارِب، قاهِر الأهواء، وبالنظر لكلِّ مقاييس العظمة البشرية، أَوَدُّ أن أتساءَل: هل هناك مَن هو أعظم من النبي محمد؟!
أمَّا الأديب الإنجليزي الشَّهِير برنارد شو فيقول: إن العالَم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد، هذا النبي الذي لو تولَّى أمرَ العالم اليوم، لوُفِّق في حلِّ مشكلاتنا بما يُؤمِّن السلام والسعادة التي يَرنُو البشر إليها.
أمَّا مايكل هارت فيقول في كتابه "الخالدون مائة أعظمهم محمد": إن اختِياري محمدًا ليكون الأوَّل في أهمِّ وأعظم رجال التاريخ، قد يُدهِش القُرَّاء، ولكنَّه الرجل الوَحِيد في التاريخ كلِّه الذي نجح أعلى نجاح على المستويين: الديني والدنيوي.
الزَّعِيم الهندي المهاتما غاندي الذي يقول: بعد انتِهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول محمد، وجدت نفسي بحاجة للتعرُّف أكثر على حياته العظيمة، إنه يملك بلا مُنازِع قلوب ملايين البشر.
أمَّا الكاتب الإنجليزي توماس كارلاي فيقول: إني لأُحِبُّ محمدًا لبراءة طبعه من الرِّياء والتصنُّع... إنه يُخاطِب بقوله الحرِّ المُبِين قَياصِرَةَ الرُّوم وأَكاسِرة العجم، يُرشِدهم إلى ما يجب عليهم لهذه الحياة الدنيا والحياة الآخِرة.
أمَّا الأديب البريطاني جورج ويلز فيرى في محمدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أعظم مَن أقام دولةً للعدل والتسامح.
أمَّا الباحِث الإنجليزي لاينثر فيَقول: إنِّي لأجهر برَجائي أن يجيء اليومُ الذي يَحتَرِم فيه النصارى المسيحَ - عليه السلام - احتِرامًا عظيمًا باحترامهم محمدًا، ولا رَيْبَ في أنَّ المسيحيَّ المُعتَرِف برسالة محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وبالحق الذي جاء به هو المسيحي الصادق.
ويري الأديب الروسي الشهير تولستوي: أنَّ شريعةَ محمدٍ ستَسُودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة.
ويقول المستشرِق ميشون: إن الإسلام الذي أمر بالجهاد قد تَسامَح مع أتباع الدِّيَانات الأخرى، وبفضل تعاليم محمد لم يمسَّ عمر بن الخطَّاب المسيحيين بسوء حين فتح القدس.
ويقول المؤرِّخ الفرنسي جوستاف لبون: إن محمدًا هو أعظم رجال التاريخ.
أمَّا مؤلِّف موسوعة "قصة الحضارة" ول ديورانت فيقول: إذا ما حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أَثَرٍ في الناس، قلنا: إن محمدًا هو أعظم عُظَماء التاريخ.

وصدَق الله العظيم إذ يقول: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4].

وبعدُ، فهذه نُبْذَة يَسِيرة عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - آثَرتُ أن تكون من أقوال غير المسلمين؛ حتى لا نُتَّهم بالمُحابَاة لنبيِّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأحبَبتُ أن أُقدِّمها بين يدي موضوعنا حتى يعلم الجميع عمَّن نتحدَّث، وحتى لا نفصل الواقعة التي لم يفهمها البعض عن الشخصية التي عَرَفها عقلاء وعلماء الشرق والغرب وشهدوا لها بالعظمة.

والآن هيَّا ننظُر إلى هذا الزواج المُبارَك بعين الحق والإنصاف، ولكي يتَّضح الأمر بجلاء لِمَن يسأل عن زواج النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالسيِّدة عائشة - رضِي الله عنها - سؤال استِيضَاح وبيان؛ ليعرف المُلابَسات التي صاحبَتْ هذا الزواج، والحكمة من ورائه - أوضِّح له ذلك في نِقاط مُحدَّدة، فأقول:
الحياة الزوجية لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قبل زَواجِه بالسيِّدة عائشة - رضِي الله عنها -:
أولاً: النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - تَزَوَّج في شبابِه، وهو في الخامسة والعشرين من عمره لأوَّل مَرَّة بالسيدة الفاضلة خديجة - رضِي الله عنْها - وكان قد سبَق لها الزواج مَرَّتين، وكانت تَكبُرُه بخمس عشرة سنة؛ فقد كانت في سنِّ الأربعين من عمرها، ولم يكن ذلك عن قِلَّة ذات يَدٍ، أو رغبة في رفعة النَّسَب، كلاَّ، بل كان - صلَّى الله عليه وسلَّم - تاجِرًا مَعرُوفًا بين أهل مكَّة بالأمانة يَتمنَّى كلُّ صاحب مالٍ أن يُتاجِر له - صلَّى الله عليه وسلَّم - في ماله، ولم يكن بين أهل مكة مَن هو أعلى نسَبًا ومكانَةً منه؛ فهو هاشميُّ الأب والجدِّ، وكان جدُّه عبدالمطَّلِب سيِّد مكة بلا مُنازِع، وأمُّه وأخواله من بني زهرة - قبيلة معروفة بمكة - ومن ثَمَّ كانت تَطمَع في مُصاهَرَتِه جميع بُيُوتات مكَّة؛ بل العرب كلها.

ثانيًا: قضى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فترةَ شبابِه كلَّها مع السيدة خديجة - رضي الله عنها - ولم يَتزوَّج عليها حتى تُوُفِّيَت، وكان قد بلغ الخمسين من عمره، والمجتمع من حوله لا يَعِيب على الرجل أن يتزوَّج على امرأته مَرَّة أو مرَّتين أو مرَّات عَدِيدة، ولم يُعرَف عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا قَبْلَ الزواج ولا بعدَه أنه تَطَلَّع إلى امرأةٍ، أو دنَّس عِرضه بالسِّعْيِ وراء الجواري والغانِيَات - وما أكثَرَهنَّ بمكَّة في ذلك الوقت - ولو حدَثَ هذا لكان أعداؤه من أهل مكَّة أوَّلَ مَن يَنشُرون عنه ذلك ويتَّهمونه به، وهذه الفترة هي فترة اشتِداد الشهوة والرغبة عند الرجال.

ثالثًا: تزوَّج النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعد السيدة خديجة - رضِي الله عنها - بامرأةٍ مُسِنَّةٍ سبَقَ لها الزواج من قبله، وهي أكبر منه بكثيرٍ وهي السيِّدة سَوْدَة بنت زَمْعَة - رضي الله عنها - ليُواسِيَها بعد وفاة زوجها بالحبشة، ويُنفِق عليها.

من هنا نظَرَ العلماء والعقلاء والمنصِفون إلى الخمسين سنةً الأولى في حياة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فوجدوها مُنِيرة خالِيَة من أيِّ شائبة، ووجَدُوها نموذجيَّة مِثالِيَّة لائقة بعظمة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في مجال الحياة الزوجيَّة، وعلى الرغم من وجود الحريَّة التامَّة في الزواج بأجمل جميلات العرب وعدم إنكار مُجتمَعِه للتعدُّد، فإنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يفعل ذلك؛ ممَّا جعل العقل يَحكُم باستِحالَة أن تتفجَّر الشهوة فجأة بعد هذه السن عند النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليتزوَّج من أجلها؛ ومن ثَمَّ فلا بُدَّ من أن يكون زواجه - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعد ذلك لحِكَمٍ ومعانٍ أخري غير قضاء الوَطَر والشهوة فقط.

كان هذا الزواج بوحي من الله - تعالى -:
من المعلوم أنَّ رُؤيَا الأنبياء حقٌّ ووحيٌ كرُؤيَا إبراهيم - عليه السلام - حينما رأى أنه يَذبح ولده، ولقد رأى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - السيِّدة عائشة - رضِي الله عنها - في المنام، وأخبَرَه الملك أنها زوجته فاستَمِع معي إلى هذه الرواية عن هشامٍ، عن أبيه، عن عائشة - رضِي الله عنها - أنها قالَتْ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أُرِيتُك في المَنامِ ثلاثَ ليالٍ جاءَني بكِ المَلَكُ في سَرَقَةٍ - أي: قطعة جيِّدة - من حريرٍ فيقول: هذه امرأتك، فأكشف عن وجهك فإذا أنتِ هي، فأقول: إن يكُ هذا من عند الله يُمضِهِ))؛ (رواه مسلم).

وتأمَّل في قول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إن يكُ هذا من عند الله يُمضِهِ))، وكأنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يرى هؤلاء المُعتَرِضين والمُستَغرِبين من الحاقِدين ومن غير العالِمين بحقائق الأمور الذين استغرَبُوا هذا الزواج المُبارَك في هذا العصر فقط، فأخبَرَ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه ما دام هذا من أمر الله فسيُمضِيه الله؛ لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ما كان له أن يَحِيد عن وحي ربِّه طَرْفَة عينٍ، وتَلمَح فيه طاعَتَه لربِّه، وتوكُّله عليه، ويقِينه بأن لله حكمةً بالِغةً في كلِّ ما يقضيه - سبحانه وتعالى - ومع ذلك فقد كان من شريعته - صلَّى الله عليه وسلَّم - إثبات حقِّ المرأة في قبول النكاح أو رفضه، فقد أثبت النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - للفتاة الحقَّ في قبول النكاح أو رفضه؛ فعن عائشة - رضِي الله عنها -: "أن فتاةً دَخَلَتْ عليها فقالت: إن أبي زوَّجني من ابن أخيه، ليَرفَع بي خَسِيستَهُ، وأنا كارِهة، قالت: اجلسي حتى يأتي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فجاء رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فأخبرتْهُ فأرسل إِلى أبيها فدعاه، فجعل الأمرَ إليها - أي: الحق في القبول أو الرفض - فقالت: يا رسول الله، قد أَجَزْتُ ما صنع أبي، ولكن أردتُ أن أُعْلِمَ النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء"؛ (أخرجه النسائي).

وليس بأعجب من أن تروِي هذه الواقعة السيدة عائشة - رضي الله عنها - بنفسها لتَرُدَّ على كلِّ مُتَقوِّلٍ على زواجها من نبيِّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - كيف تَمَّ الزواج المبارَك بعد الرؤيا التي رآها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثلاث ليالٍ وعلم أنه أمر الله - عزَّ وجلَّ - قدَّر الله أن تقترح امرأةٌ تُسمَّى خَوْلَة بنت حكيم على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يتزوَّج عائشة بنت أبي بكر - رضِي الله عنهما - وفي هذا العرض دليلٌ على طبيعة هذا الزواج، ورأَتْ أنه إنْ فَعَلَ هذا تمتَّنت هذه الصِّلَة بينه وبين أحبِّ الخلق إليه؛ إنه سيدنا الصدِّيق - رضِي الله عنه.

والحقيقة أن الزواج يُقرِّب، فالزواج أحد أكبر وسائل التقارُب بين الأُسَر؛ لأنَّ علاقة النسب وعلاقة الزواج هي من أقدس العلاقات على الإطلاق.

الآن ندع الحديث للسيِّدة خَوْلَة بنت حكيم تحدِّثنا عن هذه الخطبة:
تقول - رضِي الله عنها -: دخلتُ بيتَ أبي بكر فوجدت أمَّ رُومَان زوجته - أي: أم عائشة - فقلت لها: ماذا أدخَلَ الله عليكم من الخير والبركة؟! - تبشِّرها بخير عظيم - قالت: وما ذاك؟
فقالت: أرسلني رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأخطب له عائشة.
قالت: ودِدتُ - أي: أحب هذا وأتمناه - انتظِري أبا بكرٍ فإنه آتٍ - وهذا من الأدب مع الزوج - وجاء أبو بكر، فقلت له: يا أبا بكر، ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة؟! أرسلَنِي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأخطُبَ له عائشة.

تصوَّروا ماذا قال؟ قال الصدِّيق - رضِي الله عنه -: وهل تصلح له؟! (رأى مقامه أكبر بكثيرٍ من أن تكون عائشة الصغيرة زوجته، وهل تصلح له؟) إنما هي بنت أخيه.

فرجعتُ إلى النبيِّ - عليه الصلاة والسلام - فقلت له ما قال أبو بكر، فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((ارجِعي إليه فقولي له: أنا أخوك وأنت أخي في الإسلام، وابنتك تصلح لي))، فرجعت"؛ (من "مسند أحمد": عن "السيدة عائشة").

وذلك لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عَلِم أن الله سيُمضِي هذا الزواج ويُبارِك فيه، فأتيتُ أبا بكرٍ فذكرت له ذلك، فبرزت مشكلة - ترفع مقام سيدنا الصدِّيق للأَوْجِ.

قال: انتظريني حتى أرجع.
قالت أمُّ رُومان تُوضِّح الموقف لخَوْلَة: إن المُطعِم بن عدي كان قد ذكر عائشة على ابنه جُبَير، ولا والله ما وعد أبو بكرٍ شيئًا قطُّ فأخلف.

ذكر المُطعِم بن عدي أنه يَرْغَب في أن يزوِّج ابنه جُبَيرًا من عائشة، وسيدنا الصدِّيق ما أقرَّ ولا نفى، ولكن سكوته شبه وعد، فلا يقدر أن يبتَّ في الأمر، للوفاء بالوعد، الجبير بن المُطعم بن عدي هل يُوزَن مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم؟ أبدًا، لا، ولكن الوفاء بالعهد من الدين، فأنا أتصوَّر أن سيِّدنا الصدِّيق كاد يتمزَّق إنْ فاتَتْه فرصة زواج رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعائشة، ولم يخطر في باله أبدًا أن يخطب النبيُّ - عليه الصلاة والسلام - ابنته عائشة، طبعًا كلُّ أبٍ إذا جاءَه شابٌّ جيِّدٌ وأعلَنَ عن رغبته فمن الممكن أن تُرَحِّب، وبالترحيب يَصِير شبهَ وعدٍ، لا يستطيع أن يقول: نعم للنبيِّ حتى يُنهِي هذه المشكلة، فذهب من تَوِّه إلى المُطعِم بن عدي.

دخل أبو بكر على مُطعِم وعنده امرأته أم جُبَير، وكانت مُشرِكةً، فقالت العجوز: يا ابن أبي قُحافة، لعلَّنا إن زوَّجنا ابننا من ابنتك أن تصبئه وتُدخِله في دينك الذي أنت عليه.

نحن عندنا مشكلة معك، نَخاف أن نُزوِّج ابننا من ابنتك فتصبئه معك وتُدخِله في دينك، هذا كلام الزوجة، سيدنا الصدِّيق لم يردَّ عليها إطلاقًا بل التفَتَ إلى زوجها المُطعِم فقال: ما تقول هذه؟ - أي: أنتَ موافق؟ هل حقًّا تخاف إن زوَّجْت ابنك ابنتي أن يدخل معي في الإسلام؟ - فقال: إنها تقول كذلك؛ أي: أيَّدَها، ووافَقَها، واعتَمَد قولها.

فخرج أبو بكرٍ - رضِي الله عنه - وقد شعر بارتياحٍ لِمَا أحلَّه الله من وعده، وعاد إلى بيته فقال لِخَوْلَة: ادعي لي رسول الله.

يبدو أن هناك تقليدًا في الحياة العربية أنَّ الخاطِب لا بُدَّ من أن يأتي إلى بيت المخطوبة هكذا، انظر إلى الموقف الأخلاقي: ((لا إيمانَ لِمَن لا أمانةَ له، ولا دِين لِمَن لا عهدَ له))؛ (من "مسند أحمد"، عن "أنس بن مالك").

سيدنا الصدِّيق، أنا أتصوَّر أنه قد دخَل على قلبه من الفرح ما لا يصفه إنسانٌ، ومع ذلك مُرتَبِط بوعْد، قال لها: انتَظِري، الله - عزَّ وجلَّ - هيَّأ الجوَّ، وتكلَّمَتْ هذه المرأة المشرِكة فقالت: أنا أخشى إن زوَّجتُ ابني ابنتَك أن تُدخِله معك في دينك، تركها، ما تقول يا رجل؟ يعني: زوجها، قال كما قالت، إذًا انتهى الموضوع.

فقال لِخَوْلَة: ادعِي لي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فمضَتْ خَوْلَة إلى الرسول الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - فدعَتْه، فجاء بيت صديقه أبي بكر، فأنكَحَه عائشة وهي يومئذٍ بنت ستِّ سنين أو سبع - طبعًا لم يقع زواجٌ لكن جرى عقدٌ - وكان صَداقُها خمسمائة درهم، (انظر: موسوعة دكتور راتب النابلسي).

إذًا؛ عقَدَ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - على السيِّدة عائشة بمكَّة وهي بنت ستِّ سنين، ودخل بها في المدينة وهي بنت تسع سنين، فلماذا انتظر النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - هذه السنوات الثلاث؟ لأن السيِّدة عائشة لم تكن قد بلغت المحيض عند العقْد عليها، ثم بلغت بعد ذلك وصارت مُطِيقةً للزواج، وعندها بنى بها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يعنى: كانت قد خرجت من طور الطفولة إلى طور الفتيات البالغات.

اعتبارات الزمان والمكان عند العلماء والعقلاء والمُنصِفون:
للفارِق الزمني واختلاف الأماكن أكبرُ اعتبارٍ في الحكم على مثل هذا الزواج، فقد كان ذلك معروفًا في ذلك الزمان عند العرب والأوربيِّين على السواء؛ فبنات نبيِّ الله داود كُنَّ يتزوَّجن في هذه السن، وكذلك أحبَّ (دانتي) (بياتريس) وشبب بها وكانت في السادسة، وكانت (جوليت) في رواية (شكسبير) أمُّها تُعَيِّرها أنها صارت في الثالثة عشرة من عمرها ولم تتزوَّج، بينما رَفِيقاتها تزوَّجن في التاسعة وقبل ذلك، وصار لهنَّ أولاد يذهبن للمدارس.

مَن يُمارِي ويُكابِر في بلوغ السيِّدة عائشة في سنِّ التاسعة، ويَقِيسها على بنات التاسعة اليوم - إنسانٌ لا علم له بالتطوُّر الجسدي للإنسان عبر التاريخ، ولا علم له بالفُرُوق الفرديَّة بين الناس في وقت بُلوغهم، ولا علم له - أيضًا - بأثر الظروف المناخية والبيئية في بلوغ الإنسان؛ فقد مرَّ بالإنسان فترات تاريخية قديمة كان جسده من حيث البنيَة والطُّول أضعاف ما عليه الآن، والناس ما زالوا يتناقَصُون في هذا جِيلاً بعد جيل حتى يومنا هذا، وقد تجد أخوين في أسرة واحدة بينهما فارق في وقت البلوغ يصل إلى عامٍ أو عامين، فضلاً عمَّا هو مُطَّرِد عند الكثير من الشعوب من بلوغ البنات قبل البَنِين، والظُّروف المناخية والبيئية؛ من الحرارة والبرودة، والجفاف والخصوبة، والحضارة والبداوَة، ووسائل الإعلام والاتِّصال ونحوها عوامِل مُؤثِّرة بدرجة كبيرة في سرعة وتأخُّر بلوغ الفتى والفتاة؛ والدليل على ذلك في عصرنا الحالي حيث انخفَضَ سنُّ البلوغ في أغلب أنحاء العالم مع النموِّ الجنسي المبكِّر للفِتيان والفَتيات، وكثرة المُثِيرات الشهوانيَّة التي أفرزَتْها التغيُّرات الاجتِماعية والصناعيَّة والثقافية والإعلامية التي طرَأَتْ على العالم في القرن العشرين.

شهادة العلم:
يقول د. محمد علي البار: "انخفَضَ سنُّ البُلوغ في الولايات المتَّحدة وأوروبا بمعدَّل ثلاثة أشهر لكلِّ عقد من الزمن، وأنه انخفَضَ بمعدَّل سنتين ونصف منذ بداية القرن العشرين".

ولِمَ نذهب بعيدًا، وهذا البيان المشتَرَك بين مُنَظَّمة الصحَّة العالمية و(اليونيسف) حول صحَّة التوالُد في سنِّ المُراهَقة يُقَرِّر هذا فيقول: "مع انخِفاض سنِّ بَدْءِ الإحاضة (الحيض) والاتِّجاه المُتزايِد نحو تأخير سنِّ الزواج، أصبحَتْ هذه الفترة أكثر طولاً، وبدأت الاتِّجاهات التقليدية تتغيَّر، وفى نفس الوقت أخذَتْ سلطة العائلة تضعف، وأصبح التحوُّل الحضري والهجرة أكثر شيوعًا، كما أن شباب اليوم يَزداد تعرُّضًا للسياحة ووسائل الإعلام، وهذه كلها عوامل تُؤَدِّي إلى إحداث تغيُّرات كبرى في السلوكيات الاجتماعية والجنسية".

وأتوقَّع أنه لو استمرَّ هذا الوصف على ما هو مذكور ستَعُود بداية الحيض عند المرأة في أغلب شعوب العالم إلى التاسعة أو ما دونها.

العمر الزمني والعمر العقلي:
إنَّ النموَّ الجسدي يختلِف في بعض الأحايين عن النموِّ العقلي والنفسي؛ فقد نجد في بعض الفتيات صَغِيرات السن من الحكمة والعقل وحسن التصرُّف والاستيعاب والفهم ما لا نجده عند كبيرات السنِّ، وهذه هي الفُرُوق الفرديَّة التي لا يستَطِيع أحدٌ إنكارها.

والتاريخ والسيرة يُثبِتان أن السيدة عائشة كانت تَفُوق أَتْرابَها في صفات عقلية ونفسية كثيرة؛ منها: حِدَّة الذكاء، وقوَّة الحافِظَة، وسرعة البَدِيهة، والجُرْأَة في قول الحق، وغيرها، فقد كانت عالِمة بالحديث والفقه، وتحفظ الشِّعر وتروِيه، وكانت عالِمة بالطبِّ أيضًا، بحيث يُمكِن أن نعدَّها معجزة بين أقرانها، ونضعها في مَصافِّ أعظم النساء عقلاً وحكمة.

لعلَّ قائلاً يقول: نُسلِّم بأن السيدة عائشة بلغت سن الزواج، لكن لِمَ التعجُّل في زواجها من رجلٍ يَكبُرها بكلِّ هذه الأعوام؟

أقول: وأين هذه العجَلَة وقد كانت الجَدَّات منذ عهد قريب - وما زال هذا في بعض البلاد - يَتزوَّجن بمجرَّد بلوغهن مُباشَرة، ولم يكن في هذا عيبٌ أو ضررٌ يقع على الفتاة، بل على العكس تُثبِت الدراسات الطبيَّة أن الفتاة عند البلوغ تكون مُهَيَّئة تمامًا للزواج من الناحية الفسيولوجية عكس الفتي "ذلك أن الانقِسام الاختزالي في الخلايا الجرثومية التناسلية عند الرجل لا يبدأ إلا عند البلوغ، ويحتاج إتمامه إلى ثلاثة أسابيع على الأكثر، بينما الانقسام الاختزالي للمرأة يبدأ وهى بعدُ جنين في بطن أمِّها ولا يكتمل إلا بعد الزواج، وعند وجود الحيوان المنوي الذي سيلقح البويضة، وآخِر البُوَيضات خروجًا؛ أي: قبل سنِّ اليأس مُباشَرة يكون قد مضى عليها خمسون عامًا منذ ابتداء انقسامها الاختزالي".

ومعنى هذا: أن المرأة تُولَد ولدَيْها استعدادٌ للحمل والولادة، إلاَّ أن هذا الاستعداد لا يتحوَّل إلى واقِعٍ إلا عند البلوغ.

فارِقُ السنِّ أمرٌ طبيعي في ذلك المجتمع:
أمَّا فارِق السنِّ بين النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فلم يكن المجتمع العربي في ذلك الوقت يَستنكِر أن يكون الزوج أكبر من الزوجة بكثير، أو الزوجة أكبر من الزوج بكثير، كحال المجتمعات المعاصِرة، بل كان هذا شيئًا طبيعيًّا؛ بدليل أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - نفسه تزوَّج بعددٍ من النساء أكبر منه سِنًّا كالسيدة خديجة والسيدة سَوْدَة والسيدة زينب بنت خُزَيمة، وبعض الصحابة تزوَّجن ممَّن يصغرن عنهم بأعوامٍ كثيرة؛ كسيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين تزوَّج بالسيدة أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب - رضِي الله عنها - وكان هو أمير المؤمنين، وكانت هي فتاة صغيرة قد بلغت الحلم.

وفي الكتاب المقدَّس أن السيدة مريم كانت وهي بنت الثانية عشرة من عمرها كانت مخطوبة ليوسف النجَّار وله تسعٌ وثمانون سنة؛ أي: إن فارِق السن بينهما سبع وسبعون سنة، في حين أن فارِق السنِّ بين نبيِّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - وبين السيدة عائشة - رضي الله عنها - واحد وأربعون سنة، فلِمَ التعجُّب إذًا؟!

إقرار الأعداء المتربِّصين:
وممَّا لا شكَّ فيه أنَّه لو كان زواج النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالسيدة عائشة - رضِي الله عنها - ممَّا يمكن أن يكون مَطْعَنًا في شخصيَّة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أو سيدنا أبي بكر أو السيدة عائشة - رضي الله عنهما - لكان المشركون من قريش وأعداؤه من اليهود وغيرهم - وما أكثرهم في ذلك الوقت في مكَّة والمدينة - أوَّل مَن يستنكِرون عليه ذلك، ويعدُّونه مَنْقَصَة وعيبًا كبيرًا يُشِيعونه، ويَتندَّرون به في المجالس ليَصُدُّوا الناس به عن الإيمان بالنبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ورسالته، أمَا وإن ذلك لم يحدث، فهذا من أكبر الأدِلَّة على أن فارِق السنِّ لم يكن له أدنى تأثير في الزواج في المجتمع العربي في ذلك الوقت.
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
رد: حملة [ بنات عائشة ] رضي الله عنها.. صور وتواقيع

من فوائد ومَنافِع هذا الزواج المبارَك:
أولاً: علمها - رضِي الله عنها -: لقد انتفعت الأمَّة بما تميَّزت به السيدة عائشة - رضي الله عنها - من قدرات علمية وذهنية فائِقة لم تتوفَّر في العادة لمثلها.

فقد قال بعض العلماء: "إن ربع الأحكام الشرعيَّة عُلِم منها".

إنَّ ربع الأحكام الشرعيَّة التي عرَفناها من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إنما عُرِفَت من أحاديث روَتْها السيِّدة عائشة - رضِي الله عنها - فامرأة النبي، زوجة النبي، أم المؤمنين لها دورٌ خطيرٌ جدًّا في الدعوة؛ لأنها يمكن أن تختصَّ بالنساء، فمن المعلوم أن النساء كُنَّ يسألن النبي - عليه الصلاة والسلام - عن موضوعاتٍ تَخُصُّ حالَهنَّ، وأفضَلُ إنسان تُعَبِّر عن الأحكام الشرعية المتعلِّقة بالمرأة زوجة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذًا لها دورٌ في الدعوة كبيرٌ، وفي هذا دليلٌ على رفْع الإسلام لقدر المرأة.

ويقول العلماء أيضًا: "ما رأَوْا أحدًا أعلم بمعاني القرآن وأحكام الحلال والحرام من السيِّدة عائشة، وما رأى العلماء أحدًا أعلم بالفرائض (أي: علم المواريث) والطب والشِّعر والنسب من السيدة عائشة".

مع أنها صغيرةٌ إلا أنها كانت شيئًا نادِرًا في الذكاء، وشيئًا نادرًا في الحفظ، وشيئًا نادرًا في الوفاء للنبي - عليه الصلاة والسلام.

من هنا أَيْقَنَ العلماء والعقلاء والمنصِفون أن زوجات النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قد اختارهنَّ الله - جلَّ جلاله - له لما سيكون لهن من دورٍ في الدعوة مُستَقبَلاً.

وهذه السيدة الجليلة - السيدة عائشة - روَتْ عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ألفَيْ حديث ومائتين وعشرة أحاديث، وحفِظَت القرآن الكريم كلَّه في حياة النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم.

إذًا؛ هناك حكمةٌ إلهيَّةٌ بالغة من أن الله - سبحانه وتعالى - هيَّأ لرسوله الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - هذه الزوجة العاقلة، المتَّقِدة في الذهن والذكاء والفِطنَة، كثيرة الملاحَظة، ذات النفسيَّة الطيِّبة.

يقولون: "ولو لم تكن السيِّدة عائشة - رضِي الله عنها - في تلك السن التي صحبت بها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهي السن التي يكون فيه الإنسان أفرغَ بالاً، وأشدَّ استِعدادًا لتلقِّي العلم، لما تهيَّأ لها ذلك".

فالعلم شيءٌ أساسٌ في حياة المؤمن، والنبي - عليه الصلاة والسلام - كلُّ شيءٍ يقوله ينبغي أن يُنقَل عنه، وأفضل امرأةٍ تنقل عنه زوجته؛ إذًا فلنطمئن أنَّ الله - سبحانه وتعالى - اختارَها على علمٍ لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.

قال الإمام الزُّهري: "لو جُمِع علم عائشة إلى علم جميع أمَّهات المؤمنين، وعلم جميع النساء، لكان علم عائشة أفضل".

والحقيقة أن الشيء الذي يُدهِش العقول، أو الشيء الذي يلفِت النظر أن تكون المرأة على درجة عالِيَة جدًّا من الفهْم والعلم والفقه، فالمرأة عند الناس امرأة، لكن المرأة التي تتمتَّع بعقلٍ راجح، وإدراكٍ عمِيق، وفهمٍ دقيق، وحفظٍ شديد، هذه امرأةٌ نادرةٌ جدًّا، وامرأةٌ مُؤَهَّلةٌ لأن تكون زوجة لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.

عَطاء بن أبي رَباح يقول: "كانت عائشة أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأيًا في العامَّة".
وقال أبو موسى الأشعري: "ما أَشكَل علينا أمرٌ فسألنا عنه عائشة، إلا وجدنا عندها فيه علمًا".
وقال مَسرُوق: "رأيت مَشْيَخَة أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - الأكابر يسألونها عن الفرائض".
وقال عروة: "ما رأيت أحدًا أعلم بفقهٍ ولا طبٍّ ولا شِعرٍ من عائشة".
وقال أبو الزِّناد: "ما كان ينزل بها شيءٌ إلا أنشدت فيه شعرًا".

لقد فاقت السيِّدة عائشة الأقمار الصناعِيَّة في تسجيل حركات وسكنات وأقوال نبيِّنا بالفهم والوعي.

ثانيًا: تقديم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - القدوة من نفسه للناس جميعًا في مُعامَلة المرأة صغيرة السن؛ لذا كان يتحمَّل منها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ما لا يتحمَّله من غيرها لصِغَر سنِّها، وفي هذا قدوة لِمَن تزوَّج امرأة صغيرة في السن تحتاج إلى التدليل والصبر عليها أكثر من غيرها، وكذلك جانب البكارة حيث كانت زوجات النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من الأرامِل والمطلَّقات، فكان لا بُدَّ أن يتزوَّج النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بامرأةٍ لم يَسبِق لها الزواج؛ ليعطي الرجال القدوة من نفسه في كيفيَّة مُعامَلتِها والعِشرة معها.

ومن الأمثلة على ذلك هذه الواقعة الطَّرِيفة التي تُعطِي أروع الأمثلة في حسن مُعاشَرة الزوجة الشابَّة مهما كانت الظروف وكثرة الأعباء؛ قالت السيدة عائشة - رضِي الله عنها -: خرجت مع النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في بعض أسفاره وأنا جاريَة لم أحمل اللحم ولم أبدن، فقال للناس: ((تقدَّموا))، فتقدَّموا ثم قال لي: ((تعالَيْ حتى أسابقك))، فسابَقتُه فسبقتُه فسكَتَ عَنِّي حتى إذا حمَلتُ اللحم وبَدُنت ونَسِيت، خرجت معه فى بعض أسفاره فقال للناس: ((تقدَّموا))، فتقدَّموا، ثم قال: ((تعالَيْ حتى أسابقك))، فسابقته فسبقني، فجعل يضحك وهو يقول: ((هذه بتلك))؛ ("مجمع الزوائد").

ثالثًا: تقديم القدوة في جانبٍ آخر وهو حبُّ الرجل لزوجته عندما يكون متزوِّجًا بأكثر من امرأة، فقد رزق الله - تعالي - النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - حبَّها، ومع ذلك لم يدفعه هذا الحبُّ إلى ظلم الزوجات الأُخرَيات، بل كان يَعدِل بينهن جميعًا، حتى في مرض موته كان يتنقَّل بين بيوتهن حتى أُذِن له أن يُمرَّض في بيت السيدة عائشة - رضِي الله عنها.

رابعًا: بيان مكانة ومنزلة سيدنا أبي بكر - رضِي الله عنه - عند الله - تعالى - وعند النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - حيث وجَّه الله - عزَّ وجلَّ - نبيَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - للزواج من ابنته، وهذا شرف ما بعده شرف.

هذه بعض الحِكَم التي لاحَتْ من زواج النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من السيدة عائشة - رضِي الله عنها - وإن كان الأمر كما سبق أن ذكرت لا يحتاج إلى التِماس العِلَل والحِكَم من ورائه؛ لأنه كان زَواجًا عاديًّا لم يُثِر أيَّ اتِّهام أو غَضاضة عند أعداء النبيِّ - عليه الصلاة والسلام - في حِينِه، بل لم يسترعِ انتباههم أصلاً، وهم الذين كانوا يبحثون في أخلاق النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن شيءٍ يتَّهمونه به، بل كانوا يُلصِقون به ما هو منه بَراء من قولهم: ساحر ومجنون، ونحوهما، فلمَّا سكتوا عن هذا دلَّ ذلك على أن الأمر طبيعيٌّ لم يخرج عن المألوف في المجتمع آنذاك، فكيف يأتي اليوم مَن يتَّخذ من هذا الأمر ذريعةً للطعن في أخلاق النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم؟!

السيدة عائشة - رضِي الله عنها - خُيِّرت فاختارَتْ:
واقعة التخيِير من الوقائع الشهيرة في بيت النبوَّة والتي ثبتَتْ بالقرآن والسنَّة؛ وذلك أن نساء النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - سألنَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يُوسع عليهن في النفَقَة، وأغضب ذلك رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأنه مسؤول عن الأمَّة كلِّها، وفيهم الفقير والضعيف وذو الحاجة، وهو لهم جميعًا كالأب، وحاجَة بيوتهم قدَّمها - صلَّى الله عليه وسلَّم - على حاجة بيته، فقد كانت تأتيه الأموال الكثيرة فيضعها في مصالح المسلمين وحاجاتهم.

ومن ثَمَّ نزل القرآن الكريم يأمُر النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يُخَيِّر نساءه بين البقاء معه وتحمُّل أعباء قِيادة الأمَّة، وبين الفِراق بعد أخْذ حقوقهنَّ كاملة، فانظر معي إلى مُجرَيات هذه الواقعة.

فعن جابر بن عبدالله - رضِي الله عنه - قال: دخل أبو بكر يستأذِن على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فوجد الناس جلوسًا ببابه لم يُؤذَن لأحدٍ منهم - قال: - فأَذِن لأبي بكر فدخل، ثم أقبَلَ عمر فاستأذن فأَذِن له، فوجد النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - جالسًا حولَه نساؤه واجِمًا ساكِتًا، قال: فقال: لأقولنَّ شيئًا أُضحِك النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا رسول الله، لو رأيت بنت خارجة - يعني: زوجته - سألتْني النفَقَة فقمت إليها فوَجَأْت عنقها!

فضحك رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقال: ((هنَّ حولي كما ترى يسألنني النفَقَة))، فقام أبو بكر إلى عائشة - ابنته - يجأ عنقها، فقام عمر إلى حفصة - ابنته - يجأ عنقها، كلاهما يقول: تسألن رسول الله ما ليس عنده، فقلن: والله لا نسأل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - شيئًا أبدًا ليس عنده، ثم اعتزلهن شهرًا أو تسعًا وعشرين، ثم نزلت عليه هذه الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 28- 29].

قال: فبدأ بعائشة فقال: ((يا عائشة، إني أريد أن أعرض عليك أمرًا أحبُّ ألا تَعجَلِي فيه حتى تَستَشِيري أبوَيْك))، قالت: وما هو يا رسول الله؟ فتلا عليها الآية قالت: أفيكَ يا رسول الله أستشير أبويَّ؟! بل أختار اللهَ ورسولهَ والدارَ الآخرة، وأسألك ألاَّ تخبر امرأةً من نسائك بالذي قلت، قال: ((لا تسألني امرأةٌ منهن إلاَّ أخبرتها، إن الله لم يبعثني معنتًا ولا مُتعنِّتًا، ولكن بعثني معلِّمًا مُيَسِّرًا))؛ (رواه مسلم).

لا يخفى ما في هذا الحديث من فوائد، منها:
عدم استجابة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأيِّ رغبةٍ تُنافِي مصلحة المسلمين.
لم يرضَ لنفسه وأهل بيته أن يعيشوا عيشة الملوك المُتْرَفِين، وينسى آلامَ المحرومين.
غضب وحزن المسلمين جميعًا لغضب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - والرغبة في التسرِيَة عنه.
اعتِزَال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لنسائه شهرًا تأديبٌ وطريقة تربوية تتناسَب مع حجم الخطأ، وتقوِيَةٌ لهمَّة التحمُّل في مستقبل الأيَّام، وفيه ردٌّ على مَن زعَم أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - تزوَّج للشهوة؛ لأن مَن يفعل ذلك إنما يكون في قمَّة قيادة الضبْط لأحوالهم وأفعالهم.
بَدْءُ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالسيِّدة عائشة دليلٌ على فضلها، ولو بدأ بغيرها لأمكن أن يُقال بأنها قلَّدت مَن قبلها.
طلب النبي منها عدم التعجُّل ومشاوَرَة أبوَيْها ترغيبًا في التريُّث عند القرارات المصيريَّة، وإعطاء حق التفكير والمشاورة.
في قولها بيانٌ لرَجاحة عقلها، وعلمها بخصوصيَّتها والأمور التي لا تُشرِك فيها حتى أباها وأمها.
في قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إن الله لم يبعثني مُعنِّتًا)) بيانٌ لأدبٍ من آداب النبوَّة وهو الصدق والوضوح والرِّفق بالعِباد، وعدم الاستجابة لطلب مَن يخالف ذلك.

وأخيرًا:
تعالَوْا لنأخذ لَمْحَةً يَسِيرة عن بعض المشاعر التي ظهرت في هذا الزواج الميمون من خلال الحبِّ والفخْر والغَيْرَة عند السيِّدة الفاضلة، إن الحب الجمَّ والفخر والغيرة شواهد ودلائل صدق على مثاليَّة هذا الزواج المبارَك؛ فقد ثبَتَ أن السيدة عائشة - رضي الله عنها - المبارَكة الطاهِرَة الواعِيَة العالِمَة كانت تحبُّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حبًّا جمًّا، وتفتَخِر على نساء النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بمكانتها عنده؛ لأنه لم يتزوَّج بكرًا غيرها، وتَغار على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - غَيْرَةً شديدة، وهذه دلائل وشواهد صدْق على مِثالِيَّة هذا الزواج؛ لأن المرأة لا تفعل ذلك مع الرجل إلا لِمَا له من قيمة ومكانة سامِيَة، ومنزلة في قومه عالِيَة، ولما فيه من أخلاق وصفات وعظمة، ويَنتَفِي مع هذا أن تكون تألَّمت في هذا الزوج لحظةً من زمن، أو شعرت فيه بأدنى ندَم وألَم، وكأنَّ الطاهِرَة تردُّ بهذا على كلِّ مستغرب أو مُعتَرِضٍ على هذا الزواج قائلة: ما لكم ورسول الله الحبيب؟! ما لكم ورسول الله صاحب الخلق العظيم؟! وما لكم لا تشعرون بفرحتي وسعادتي، وفخري وعِزِّي، وطمأنينة قلبي بزواجه مِنِّي؟! وما لكم أقحمتم أنفسكم فيما لا تفهمون، وقلتم ما لا تعرفون؟!

وممَّا ورد في غَيْرَتِها أَنَّها - رضِي الله عنها - حدثت أَنَّ رسولَ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - خرج من عندها ليلاً، قالت: فغِرْتُ عليه - أي: فجاءتني الغَيْرَة على خروجه من عندي فاضطربت أفعالي وتغيَّرت أحوالي - فجاء فرأى ما أصنع فقال: ((ما لكِ يا عائشة؟ أغِرتِ؟))، فقلت: وما لي لا يَغار مثلي على مثلك؛ أخرجه مسلم؛ والمعنى: أي: كيف لا يَغار مَن هو على صفتي من المحبَّة ولها ضرائر على مَن هو على صفتك من النبوَّة والمنزلة من الله تعالى؟!

وإلى العلماء والعقلاء والمنصِفين أَسُوق هذه الرواية الشاهِدَة لعظمة هذا الزواج، والمُبيِّنة لبعض مَشاعِر الحبِّ الفيَّاض من السيِّدة الصدِّيقة الطاهِرة النقيَّة لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقد روى ابن عمير أنه قال: يا أُمَّه، أخبِرينا بأعجب شيءٍ رأيتِه من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: فسكتَتْ ثم قالت: لَمَّا كان ليلة من الليالي، قال: ((يا عائشة، ذريني أتعبَّد الليلة لربي))، قلت: والله إني لَأُحِبُّ قرْبك، وأحبُّ ما سرَّك، قالت: فقام فتطهَّر، ثم قام يُصلِّي، قالت: فلم يزل يبكي حتى بَلَّ حجره، قالت: ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلَّ لحيَتَه، قالت: ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلَّ الأرض، فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلمَّا رآه يبكي، قال: يا رسول الله، لِمَ تبكي وقد غفر الله لك ما تقدَّم وما تأخَّر؟ قال: ((أفَلاَ أكون عبدًا شَكُورًا، لقد نزلَتْ عليَّ الليلة آيةٌ، ويل لِمَن قرأها ولم يتفكَّر فيها: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ [آل عمران: 190]))، الآية كلها؛ ("صحيح ابن حبان").

وعند التأمُّل في هذه الرواية نرى الحب والإيثار والتقدير من الزوجة الكريمة الفاضلة، ونري المودَّة والتلطُّف واستئذان شريكة الحياة في الخلوة مع الله من النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - صاحب الخلق العظيم، ونرى الإقبال على القيام بحق الشكر لله بما لا مَثِيل له في عالم البشر.

وأقول: إن ما ذُكِر عن نموذجيَّة ومثاليَّة وبركات ومنافع هذا الزواج المبارك، وما تَخَلَّله من مشاعر المحبَّة والمودَّة والرحمة غَيْض من فَيْض، وفي القليل ما يُغنِي عن الكثير لدى أرباب الحكم القويم والرأي الرشيد، من العلماء والعقلاء والمنصفين.

أمَّا غيرهم من المُعانِدين والحاقِدين والمُغرِضين والجاهِلين، ففي أمثالهم قال الشاعر:
قَدْ تُنْكِرُ الْعَيْنُ ضَوْءَ الشَّمْسِ مِنْ رَمَدٍ
101.gif

وَيُنْكِرُ الْفَمُ طَعْمَ الْمَاءِ مِنْ سَقَمِ
101.gif


فما العيب في الشمس، ولا العيب في الماء، وستَبْقَى سيرة وأخلاق وآداب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - نورًا للخلق، ما بقيت الشمس مُطِلَّة بضِيائها على الدنيا، وستبقى - بفضل الله - شريعته وتعاليمه حياةً للأرواح وحادِيَة لها إلى عالم الأفراح في جنَّة القرب والرضوان ما بقي الماءُ سِرًّا وأساسًا للحياة.

وصلّى اللهم وسلّم وبارِك على سيِّدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
رد: حملة [ بنات عائشة ] رضي الله عنها.. صور وتواقيع

حملة الطعن والتشويه والتشكيك

الزعفران المغازي



22.png
23.png
24.png
25.png
26.png



حملة الطعن والتشويه والتشكيك

في أمهات المؤمنين والصحابة

رضي الله تعالى عنهم أجمعين



الحمد لله؛


لا غرابةَ إذا أرادَ زعيمُ كنيسةٍ صليبيَّةٍ إحراقَ المصحفِ الكريم.


ولا عجبَ من الصليبيين إذا استهزؤوا برسولنا الكريم، وتصويرِه بالرسومات على أنه إرهابيٌّ يحمل القنابل في عمامته.


أوَتعجبون منهم إذا أطلُّوا علينا بين الحين والحين؛ بإهانةٍ لديننا، أو إساءةٍ لرسولنا، أو تشويهٍ لقرآننا؟!


ولا تستغربوا أفعالَ يهود؛ الذين رسمت إحدى نسائهم مصحفاً وخنـزيراً، مصورةً إيَّاهُ أنه رسول الله، صلى الله عليه وسلم.


وكبيرُ حاخاماتهم؛ الذي صوَّر المسلمين والعرب على أنهم حشرات.


لا تسغربوا منهم إذا قتَّلوا أبرياءَ أمَّتنا في فلسطين؛ من شيوخٍ ونساءٍ، وأطفالٍ وشباب.


لا تستغربوا منهم؛ إذا اجتاحوا فدمروا المنازل والبيوت والدور، وجرَّفوا المزارعَ واقتلعوا الأشجار.


لأن لهم في التاريخ سوابقَ عديدة، فهم الذين قتلوا أنبياءهم، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [آل عمران: 21].

قال القرطبي [فيه ست مسائل: الأولى- قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ ﴾ قال أبو العباس المبرد: (كان ناس من بني إسرائيل، جاءهم النبيون يدعونهم إلى الله عز وجل فقتلوهم، فقام أناس من بعدهم من المؤمنين فأمروهم بالإسلام فقتلوهم؛ ففيهم نزلت هذه الآية). وكذلك قال معقل بن أبي مسكين: (كانت الأنبياء صلوات الله عليهم تجيء إلى بني إسرائيل بغير كتاب فيقتلونهم، فيقوم قوم ممن اتبعهم فيأمرون بالقسط، أي بالعدل، فيقتلون). وقد روِي عن ابن مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بئس القوم قوم يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، بئس القوم قوم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، بئس القوم قوم يمشي المؤمن بينهم بالتقية" وروى أبو عبيدة بن الجراح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيًّا من أول النهار، في ساعة واحدة؛ فقام مائة رجل واثنا عشر رجلا من عُبَّاد بني إسرائيل، فأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، فقتلوا جميعا في آخر النهار من ذلك اليوم، وهم الذين ذكرهم الله في هذه الآية" . ذكره المهدوي وغيره. وروى شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبدالله قال: (كانت بنو إسرائيل تقتل في اليوم سبعين نبيا؛ ثم تقوم سُوقُ بَقْلِهم من آخر النهار)...]. الجامع لأحكام القرآن (4/46).


بل اعتدوا على جناب الله جلَّ جلاله،﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [المائدة: 64] إنهم لم يتورعوا عن نسبة الفقر لله تعالى قال سبحانه: ﴿ لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾ [آل عمران: 181].


فلا عجب من غير المسلمين؛ أن يعتدوا على مقدسات المسلمين، ولكن العجب ممن يدعون الإسلام ويرفعون راية الدين!! فقد دُمِّرت مساجدُ المسلمين بأيدي المسلمين، وما التفجيرات في بيوت الله؛ في العراق وباكستان منكم ببعيد.


والعجب ممن ينتسب إلى الإسلام، ويستهزئ بآيات الله، وسنة نبيِّ الله عليه الصلاة والسلام.


ليس غريبا أن تمنعَ فرنسا الحجاب والنقاب، ولكنَّ الغريبَ أن يمنعَ بعض المسلمين الحجاب.


والغريبُ من المسلمين أن تقوم الدنيا ولا تقعد بحق أو بباطل على رسّامٍ هولنديِّ مغمور، أو قِسٍّ مغرور، ولا نرى عشر معشار ذلك بالحقِّ؛ إذا شُنَّت الحَمَلاتُ تِلْوَ الحملاتِ ليلَ نهار؛ في الطعن والتشكيك في عرض النبي صلى الله عليه وسلم، في زوجاته، وآل بيته، في أصحابِه ووزرائه رضي الله تعالى عنهم.


وفي هذه الأيام؛ انصبَّ جامُ غضبِ الرافضة على أمِّ المؤمنين الصديقةِ بنتِ الصديق، رضي الله تعالى عنها، حبيبةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعندما سئل عليه الصلاة والسلام عن أحبِّ الناس إليه، فكان أول ما أجاب: "عائشة" عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ». قَالَ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: «أَبُوهَا». سنن الترمذي ح(3886).


عائشة التي قال عنها حبيبها رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «رَأَيْتُكِ فِى الْمَنَامِ؛ يَجِيءُ بِكِ الْمَلَكُ فِى سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَقَالَ لِى: هَذِهِ امْرَأَتُكَ. فَكَشَفْتُ عَنْ وَجْهِكِ الثَّوْبَ، فَإِذَا أَنْتِ هِىَ، فَقُلْتُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ». متفق عليه


عائشة التي قَالَ لها رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا: "يَا عَائِشَ! هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلامَ" فَقالت: (وَعَلَيْهِ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لا أَرَى) تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. صحيح البخاري.


عائشة التي برَّأها الله من فوق سبع سموات، وحَكَم على من افترى عليها البهتان بأنهم أصحاب إفك وكذب وبهتان، فقال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ[النور: 11].


قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: (ولما تكلم فيها أهل الإفك بالزور والبهتان؛ غار الله لها، فأنزل براءتها في عشر آيات من القرآن، تتلى على تعاقب الزمان). البداية والنهاية (8/856)


[وقد عرف فقهاءُ الإسلام وعلماءُ أهل السنة؛ قدْرَ عائشة، وشرفَ عِرضِها، فخصَّصوا في حقِّها فصولا وأبوابا =في كتبهم ومصنفاتهم=, فلا تجدُ كتابَ سنةٍ أو مسنَد حديثٍ إلا وقد سُطِّر فيه من فضائلها الشيءَ الكثير, وقد نقلوا الإجماعات على كفر من رماها بما برّأها ربُّ العزة والجلال].


قال ابن كثير: (وقد أجمع العلماء على تكفير من قذفها بعد براءتها). البداية والنهاية (8/486).


قال القاضي أبو يعلى الحنبلي: (من قذفَ عائشةَ بما برَّأها الله منه كفر بلا خلاف. وقد حكَى الإجماعَ على هذا غيرُ واحد، وصرّح غير واحد من الأئمة بهذا الحكم).


فالعجبُ ممن يطعنُ ويشكك فيمن برَّأها الله ولم يصدق القرآن!!!


عائشة التي لم ينـزل الوحي في لحاف امرأة من نسائه إلا هي، فَقد قَالَ عليه الصلاة والسلام لأمِّ سلمة: "يَا أُمَّ سَلَمَةَ! لا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا" البخاري.


قال الذهبي:
[لكن المقصود هنا؛ أنَّ أهل السنة مجمعون على تعظيم عائشة ومحبتها، وأن نساءه أمهاتِ المؤمنين، اللواتي مات عنهن؛ كانت عائشة أحبَّهن إليه، وأعظمَهُن حرمة عند المسلمين] المنتقى من منهاج الاعتدال (1/217).


واعلموا عباد الله! أن [خروج =أم المؤمنين= عائشة =يوم الجمل= بقصد الإصلاح بين المسلمين وليس القتال].


هذه هي عائشة التي قال عنها علي رضي الله عنه:و كانت امرأة تكون خليفة لكانت عائشة) " اللالكائي 2761 ".


عن عائشة رضى الله عنها أنها ذكرت عند رجل فسبها. فقيل له: (أليست أمك؟) قال: (ما هي بأمٍّ) فبلغها ذلك فقالت: (صدق إنما إنا أم المؤمنين، وأما الكافرين فلست لهم بأم). الحجة في بيان المحجة أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الأصبهاني تحقيق الشيخ ربيع (2/402).


قال العلامة الحافظ أبو نعيم الأصبهاني: (فالإمساك عن ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر زللهم، ونشر محاسنهم ومناقبهم، وصرف أمورهم إلى أجمل الوجوه؛ من إمارات المؤمنين المتبعين لهم بإحسان).


[فأنتم على خير تحسدون عليه، وتفرحون به بين يدي الله، وبهذا تغنموا شفاعة أمِّكم يوم القيامة؛ لأنَّ كلَّ صحابيٍّ له شفاعة كما جاء في بعض الآثار، وأما مبغضيها فليس لهم إلا التبرِّي يوم القيامة، قالت عائشة رضي الله عنها: (لا ينتقصني أحد في الدنيا إلا تبرَّأت منه في الآخرة). اللالكائي (2769)]
أمّاهُ عُذْراً إذا ما الشِّعْر قامَ على
101.gif

سُوقِ الكَسادِ ينادي من يواسيني
101.gif


مالي أراه إذا ما جئتُ أكتبُه
101.gif

ناحَ القصيدُ ونوحُ الشِّعرِ يشجيني
101.gif


حاولتُ أكتبُ بيتاً في محبتكم
101.gif

يا قِمَّةَ الطُّهْرِ يا من حبُّكم ديني
101.gif


فأطرقَ الشِّعرُ نحوي رأسَه خَجِلاً
101.gif

وأسبل الدمعَ من عينيه في حينِ
101.gif


وقال عُذرًا فإنّي مَسَّني خَوَرٌ
101.gif

شَحَّ القصيدُ وقام البيتُ يرثيني
101.gif





وعائشة ليست مقصودةً بحد ذاتها، ولا الصحابةُ رضي الله تعالى عنهم أجمعين؛ بل ما وراء ذلكم من الطعن والتشويه والتشكيك في نبي الله صلى الله عليه وسلم، ودين الله سبحانه وتعالى، فـ[علينا أن نعرف نوايا ومقاصد الرافضة في طعنهم في عائشة وغيرها من الصحابة رضي الله عنهم, تلك المقاصد التي لخَصها لنا الإمام مالك بقوله: (إنّما هؤلاء أقوامٌ أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يمكنهم ذلك، فقدحوا في أصحابه، حتى يُقالَ =عن النبي صلى الله عليه وسلم= رجلُ سوء، ولو كان رجلاً صالحاً لكان أصحابُه صالحين»].


[واعلموا أنه مما يجب على كل مسلم اعتقادُه؛ أن عائشةَ مطهرة، ومن قول أهل الكذب والبهتان مبرَّأة، ولا نشك بأن الله جلَّ وعلا؛ لا يمكن أن يجعل تحت نبيِّه إلا مطهرة عفيفة مصونة.


هذا من صميم عقيدتنا، ومن زعم في عائشة غيرَ هذا مما رماها به أهل البهتان، كرأس المنافقين عبدِ الله بنِ أبيِّ بنِ سلول، ووارثيه إلى هذا الزمان، كرميهم لها بالفاحشة؛ فهذا كافر بإجماع المسلمين، "وغداً عند ربهم يجتمعون، فيقتص المظلوم ممن ظلمه، فيا ويح من كان خصمه محمداً صلى الله عليه وسلم" فالله الموعد].


إنهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله فيهم: ﴿ لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 88- 89].


وقال عنهم ربهم سبحانه: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100].


وقال عنهم ربهم مادحا لهم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الفتح: 10)].


﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا [الفتح: 18)].


[فيا أهل السنة! =اتركوا خلافاتِكم، ووحِّدوا صفوفَكم وقلوبَكم جهودَكم و= هلمُّوا لنصرة أمِّكم الصديقة =وزوجاتِ نبيِّكم ، وسائرِ أصحابه عليه الصلاة والسلام ورضي الله تعالى عنهم= فحقهم عليكم عظيمٌ والله! فكيف تهنَون =وأمّهاتُكم والصحابة رضوان الله تعالى عليهم وكل جماعتهم= تُسَبُّ في كلِّ وقتٍ وحين، بِكلّ لقبٍ منكرٍ مشين، فإيَانا والتولَي يوم الزحف!
فأكثروا -يا حفظكم الله- من ذكر =أمهاتكم والصحابة= عند الخاصة والعامة، وانشروا محاسنهم بين أهليكم، فإن هذا والله! من سنة أسلافكم].


اللَّهُمَّ اغْفِرْ لنا ذنوبنا كُلَّها، دِقَّها وَجِلَّها وأوّلَها وآخِرَها وَعَلانِيَتَها وَسِرَّها، اللَّهُمَّ عَذّبِ الكَفَرَةَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ، ويُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَيُقاتِلُونَ أوْلِيَاءَكَ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ للْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ، والمُسْلِمِينَ والمُسْلِماتِ، وأصْلِح ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْعَلْ فِي قُلُوبِهِم الإِيمَانَ وَالحِكْمَةَ، وَثَبِّتْهُمْ على مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللّه عليه وسلم، وَأَوْزِعْهُمْ أنْ يُوفُوا بِعَهْدِكَ الَّذي عاهَدْتَهُمْ عَلَيْهِ، وَانْصُرْهُمْ على عَدُّوَكَ وَعَدُوِّهِمْ، إِلهَ الحَقّ وَاجْعَلْنا مِنْهُمْ.


"اللهم إنّا نعوذ بك من العجز والكسل، والجبن البخل، والهرم وعذاب القبر، اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها".


"اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك".


"اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء".
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
رد: حملة [ بنات عائشة ] رضي الله عنها.. صور وتواقيع

الرد على من طعن في سن زواج عائشة

د. محمد عمارة




22.png
23.png
24.png
25.png
26.png



عوَّدنا الكاتبُ (جمال البنا) على كل غريب ومبتدع، وكان آخر هذه المبتدعات ما أعلنه في جريدة "المصري اليوم" بتاريخ 13/8/2008 من ظهور صحفي شاب يصحح للأمة خطأً منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، وجعل البنا يمدح ويبجل ذلك الصحفي الذي استطاع أن يكشف خطأ عَمِي على الأعلام طوال هذه القرون، فيا حظ أمه بهذا الجهبذ الذي دقق وفتش وقارع، ونقد سند الرواية التي تتحدث عن سن السيدة عائشة وقت زواجها من النبي، والتي غفلت عنها الأمة طوال 1000 عام، والفضل الأول كما يرى البنا يرجع إلى أنه لم يدرس في الأزهر وإلا لما كان يستطيع هذا العمل العظيم، وسوف يذهب هذا الرد وساوس الشيطان من رأسيهما إن شاء الله تعالى، إن أرادا الحق، وإن أبوا إلا المكابرة والعناد فكما قال ربنا: {قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ} [آل عمران: 119].

يظهر في هذا البحث الكذب والاختلاق والجهل؛ وذلك من عدة أوجه:
أولاً: كلمة أريد بها باطل، يقول البنا: "وجد الباحث في نفسه حمية للدفاع عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسَلَّم- لعلها لم توجد في غيره"، وهذا محض كذب وافتراء، وفعله ليس دفاعًا عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسَلَّم- ولا حمية له، بل هذه محاولة من محاولات القضاء على سنة رسول الله -صلَّى الله عليه وسَلَّم- من خلال التشكيك في الأحاديث الواردة، وبث الريبة في نفوس العامة نحو الأئمة الأعلام، وإن كان البنا صادقًا فأين هؤلاء من ذبهم عن الدين، ورد افتراءات المستشرقين والعلمانيين، أين جهدهم في صد عدوان الكفر، أين هم من الدعوة لدين الله، لا شيء من هذا مطلقًا؛ إلا مقالات سيئة، وفتاوى ماجنة كتلك التي تجيز تقبيل الشباب للفتيات، وشرب الدخان في نهار رمضان وغير ذلك من الفتاوى القبيحة المنكرة.

ثانيًا: كذب وتدليس على الخلق؛ إذ قال: "وكما ذكرت جميع المصادر بلا اختلاف أنها -يعني أسماء- أكبر من عائشة بـ10 سنوات"، وهذا غير صحيح فليس هذا بالاتفاق وإنما هي رواية ذكرت، وسوف أبين الصحيح لجلاء الغيوم عن مرضى القلوب.

ذكر الباحث نقلا من كتب (الكامل، وسير أعلام النبلاء، وتاريخ الطبري، ووفيات الأعيان، والبداية والنهاية، وتاريخ بغاد، وتاريخ دمشق) ما يؤكد أن عائشة قد ولدت قبل البعثة، بانيًا وهمه هذا على ما روي من فارق السن بينها وبين أختها أسماء وهو عشر سنوات، وهذا يضعف - في زعم الصحفي - حديث البخاري الذي يثبت فيه أن النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم- تزوج عائشة وهي بنت ست ودخل عليها وهي بنت تسع سنين.

وقد رجعت إلى تلك المصادر التي اعتمد عليها الصحفي وعلى غيرها من أمهات الكتب فلم أجد ما زعمه إلا روايات لا تشهد له بشيء؛ ففي كتاب معرفة الصحابة لأبي نعيم (6/ 3208)، والبداية والنهاية (3/ 131)، وسير أعلام النبلاء (3/ 427)، وأسد الغابة (7/ 7، 186، 216)، وتاريخ الإسلام (3/ 604، 698)، والسمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين لمحب الدين الطبري (صـ 36)، أضف إلى ذلك ما ذكره ابن هشام في السيرة وهو أسبق من هؤلاء جميعًا في عدم تمييز عائشة البكاء من الفرح قبل الهجرة لصغر سنها.

جاء في سير أعلام النبلاء أيضًا (3/ 522) وكذا تاريخ الإسلام: "وكانت -أي أسماء- أسن من عائشة ببضع عشرة سنة". وإن كنا لا ننفي الرواية الواردة بأن الفارق بينهما عشر سنين فقط، إلا أنها لا تصح.

فإذا كانت كتب التاريخ تؤكد أن وفاة أسماء كان سنة 73 هـ وتوفيت عن عمر 100 سنة، وأن أسماء هاجرت وعمرها 27 سنة وهذا يعني أنها حينما أسلمت كان عمرها 14 سنة بطرح مدة الدعوة المكية 13 من مجموع السن 27-13 = 14، والثابت أنها كانت أكبر من عائشة ببضع عشرة سنة على الراجح كما ذكر ذلك الذهبي وغيره، والبضع من 3 إلى 9، فلو اعتبرنا ما بين أسماء وعائشة، لوجدنا أن البضع عشرة سنة هو ما بين 13 إلى 19 سنة، وعليه فتكون عائشة قد ولدت في السنة الخامسة من البعثة، أي في الإسلام وليس قبل الإسلام، وهذا ما يتفق مع الكتب السابقة.

ثالثًا: الكذب والتدليس مرة أخرى فينقل الصحفي كلامًا من كتاب البداية والنهاية ليس له وجود أصلا فيزعم أن ابن كثير قال عن الذين سبقوا بإسلامهم: "ومن النساء أسماء بنت أبي بكر وعائشة وهي صغيرة فكان إسلام هؤلاء في ثلاث سنين ورسول الله يدعو في خفية ثم أمر الله رسوله بإظهار الدعوة"، ثم يقول: وبالطبع هذه الرواية تدل على أن عائشة قد أسلمت قبل أن يعلن الرسول الدعوة في عام 4هـ وأخذ يستطرد ويدور حول هذه القصة الملفقة ليثبت المراد من هذا الكذب ظنًّا أن هذا الأمر لن يبحث عنه أحد، قلت: وقد رجعت إلى الموطن المشار إليه فلم أجد ما ذكره الصحفي الهمام الذي لم يجد بدًّا من الكذب على الأعلام لإظهار الخطأ الموهوم، ولم يذكر ابن كثير خبرًا فيه ذكر أسماء في السابقين إلى الإسلام فضلا عن عائشة.

رابعًا: الحديث الثاني الذي يستند عليه، والعجيب أنه من رواية البخاري الذي يزعم كذبه ويستدل به، والأعجب أنه لم يفهم فحواه، ولعل عذره أنه لم يتخرج في الأزهر كما يقول تلميذه البنا!، والحديث عن عائشة: "لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله طرفي النهار بكرة وعشية، فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرًا قبل هجرة الحبشة..." وهذا كذب وتدليس من الصحفي ومتابعة على جهله من تلميذه البنا للوصول إلى مأرب وغرض خبيثين، ونص الحديث: "خرج أبو بكر مهاجرًا قِبَلَ الحبشة"، وهناك فارق كبير بين المعنيين، فالحديث يبين أن أبا بكر لما أوذي واشتد إيذاء قريش له خرج نحو الحبشة مهاجرًا وكان خروجه هذا قريبًا من هجرة المدينة يعني في أواخر الدعوة المكية، فلقيه ابن الدغنة فأجاره، والهجرة لم تنقطع إلى الحبشة إلا بهجرة المدينة، ويؤكد هذا المعنى ما جاء في الحديث نفسه: على لسان أبي بكر لابن الدغنة: إني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله ورسوله، فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسَلَّم-: ((قد أريت دار هجرتكم؛ رأيت سبخة ذات نخل بين لابتين...)) يعني الأمر لم يتعدَّ الأيام التي خرج فيها أبو بكر يريد الحبشة، فرجع في جوار ابن الدغنة، فلم يمتنع عن استعلانه بالقرآن فشكت قريش إلى ابن الدغنة، فخلع أبو بكر جواره فبشره النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم- برؤية أرض الهجرة.

وقد حرف النص كما ترى ليصل إلى مراده، ومعلوم أن بدء الهجرة إلى الحبشة كان في بداية الإسلام ليثبت أن عائشة كانت قد ولدت قبل البعثة، لاحظ أيضًا أن هذا الحديث يؤكد صغر سن عائشة لقولها: "لم أعقل أبوي قط..." وهذا يؤكد أنها ولدت في الإسلام كما أثبتناه.

خامسًا: تناقض في قياس عمر عائشة على عمر فاطمة بأن فارق السن بينهما خمس سنوات وأن فاطمة ولدت قبل البعثة بخمس سنوات مما يستلزم أن تكون عائشة ولدت عام البعثة الأول، وهذا فيه تناقض صريح؛ إذ كيف يثبت مولدها قبل البعثة بـ 4 سنوات بالموازنة بينها وبين أسماء، ثم يثبت مولدها عام البعثة الأول مقارنة بسن فاطمة، والحقيقة غير ذلك، يقول الذهبي في السير: "وعائشة ممن ولد في الإسلام، وهي أصغر من فاطمة بثمان سنين" (سير أعلام النبلاء 3/ 429). وتأمل هذا، وفي ترجمة فاطمة قال الذهبي: "مولدها قبل البعثة بقليل" (السير 3/ 417)، فإذا ما نظرنا إلى سن زواج النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم- من عائشة وكان قبل الهجرة ببضعة عشر شهرًا، وقيل بعامين، أضف على هذا السن عمر عائشة حينها وكان ست سنوات، فيكون المجموع 2 + 6 = 8 اطرح هذا من مدة الدعوة المكية 13 - 8 = 5، فإن هذا يعني أنها ولدت في السنة الخامسة من الهجرة. ويؤكد هذا المعنى ما ذكره ابن الأثير في أسد الغابة (7/ 216) إذ ذكر أن النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم- زوج عليًّا من فاطمة بعد أن تزوج النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم- عائشة بأربعة أشهر ونصف، وكان سنها يوم تزويجها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر، وهذا يعني أنه بنى بها في السنة الثانية من الهجرة، فإذا ما اعتبرنا السن المذكور لفاطمة تبين لنا أنها ولدت قبل البعث بقليل كما ذكر الذهبي وغيره.

فانظر كيف تناقض المسكين الذي يفخر به تلميذه البنا بأنه لم يدرس في الأزهر، والفخر للأزهر حقيقة أنه لم يحتضن هؤلاء المشاغبين، ولم يجلسوا في أروقته، ولم يعرفوا أدب العلم وحق العلماء.

سادسًا: عدم الأمانة العلمية في نقل النصوص؛ إذ نقل الكاتب عن كتاب الإصابة أن فاطمة ولدت عام بناء الكعبة وعمر النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم- 35 سنة، وأنها أسن من عائشة بخمس سنوات، ولم يبين أن هذه رواية من روايات عدة ذكرها ابنُ حجر؛ منها أيضًا أن فاطمة ولدت سنة إحدى وأربعين من ميلاد النبي، وقد رجح ابن حجر أن مولدها كان قبل البعثة بقليل وهو ما يتفق مع ما ذكرناه قبل ذلك.

سابعًا: الجهل بالنصوص وعدم الفهم؛ ومن ذلك قوله عن الطبري: "بأنه جزم بيقين أن كل أولاد أبي بكر قد ولدوا في الجاهلية"، وهذا كذب وخلط وعدم فهم؛ لأن نص الطبري المذكور يتحدث فيه عن أزواج أبي بكر الصديق وليس عن أولاده (راجع تاريخ الطبري 2/ 351)، وقد قسم الطبري أزواجه اللاتي تزوجهن؛ فمنهن من تزوجهن في الجاهلية وولدن له، ومنهن من تزوجهن في الإسلام، ثم سمى أولاد أبي بكر من زوجتيه اللتين تزوجهما قبل الإسلام وقال: "فكل هؤلاء الأربعة من أولاده ولدوا من زوجتيه اللتين سميناهما في الجاهلية"، فالحديث عن الأزواج وليس عن الأولاد، ويمكن أيضًا مراجعة تاريخ الطبري ج 2 صـ 212 في ذكر زواج النبي بعد خديجة، وهو يجزم بأن النبي بنى بها بعد الهجرة وكان عمرها تسع سنين.

وأخيرًا:

الأولى أن يترك هذا لأهل الاجتهاد والعلم وليس لأهل الجهل، فقد أوقعوا بأنفسهم نتيجة عدم البحث والدراسة، والإصرار على التعالم، فعليهم أن يعملوا فيما تخصصوا فيه لا فيما يدعونه؛ فإن ذلك يوقع بهم فيما نرى، وأرجو أن تكون آخر بلايا جمال البنا.
إذا لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده

والله تعالى أعلم.
د. محمد عمارة

أستاذ الفقه بكلية الدراسات الإسلامية "جامعة الأزهر"
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
رد: حملة [ بنات عائشة ] رضي الله عنها.. صور وتواقيع

من فضائل أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - ومناقبها

الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي











22.png
23.png
24.png
25.png
26.png



من فضائل أم المؤمنين

عائشة - رضي الله عنها - ومناقبها

حبيبة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم


1- التعريف بها: هِيَ أمُّ المؤمنينَ أمُّ عبدِالله: عائشةُ بنتُ الإمام الصِّدِّيق الأكْبر، خليفةِ رسولِ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم - أبِي بَكْرٍ عبدِالله بنِ أبي قُحَافةَ عثمانَ بنِ عامرِ بن عمرو بن كعْب بن سعْد بن تَيْم بن مُرَّة، بن كعْب بن لُؤيٍّ; القرشيَّة التيميَّة، المكيَّة، النبويَّة، أم المؤمنين، زَوْجة النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أفْقَه نِساءِ الأُمَّة على الإطلاق.

وأمُّها هي: أُمُّ رُومانَ بنتُ عامرِ بن عُوَيمر، بن عبدِ شمْس، بن عتاب ابن أُذينة الكِنانية.

هاجَر بعائشةَ أبواها، وتزوَّجها نبيُّ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قبل مهاجرِه بعدَ وفاة الصِّدِّيقة خديجة بنت خُوَيلد، وذلك قبلَ الهِجرة ببضعة عشَرَ شهرًا، وقيل: بعامين،ودخَل بها في شوَّال سَنةَ اثنتين منصرفَه - عليه الصلاة والسلام - مِنغزوةِ بدر، وهي ابنةُ تِسْع،فرَوَتْ عنه عِلمًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وعن أبيها، وعن عمر، وفاطمة، وسعْد، وحمْزَة بن عمرو الأسْلمي، وجُدَامَةَ بنتِ وهْب.." [1].

2- حبُّ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لها: اختارَها الله لنبيِّه، حيثُ رآها في المنام، كما جاء في الصحيحَيْن - واللَّفْظ لمسلِم - عن عائشةَ قالتْ: قال رسولُ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أُريتكِ في المنام ثلاثَ ليالٍ، جاءَني بكِ المَلَك في سَرَقةٍ (قطعة) مِن حريرٍ، فيقول: هذه امرأتُك، فأَكْشِف عن وجْهِكِ، فإذا أنتِ هي، فأقول: إنْ يَكُ هذا مِن عندَ الله يُمضِه)).

وعن عمرِو بن العاص- رضي الله عنه - قال: بعَثَني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -على جيشِ ذاتِ السلاسل، قال: فأتيتُه قال: قلتُ: يا رسولَ الله، أيُّ الناس أحبُّ إليك؟ قال:((عائشة))، قال: قلت: فمِن الرِّجال؟ قال:((أبوها إذًا))، قال: قلت: ثُمَّ مَن؟ قال:((عمر))، قال: فعدَّ رِجالاً"؛أخرجه الشيخان.

3- دعاءُ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لها: عن عائشةَ قالت: لمَّا رأيتُ مِن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -طِيبَ النَّفْس قلت: يا رسولَ الله، ادعُ اللهَ لي، فقال:((اللهمَّ اغفرْ لعائشةَ ما تقدَّم مِن ذنبِها وما تأخَّر، وما أسَرَّتْ وما أعْلَنتْ))، فضحِكتْ عائشةُ حتى سقَط رأسها في حجْرِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من الضحِك، فقال: ((أيَسرُّكِ دُعائي؟))، فقالت: وما لي لا يَسرُّني دعاؤك؟! فقال: ((واللهِ إنَّها لدَعْوَتي))؛أخرجه البزَّار في مسنده، وحَسَّنه الألباني.

4- ثناءُ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وصحابته عليها: عن أبي موسى الأشعريِّ - رضي الله عنه -قال: قالَ رسولُ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم -:((كَمَلَ منَ الرِّجال كثيرٌ، ولم يَكْمُلْ منَ النِّساءِ إلاَّ مريمُ بنتُ عِمرانَ، وآسِيةُامرأةُ فِرعونَ، وفضْلُ عائشةَ على النِّساءِ كفَضْل الثَّرِيدِ على سائرِ الطعام))؛صحيحالبخاري.

وعَنْ عَائِشَةَ - رضِي الله عنها - قَالَتْ: قال - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَوْمًا: ((يا عائِشَ، هَذا جبْريلُ يُقْرِئُكِ السَّلاَم))، فَقُلْتُ: وَعليه السلام ورحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكاتُه، تَرَى ما لا أَرى - تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ، صلَّى الله عليه وسلَّم؛ رواه الشيخان - البخاريُّ ومسلم.

وعن الحَكمِ: سمعتُ أبا وائلٍ قال: "لَمَّا بعَثَ عليٌّ عَمَّارًا والحسنَ إلى الكوفَة؛ليستَنفِرَهم، خَطبَ عمَّارٌ فقال: إنِّي لأعلمُ أنَّها زوجتُهُ في الدُّنيا والآخِرة، ولكنَّاللَّهَ ابتَلاكم؛ لتتبعوهُ أو إيَّاها"؛ رواه البخاري.

وعَنْ أَنَسِ بن مالكٍ - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَقولُ: ((فَضْلُ عائِشَةَ على النِّساءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ على الطَّعام))؛ رواه الشيخان - البخاري ومسلم.

5- عبادتها وزُهدها:وقد كانتْ أُمُّ المؤمنين كثيرةَ الصيام، حتى ضعُفت، كما جاء في السِّيَر للذهبي - رحمه الله تعالى - عن عبدِالرحمن بن القاسِم، عن أبيه: أنَّ عائشةَ كانتْ تصوم الدَّهْر.

كما كانتْ زاهدةً في الدنيا، فعَنْها قالت: "ما شَبِع آلُ محمَّد يومَيْن من خُبزِ بُرٍّ إلا وأحدهما تَمْر متفق عليه.

وعن عطاء: أنَّ معاويةَ بعَث إلى عائشةَ بقِلادةٍ بمائةِ ألْف، فقسمتْها بيْن أمَّهات المؤمنين،وعن عُروةَ، عن عائشة: أنَّها تصدَّقتْ بسَبْعِين ألفًا; وإنَّها لتُرقِّع جانبَ دِرْعها - رضي الله عنها.

وعن أُمِّ ذَرَّة، قالت: بعَث ابنُ الزبير إلى عائشةَ بمالٍ في غِرَارتَيْن، يكون مائة ألْف، فدَعَتْ بطَبق، فجعَلتْ تقسم في الناس، فلمَّا أمسَت، قالت: هاتِي يا جاريةُ فُطوري،فقالت أمُّ ذَرَّة: يا أمَّ المؤمنين، أمَا استطعتِ أن تشتري لنا لحمًا بدِرْهم؟! قالت: لا تُعنِّفيني، لو أذْكْرِتني لفعلتُ[2].

6- فِقهُ وعِلم أمِّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -: قال الزُّهريُّ: لو جُمِع عِلمُ عائشة إلى عِلمِ جميعِ النساء، لكان علمُ عائشةَ أفْضلَ[3].

كما أنَّ الله قد وهَبَها الذكاءَ والفِطنة، وسُرعةَ الحافظة، قال ابن كثير: "لم يَكُن في الأُممِ مثلُ عائشةَ في حِفْظها وعِلْمها، وفصاحتِها وعَقْلِها"، ويقول الذهبيُّ: "أفْقَهُ نِساء الأمَّة على الإطلاق، ولا أعْلمُ في أمَّة محمَّد، بل ولا في النِّساء مطلقًا امرأةً أعلمَ منها".

وقدْ تجاوز عددُ الأحاديث التي روتْها ألْفَيْن ومائة حديث عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهي مُشتَهِرة في كُتُب السُّنَّة: البخاري ومسلم، والسُّنن والمسانيد، وغيرها؛ قال الحافظُ الذهبيُّ: مُسْنَد عائشة يبلُغ ألْفَين ومائتين وعشرة أحاديث؛ اتَّفق البخاريُّ ومسلمٌ لها على مائةٍ وأربعةٍ وسبعين حديثًا، وانفرَد البخاريُّ بأربعةٍ وخمسين، وانفرد مسلِمٌ بتِسعة وستِّين[4].

ويقول عُروةُ بنُ الزُّبَيْر: "ما رأيتُ أحدًا أعلمَ بفِقه، ولا بِطبٍّ ولا بِشِعر من عائشةَ - رضي الله عنها"، وقال فيها أبو عُمرَ بنُ عبدالبرِّ: "إنَّ عائشةَ كانتْ وحيدةً بعصرها في ثلاثةِ علوم: علم الفقه، وعلم الطب، وعلم الشِّعر".

كما كانتِ المرجعَ الكبيرَ لكِبار الصحابة، خاصَّة عندَ المواقف والملمَّات، كما كانتْ تُفتي بما لدَيْها من عِلمٍ وفِقه في عهد الخليفةِ عمرَ وعثمانَ - رضي الله عنهما - إلى أن تُوفِّيت - رحمها الله ورضي عنها.

7- نزول برائتِها مِن حادثة الإفْك من عندَ الله تعالى: وقدْ تعرَّضَتْ - رضِي الله عنها - إلى ابتلاءٍ شديد، وفِتْنةٍ كبيرة، حيث طَعَن في شرَفِها وعِرْضها المنافقون في المدينة، فأنْزَل الله براءتَها من فوقِ سبعِ سموات، وقد قالتْ - رضي الله عنها - كما في الصحيحين: "... ثُمَّ تحولتُ واضطجعتُ على فِراشي، والله يعلم أنِّي حينئذٍ بريئةٌ، وأنَّ الله مُبرِّئي ببراءتي، ولكن واللهِ ما كنتُ أظنُّ أنَّ الله منزلٌ في شأني وحيًا يُتْلَى، لشأني في نفْسي كان أحْقرَ مِن أن يتكلَّم الله فيَّ بأمْر، ولكن كنتُ أرْجو أن يرَى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -في النومِ رُؤيَا يُبرِّئني الله بها، فواللهِ ما رام رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -مجلسَه، ولا خرَج أحدٌ مِنْ أهل البيت حتَّى أُنزِل عليه، فأخَذَه ما كان يأخُذُه من البُرَحَاء، حتى إنَّه ليتحدَّر منْه مِن العَرَق مثل الجُمَان، وهو في يومٍ شاتٍ مِن ثِقَلِ القوْل الذي أُنزِل عليه.

قالت: فَسُرِّي عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو يَضْحَك، فكانتْ أوَّل كَلمةٍ تَكلَّم بها أنْ قال:((يا عائشةُ، أمَّا اللهُ فقدْ بَرَّأكِ))، قالت: فقالتْ لي أُمِّي: قُومِي إليه، فقلتُ: واللهِ لا أقومُ إليه، فإنِّي لا أحْمَدُ إلاَّ اللهَ - عزَّ وجلَّ.

قالت: وأنزَل الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ [النور: 11] الآيات...".
قال ابنُ كثير: "فغار اللهُ لها وأنْزَلَ براءتَها في عشْر آياتٍ تُتلى على الزمان، فسَمَا ذِكْرُها، وعلا شأنُها؛ لتسمعَ عفافَها وهي في صِباها، فشَهِدَ الله لها بأنَّها مِنَ الطَّيِّبات، ووعدَها بمغفرةٍ ورِزق كريم".

ومَع هذه المنزِلَةِ العالية، والتبرِئة العالية الزكيَّة مِنَ الله تعالى، تَتَواضَعُ وتقول: "ولَشَأنِي في نفْسي أهونُ مِن أن يُنزِل الله فيَّ قرآنًا يُتْلَى"!

8- خصائص أمِّ المؤمنين - رضي الله عنها -: قال ابنُ القيِّم - رحمه الله -:
ومِن خصائصها: أنَّها كانتْ أحبَّ أزواج رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إليه، كما ثبَت عنْه ذلك في البخاريِّ وغيره، وقد سُئِل: أيُّ الناس أحبُّإليك؟ قال: ((عائشة))، قيل: فمِن الرِّجال؟ قال: ((أبوها)).

ومِن خصائصها أيضًا: أنَّه لَمْ يتزوَّجامرأةً بِكرًا غيرها، ومن خصائصها: أنَّه كان يَنزِل عليه الوحيُ وهو في لحافِهادونَ غيرِها،ومِن خصائصها: أنَّ الله - عزَّ وجلَّ - لَمَّا أنزل عليه آيةَ التخيير بدأبها فخيَّرها، فقال: ((ولا عليكِ ألاَّ تَعْجَلي حتى تستأمري أَبَوَيك))، فقالت: أفِي هذا أسْتَأمِرأبوي؟! فإنِّي أُريد اللهَ ورسولَه والدارَ الآخِرة، فاستنَّ بها - أي: اقتَدَى - بقيةُأزواجه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقُلْنَ كما قالتْ.

ومِن خصائصها: أنَّ الله سبحانه برَّأها ممَّارماها به أهلُ الإفك، وأنْزَل في عُذرِها وبراءتِها وحيًا يُتْلَى في محاريبِ المسلمين وصلواتهمإلى يومِ القيامة، وشَهِد لها بأنَّها مِنَ الطيِّبات، ووعَدَها المغفرةَ والرِّزقَ الكريم، وأخْبَرسبحانه أنَّ ما قيل فيها مِنَ الإفك كان خيرًا لها، ولم يكن ذلك الذي قيل فيها شَرًّا لها،ولا عائبًا لها، ولا خافضًا مِن شأنها، بل رَفَعها الله بذلك وأعْلى قدْرَها، وأعْظَمَ شأنها، وصارلها ذِكرًا بالطيب والبراءة بيْن أهلِ الأرض والسماء، فيا لها مِن مَنْقَبة ما أجلَّها!

ومِن خصائِصها - رضي الله عنها -: أنَّ الأكابرَ مِنَ الصحابة - رضي الله عنهم - كان إذاأَشْكَل عليهم أمرٌ مِن الدِّين استفتوها فيَجِدون عِلمَه عندَها.

ومِن خصائصها - رضي الله عنها -: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - تُوفِّي في بيتها، وفي يومِها، وبيْن سَحْرِها ونَحْرها، ودُفِن فيبيتها.

ومِن خصائصها - رضي الله عنها -: أنَّ الناسَ كانوا يتحرَّوْن بهداياهم يومَها مِن رسولِالله - صلَّى الله عليه وسلَّم - تقربًا إلى الرسولِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيُتْحفونَه بما يحبُّ فيمنزلِ أحبِّ نسائِه إليه - صلَّى الله عليه وسلَّم ورضي الله عنهنَّ أجمعين[5].

وقال الإمام بدرُ الدِّين الزَّرْكشيُّ في "الإجابة لإيراد ما استدركتْه عائشةُ على الصحابة" - وهو يَتكلَّم في خصائصها، رضي الله عنها - الأربعين، قال: "والخامِسة - أي: مِن الخصائص -: نزول براءتِها منَ السماء بما نَسَبه إليها أهلُ الإفك في ستَّ عشرةَ آية متوالية، وشَهِد لها بأنَّها من الطيِّبات، ووعَدها بالمغفرةِ والرِّزق الكريم، قال: والسادس: جَعله قُرآنًا يُتْلَى إلى يومِ القيامة؛ أي: الآيات التي نزلَتْ في براءتِها.

وقال - في العاشرة -: وجوب محبَّتِها على كلِّ أحد، ففي الصحيح: لمَّا جاءتْ فاطمة - رضي الله عنها - إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال لها: ((ألسْتِ تُحبِّين ما أُحبُّ؟)) قالت: بلى، قال: ((فأَحبِّي هذه - يعني: عائشة))، وهذا الأمْرُ ظاهِرُه الوجوب.

وقال - في الحادية عشرة -: إنَّ مَن قذَفها فقَدْ كفَر؛ لتصريحِ القرآن الكريم ببراءتِها،وقال - في الثانية عشرة -: مَن أنْكَر كونَ أبيها أبي بَكْرٍ الصِّدِّيق - رضي الله عنه -صحابيًّا كان كافرًا، نصَّ عليه الشافعيُّ، فإنَّ الله تعالى يقول:﴿ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40]، ومُنكِر صُحْبةِ غير الصَّدِّيق يَكْفُر لتكذيبه التواتُر[6]؛ انتهى مختصرًا.

9- وفاتها - رضي الله عنها -:تُوفِّيت - رضي الله عنها وأرْضاها - سَنةَ سَبْعٍ وخمسين على الصحيحِ، وقيل: سَنَة ثمان وخمسين، في ليلةِ الثلاثاء لسَبْعَ عشرةَ خَلَتْ مِن رمضان بعدَ الوتر، ودُفنت من ليلتها، وصلَّى عليها أبو هريرة، بعدَ أن عمرتْ ثلاثًا وستين سَنَة وأشهرًا - كما ذَكَر الذهبيُّ في "السِّير"[7].

10- حُكم الإسلام فيمَن سبَّ أمَّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -: قال تعالى في تزكيةِ أمِّ المؤمنين ومكانتِها وغيرِها من زوجاتِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ [الأحزاب: 6].

وقدْ أجْمَع علماءُ الإسلام قاطبةً مِن أهل السُّنَّة والجماعة على أنَّ مَن سبَّ أمَّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - ورَماها بما برَّأها الله منه أنه كافِرٌ، ورُوي عن مالكِ بن أنس أنَّه قال: مَن سَبَّ أبا بكرٍ وعُمرَ جُلِد، ومَن سَبَّ عائشةَ قُتِل، قيل له: لِمَ يقتلُ في عائشة؟ قال مالك: فمَن رماها فقدْ خالَفَ القرآن، ومَن خالف القرآنَ قُتِل.

قال أبو مُحمَّد ابنُ حزْم الظاهريُّ - رحمه الله-: قول مالك هذا صحيحٌ، وهي رِدَّة تامَّة، وتكذيبٌ لله تعالى في قَطْعِه ببراءتها.

وقال أبو الخطَّابِ ابنُ دِحية في أجوبة المسائل: وشَهِد لقول مالك كتابُ الله، فإنَّ الله إذا ذَكَر في القرآن ما نَسَبه إليه المشرِكون سبَّح نفسَه لنفسِه، قال تعالى: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ [الأنبياء: 26]، والله تعالى ذَكَر عائشةَ، فقال: ﴿ وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ [النور: 16]، فسبَّح نفْسَه في تنزيهِ عائشةَ، كمَا سبَّح نفسَه لنفسِه في تنزيهه؛ حكاه القاضي أبو بكر ابن الطيِّب[8].

وقال أبو بكر ابنُ زياد النيسابوريُّ: سَمعتُ القاسمَ بنَ محمَّد يقول لإسماعيلَ بن إسحاقَ: أُتِي المأمون في (الرَّقة) برَجلين شَتَم أحدُهما فاطمةَ، والآخَرُ عائشةَ، فأمَر بقَتْل الذي شتَم فاطمةَ وترَك الآخَر، فقال إسماعيلُ: ما حُكْمُهما إلاَّ أن يُقتلاَ؛ لأنَّ الذي شتَم عائشةَ ردَّ القرآن.

قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية - رحمه الله - تعقيبًا عليه: وعلى هذا مضَتْ سِيرةُ أهل الفِقه والعِلم مِن أهل البيت وغيرِهم.

وقالَ ابنُ العربيِّ - رحمه الله -: كلُّ مَن سبَّها بما برَّأها الله منه فهو مُكذِّب لله، ومَن كذَّب الله فهو كافِر.

وقال ابن قُدامة: فمَن قذَفها بما بَرَّأها الله منه فقدْ كفَر بالله العظيم.

وقال الإمامُ النوويُّ - رحمه الله -: براءةُ عائشة - رضي الله عنها - مِنَ الإفْك، وهي براءةٌ قطعية بنصِّ القرآن العزيز، فلو تَشكَّك فيها إنسانٌ - والعياذ بالله - صار كافرًا مرتدًّا بإجماعِ المسلمين.

وقال ابنُ القيِّم - رحمه الله -: واتَّفقتِ الأُمَّة على كُفْر قاذفِها.

وقد رُوِي عَنْ عَمْرِو بنِ غالِبٍ:أنَّ رَجُلاً نالَ مِنْ عائِشَةَ عندَ عَمَّارٍ، فقالَ: اغْرُبْ مَقْبوْحًا، أَتُؤذِي حَبِيبةَ رَسُول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم؟! قال الذهبيُّ في السِّيَر: صحَّحَه الترمذيُّ في بعضِ النُّسخ، وفي بعضِ النُّسخ قال: هذا حديثٌ حسَن.
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
رد: حملة [ بنات عائشة ] رضي الله عنها.. صور وتواقيع

حبيبة سيد المرسلين
للشيخ : منوع


كلمات مجمعة لمجموعة من المشايخ في فضل السيدة عائشة زوج النبي الكريم صلى الله عليه وسلم


للاستماع إلي المقطع اضغط على:


http://www.wathakker.net/lib_audio/view.php?id=575
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
رد: حملة [ بنات عائشة ] رضي الله عنها.. صور وتواقيع

حبيبة سيد المرسلين
للشيخ : منوع


كلمات مجمعة لمجموعة من المشايخ في فضل السيدة عائشة زوج النبي الكريم صلى الله عليه وسلم


للاستماع إلي المقطع اضغط على:


http://www.wathakker.net/lib_audio/view.php?id=575
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
أبيات في فضل عائشة ابنة الصديق أم المؤمنين رضي الله عنها
يقول أبو عمران موسى بن محمد بن عبدالله الواعظ الأندلسي – رحمه الله- وهو يتكلم عن حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجته في الدنيا
وفي الجنة الطاهرة المطهرة الطيبة ام الطيب المبرئة من فوق سبع سموات امنا ام المؤمنين على لسانها
وهو يتحدث عن فضلها ومناقبها رضي الله عنها وارضاها :
وحق أن يُقال فيها بلا فخر ولا كبر

قِفْ واستمع قولاً عظيم الشاني…… في مدح زوج المصطفى العدنان

ما شَانُ أُمِّ المُؤْمِنِينَ وَشَانِي *** هُدِيَ المُحِبُّ لها وضَلَّ الشَّانِي
إِنِّي أَقُولُ مُبَيِّناً عَنْ فَضْلِه *** ومُتَرْجِماً عَنْ قَوْلِها بِلِسَانِي
يا مُبْغِضِي لا تَأْتِ قَبْرَ مُحَمَّدٍ *** فالبَيْتُ بَيْتِي والمَكانُ مَكانِي
إِنِّي خُصِصْتُ على نِساءِ مُحَمَّدٍ *** بِصِفاتِ بِرٍّ تَحْتَهُنَّ مَعانِي
وَسَبَقْتُهُنَّ إلى الفَضَائِلِ كُلِّه *** فالسَّبْقُ سَبْقِي والعِنَانُ عِنَانِي
مَرِضَ النَّبِيُّ وماتَ بينَ تَرَائِبِي *** فالْيَوْمُ يَوْمِي والزَّمانُ زَمانِي
زَوْجِي رَسولُ اللهِ لَمْ أَرَ غَيْرَهُ *** اللهُ زَوَّجَنِي بِهِ وحَبَانِي
وَأَتَاهُ جِبْرِيلُ الأَمِينُ بِصُورَتِي *** فَأَحَبَّنِي المُخْتَارُ حِينَ رَآنِي
أنا بِكْرُهُ العَذْراءُ عِنْدِي سِرُّهُ *** وضَجِيعُهُ في مَنْزِلِي قَمَرانِ
وتَكَلَّمَ اللهُ العَظيمُ بِحُجَّتِي *** وَبَرَاءَتِي في مُحْكَمِ القُرآنِ
واللهُ خَفَّرَنِي وعَظَّمَ حُرْمَتِي *** وعلى لِسَانِ نَبِيِّهِ بَرَّانِي
واللهُ في القُرْآنِ قَدْ لَعَنَ الذي *** بَعْدَ البَرَاءَةِ بِالقَبِيحِ رَمَانِي
واللهُ وَبَّخَ مَنْ أَرادَ تَنَقُّصِي *** إفْكاً وسَبَّحَ نَفْسَهُ في شَانِي
إنِّي لَمُحْصَنَةُ الإزارِ بَرِيئَةٌ *** ودَلِيلُ حُسْنِ طَهَارَتِي إحْصَانِي
واللهُ أَحْصَنَنِي بخاتَمِ رُسْلِهِ *** وأَذَلَّ أَهْلَ الإفْكِ والبُهتَانِ
وسَمِعْتُ وَحْيَ اللهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ *** مِن جِبْرَئِيلَ ونُورُهُ يَغْشانِي
أَوْحَى إلَيْهِ وَكُنْتُ تَحْتَ ثِيابِهِ *** فَحَنا عليَّ بِثَوْبِهِ خَبَّاني
مَنْ ذا يُفَاخِرُني وينْكِرُ صُحْبَتِي *** ومُحَمَّدٌ في حِجْرِهِ رَبَّاني؟
وأَخَذْتُ عن أَبَوَيَّ دِينَ مُحَمَّدٍ *** وَهُما على الإسْلامِ مُصْطَحِبانِ
وأبي أَقامَ الدِّينَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ *** فالنَّصْلُ نَصْلِي والسِّنانُ سِنانِي
والفَخْرُ فَخْرِي والخِلاَفَةُ في أبِي *** حَسْبِي بِهَذا مَفْخَراً وكَفانِي
وأنا ابْنَةُ الصِّدِّيقِ صاحِبِ أَحْمَدٍ *** وحَبِيبِهِ في السِّرِّ والإعلانِ
نَصَرَ النَّبيَّ بمالِهِ وفَعالِهِ *** وخُرُوجِهِ مَعَهُ مِن الأَوْطانِ



عائشه رضى الله عنها وارضهاها
ليست مجرد امرأة عادية،
وإنما هي زوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وبذلك تكون أمًا للمسلمين وهل يرضى مسلم أن تسب أمه،

 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
وهذه الشبهة
ولكن الله تبارك وتعالى ابتلاكم بها ليعلم إياه تطيعون أم هي
الرد على شبهة قول عمار " ولكن
17.gif
الله
17.gif
تبارك
17.gif
وتعالى
17.gif
ابتلاكم
17.gif
بها ليعلم
17.gif
إياه
17.gif
تطيعون
17.gif
أم هي"

نقول وبالله التوفيق

فقد طعن الرافضة المجوس في أم المؤمنين عائشة بقول عمار: (والله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة، ولكن الله تبارك وتعالى ابتلاكم بها ليعلم إياه تطيعون أم هي).
فالجواب عليهم ..
أن ليس في قول عمار هذا ما يطعن به على عائشة -رضي الله عنها- بل فيه أعظم فضيلة لها، وهي أنها زوجة نبينا - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا والآخرة، فأي فضل أعظم من هذا، وأي شرف أسمى من هذا، فإن غاية كل مؤمن رضا الله والجنة، وعائشة -رضي الله عنها- قد تحقق لها ذلك بشهادة عمار -- رضي الله عنه -- الذي كان مخالفاً لها في الرأي في تلك الفتنة، وأنها ستكون في أعلى الدرجات في الجنة بصحبة زوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما شهد لها بذلك علي نفسه بعد انتهاء حرب الجمل على ما نقل الطبري أنه جاءها فأثنت عليه خيراً وأثنى عليها خيراً وكان فيما قال: (أيها الناس صدقت والله وبرّت... وإنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة).
وبهذا قد جاء الحديث الصحيح المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - على ماروى الحاكم في المستدرك من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: (أما ترضين أن تكوني زوجتي في الدنيا والآخرة، قالت: بلى والله، قال: فأنت زوجتي في الدنيا والآخرة).
فيكون هذا الحديث من أعظم فضائل عائشة -رضي الله عنها- ولذا أورد البخاري الأثر السابق عن عمار في مناقب عائشة -رضي الله عنها-. ... وطعن الرافضي به على عائشة دليل على ضعف عقله، وقلة فهمه، وهذا مصداق ما ذكره العلماء عنهم أن هؤلاء الرافضة هم أكذب الناس في النقليات وأجهل الناس في العقليات وأنه ليس في أهل الأهواء أضعف حجة ولا أحمق منهم.
فتبين أن أثر عمار هذا حجة على الرافضي لا له، وأما قول عمارفي الجزء الأخيرمن الأثر (ولكن الله ابتلاكم لتتبعوه أوإياها)فليس بمطعن على عائشة -رضي الله عنها- وبيان ذلك من عدة وجوه:
الوجه الأول:أن قول عمار هذا يمثل رأيه. وعائشة -رضي الله عنها- ترى خلاف ذلك، وأن ما هي عليه هو الحق، وكل منهما صحابي جليل، عظيم القدر في الدين والعلم، فليس قول أحدهما حجة على الآخر.
الوجه الثاني: أن أثر عمار تضمن معنيين أولهما قوله: (إنها زوجة نبيكم في الدنيا والآخرة) وهذا نص حديث صحيح كما تقدم. والآخر قوله: (ولكن الله ابتلاكم بها لتتبعوه أو إياها) وهذا قول عمار، فإن كان قول عمار غير معارض للحديث فلا مطعن حينئذ، وإن كان معارضاً للحديث فالحديث هو المقدم.
الوجه الثالث: أن الشهادة بأنها زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا والآخرة، حكم عام باعتبار العاقبة والمآل. وقول عمار حكم خاص في حادثة خاصة، فرجع الحكم الخاص إلى العام وآل الأمر إلى تلك العاقبة السعيدة فانتفى الطعن.
الوجه الرابع: أن غاية ما في قول عمار هو مخالفتها أمر الله في تلك الحالة الخاصة، وليس كل مخالف مذموماً حتى تقوم عليه الحجة بالمخالفة، ويعلم أنه مخالف، وإلا فهو معذور إن لم يتعمد المخالفة، فقد يكون ناسياً أو متأولاً فلا يؤاخذ بذاك.
الوجه الخامس: أن عماراً رضي الله عنه ما قصد بذلك ذم عائشة ولا انتقاصها، وإنما أراد أن يبين خطأها في الاجتهاد نصحاً للأمة، وهو مع هذا يعرف لأم المؤمنين قدرها وفضلها وقد جاء في بعض روايات هذا الأثر عن عمار أن عماراً سمع رجلاً يسب عائشة، فقال: (اسكت مقبوحاً منبوحاً،والله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة ولكن
17.gif
الله ابتلاكم بها ليعلم أتطيعوه أو إياها
).

ونحن نقول للرافضة المجوس المتطاولين على أم المؤمنين وحبيبة رسولنا الكريم زوجته في الدنيا والأخرة كما قال عمار:اسكت مقبوحاً منبوحاً
253.jpg
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!

هذا من صميم عقيدتنا، ومن زعم في عائشة غيرَ هذا مما رماها به أهل البهتان، كرأس المنافقين عبدِ الله بنِ أبيِّ بنِ سلول، ووارثيه إلى هذا الزمان، كرميهم لها بالفاحشة؛ فهذا كافر بإجماع المسلمين، "وغداً عند ربهم يجتمعون، فيقتص المظلوم ممن ظلمه، فيا ويح من كان خصمه محمداً صلى الله عليه وسلم" فالله الموعد].

 
أعلى