شر ح الأربعين النووية .. .. من كتاب قواعد و فوائد في الأربعين النووية ..

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة ..

بسم الله الرحمن الرحيم .


الحمد لله عظيم المنة ، ناصر الدين بأهل السنة ، الحمد لله الرحمن المنان ، البر التواب ، الذي لا يخفى عليه شئ في الأرض و السماء ..

و صلاةً و سلامه على عبده و خليله و مصطفاه إلى البشرية جمعاء ، محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاةة و أزكى التسليمات ،

و رضي الله عن الصحابة الكرام الذين نقلوا لنا الدين بغير تحريف و لا تأويل ، بل نقلوه كما هو عن نبي الأمة فجزاهم عنَّ خير الجزاء ،

و صدق الله إذ قال فيهم (( لقد تاب الله عن النبي و المهاجرين و الأنصار )) .. أما بعد ...

فإني سأقوم بنقل وتجميع الموضوع بسرد لشرح الأربعين النووية بشئ من التفصيل و الإختصار من كتاب قواعد و فوائد في الأربعين النووية ..

و أسأل الله جلَّ في علاه أن يتقبل مني عملاً هذا

و يجعله خالصاً لوجهه الكريم ..

و أن يجعله لي ذخراً في يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلبِ سليم ..
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
مقدمة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
في كتابه شرح الأربعين النووية
يقول الشيخ .. أما بعد :
الحافظ النووي : - رحمه الله - من أصحاب الشافعي المعتبرة أقواله ، و من أشد الشافعية حرصاً على التأليف ،
فقد ألف في فنون شتى ، في الحديث و علومه ، و ألف في علوم اللغة كتاب (( تهذيب الأسماء و اللغات ))
و هو في الحقيقة من اعلم الناس ،
و الظاهر - و الله أعلم - أنه من اخلص الناس في التأليف ، لأن تأليفاته - رحمه الله -انتشرت في العالم الإسلامي ، فلا تكاد تجد مسجداً إلا يقرأ فيه كتاب (( رياض الصالحين )) ، و كتبه مشهورة مبثوثة في العالم مما يدل على صحة نيته ، فإن قبول الناس للكتاب من الأدلة على إخلاص النية .
و ذكر الشيخ محمد بن صالح العثيمين في نهاية مقدمته فقال ..
هذه الأربعون ينبغي لطالب العلم أن يحفظها ، لأنها منتخبة من احاديث عديدة و في أبواب متفرقة ،
بخلاف غيرها من المؤلفات فلو نظرنا إلى (( عمدة الأحكام )) لوجدناها منتخبة ؛ و لكنها في باب واحد و هو باب الفقه ، أما الأربعون النووية فهي في أبواب متفرقة و متنوعة .
للعلم الشرح الذي بين أيدينا ليس مصدره كتاب شرح الأربعين النووية .. للشيخ ابن العثيمين .
و إنما مصدره قواعد و فوائد من الأربعين النووية للشيخ ناظم بن محمد سلطان لمن أراد الرجوع للمصدر
..
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!

بسم الله نبدأ ..

الحديث الأول

عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال :
سمعت رسول الله -صلى الله عليه و سلم- يقول : (( إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل إمرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله و رسوله فهجرته إلى الله و رسوله ، و من كانت هجرته لدنيا يصيبها أو إمرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ))

رواه إماما المحدثين أبو عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة البخاري
و أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري
في صحيحيهما اللذين هما من أصح الكتب المصنفة .


-- منزلة الحديث ... أهميته --

1- هو من جوامع كلم رسول الله - صلى الله عليه و سلم -
2- قال عنه الإمام الشافعي .. يدخل في سبعين باباً من الفقه .
3- قال النووي .. لم يرد الشافعي - رحمه الله - لم يرد الشافعي انحصار أبوابه في هذا العدد .
4- و قال الشوكاني .. هو قاعدة الإسلام .. و قيل أنه ثلث العلم .
5- من تعظيم العلماء له أنهم كانوا يرون البداءة به في مصنفاتهم
و ذلك تنبيهاً لطالب العلم أن يصحح نيته .
قال عبد الرحمن المهدي .. (( من أراد أن يصنف كتاباً فليبدأ بهذا الحديث )) .
فبدأ به البخاري ، تقي الدين المقدسي في كتاب .. عمدة الأحكام .. و النووي في كتاب .. المجموع ..

-- سبب سياق الحديث --

ظن قوم أن الحديث قد سيق بسبب رجل أراد الزواج من امرأة يقال لها أم قيس فرفضت الزواج منه حتى يهاجر .
فهاجر من أجل ذلك و لم يبتغ بذلك الهجرة .

و الدليل على ذلك .. عن عبدلله بن مسعود - رضي الله عنه - : (( من هاجر يبتغي شيئاً فإنما له ذلك )) .
ثم قال هذه القصة .. و قد عرف الرجل الذي هاجر ( بمهاجر أم قيس ) .
::
::
::

تأتي هنا فائدة ==> و هي ما سبب بحث العلماء عن سبب نزول الحديث ؟؟

::
::

هو يعين على فهم النص كما حرص المفسرون على معرفة أسباب النزول .
- قال ابن تيمية ==> معرفة سبب النزول معين على معرفة الآية فإن العلم بالسبب علم بالمسبب .



: :
: :

: :
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
..--.. معنى الحديث ..--..

/\
: :
/\
: :
/\

إنما الأعمال ::-- هذا التركيب يفيد الحصر ... لوجود إنما ، و لأن الأعمال محلى باللام و هذا يفيد الإستغراق المستلزم للقصر .
و هذا فهم إبن عباس - رضي الله عنه - و لم يعارض من قبل الصحابة إلا بدليل آخر يقتضي التحريم
و يقول إبن دقيق العيد : و في ذلك إتفاق على أنها للحصر .
و الحصر هو ::-- إثبات المذكور و نفيه عما عداه .
إنما قد تأتي >> تفيد الحصر المطلق .
و قد تأتي >> تفيد الحصر المخصوص .
مثال

/\
: :
/\
: :
/\

<< إنما أنت منذر >>
الظاهر من الآية حصر مهنة الرسول - صلى الله عليه و سلم - بالنذرة و الأمر ليس كذلك ، فالرسول لا تنحصر مهنته بالنذرة ، بل له أوصاف أخرى كالبشارة و غيرها .

<< إنما أنا بشر و إنكم تختصمون إلي >>
فمعناه خصر البشرية من حيث الإطلاع على بواطن الأمور لا في كل شئ .

يقول إبن دقيق العيد : فإذا وردت " إنما " فإد دل السياق المقصود من الكلام على الحصر في شئ مخصوص فقل به و إد دل على الحصر في شئ مخصوص فاحمل الحصر على الإطلاق .
و هذا مع كل ادوات الحصر المعروفة .


-------------------------------------------------------------------------------

2- هذا الحديث يشمل جميع أفعال الجوارح من - أفعال و أقوال - .
و هذا كما يراة إبن عباس أن القول من العمل .
و في تفسيره لقول الله تعالى << لعلي أعمل صالحاً >> :
-- إنه قول لا إله إلا الله --
كما ان الترك من العمال لأنه عمل إختياري و هو يختلف باختلاف النيات .
- فترك الشر يثاب عليه . - و ترك الخير الواجب يلام عليه .

-------------------------------------------------------------------------------

3- يوجد إيجاز بالحذف و قد اختلف في تقديره في قوله - صلى الله عليه و سلم -
" إنما الأعمال بالنيات "
- الذين اشترطوا النية قدروه بصحة الأعمال فنقول " إنما صحة الأعمال بالنيات "
- الذين لم يشترطوا النية قدروه بكمال الأعمال فنقول " إنما كمال الأعمال بالنيات "
الأرجح هو القول الأول لأن الصحة أكثر لزوماً للحقيقة من الكمال .

-------------------------------------------------------------------------------

4- (( إنما لكل إمرئ ما نوى ))
فمن نوى شيئاً يحصل له سواء عمله أو منعه مانع بعذر شرعاً
الدليل : --- حديث الرسول - صلى الله عليه و سلم -
" رجل أتاه الله مالاً و علماً ، فهو يعمل بعلمه في ماله ، و ينفقه في حقه ، و رجل أتاه الله علماً و لم يؤته مالاً فهو يقول : لو كان لي مثل مال هذا عملت فيه مثل العمل الذي يعمل ، فهما في الأجر سواء " .
الخلاصة .. يقول إبن رجب -- العمل في نفسه ، صلاحه و فساده و إباحته بحسب النية الحاملة عليه المقتضية بوجوده ، و ثواب العامل و عقابه و سلامته بحسب النية التي صار بها العمل صالحاً أو فاسداً أو مباحاً --

-------------------------------------------------------------------------------

5- (( من كانت هجرته لدنيا يصيبها أو إمرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ))
الخلاصة في ذلك ما قاله إبن رجب كما ذكرنا آنفاً .
الهجرة هنا بمعنى الترك و الهجرة إلى الشئ الإنتقال إلى غيره .
1- ترك بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام هجرة .
2- ترك مكة إلى الحجبشة ، و ترك مكة غلى المدينة هجرة .
3- ترك ما زجر الله عنه و نهى هجرة .

فبين - صلوات الله عليه و سلامه - أن الهجرة تختلف باختلاف المقاصد .
فالمهاجر حباً لله و لرسوله و لإظهار دينه فهذا هو المهاجر الحق .
و المهاجر لحظوظ الدنيا و شهواتها من انساء و المال و غيرها .. فحظه من هجرته الدنيا و حظوظها الفانية .
و قوله -- هجرته إلى ما هاجر إليه -- فيه تحقير و استهانة لما طلبه من الدنيا ، حيث لم يذكره بلفظ .
1-
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
: :
/\
: :
/\

7- النية تعمل على ..

1- تميز العادات عن العبادات
فمثلاً غسل الجنابة يحتاج إلى نية كي يتميز عن غيره من غسل التبرد و النظافة
2- تميز العبادات عن بعضها
فالصلاة تحتاج إلى نية لتتميز عن غيرها من النافلة .
3- تميز المقصود من العمل
هل هو الله أم غيره ...

--:: تعريف النية ::--

أولاً في اللغة >>>> قيل أنها القصد .
و قيل أنها الشئ المقصود .
و قيل أنها العزم .. و هو عزم القلب على أمر من الأمور
ثانياً في الشرع >>>> لم يضع الشرع للنية تعريفاً خاصاً بها
النووي قال : " هي القصد إلى الشئ و العزيمة على فعله " .
القرافي قال : " هي قصد الإنسان بقلبه ما يريده بفعله " .
الخطابي قال : " النية قصدك الشئ بقلبك ، و تحري الطلب منك له " .
و بعضهم قال : " إخلاص الدين لله هو النية " .


ما الفارق بين القصد و العزم .. ؟؟

يقول إبن القيم – رحمه الله - ::--
1- القصد متعلق بفعل الفاعل نفسه و فعل غيره
النية متعلقة بفعل الفاعل نفسه
و من هنا القصد أعم .

2- القصد متعلق بما هو مقدور على تحقيقه
و النية متعلقة بما هو مقدور على تحقيقه و ما هو غر مقدور على تحقيقه
و من هنا النية أعم ..

ما هو حكم التلفظ بالنية ...؟؟؟

الجهر بالنية بدعة منكرة ..

لأنه لم يثبت في كتاب الله و لا سنة الرسول – صلى الله عليه و سلم –
الأصل في العبادات التحريم و لا تثبت العبادة إلا بنص.

أثر النية الصالحة على المباحات
بمعنى آخر ..
المباح قد يتحول إلى قربة بالنية ..و ضح ..؟؟


المباح :- هو الذي لا يثاب فاعله و لا يعاقب تاركه ، و يكون فعله و تركه سيان .
و إذا خالطته النية الصالحة ، يكون بذلك قربةً و يثاب فاعله .

مثال

الجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة و معاشرتها بالمعروف الذي أمر الله به ، و طلب ولد صالح ، إعفاف النفس ، إعفاف الزوجة ، و منعهم جميعاً من النظر إلى الحرام أو الفكر فيه أو الهم به أو غير ذلك من المقاصد .

الدليل

---:::: قول النبي – صلى الله عليه و سلم – لسعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه –
حيث قا ل : " إنك لن تنفق نفقةً تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها ، حتى ما تجعل في فم إمرأتك " ::::---

يقول النووي – رحمه الله – معقباً على هذا الحديث .. " وضع اللقمة في فم الزوجة يقع غالبا في حال المداعبة ، و لشهوة النفس ففي ذلك مدخل ظاهر ، و مع ذلك إذا وجد القصد في تلك الحال إلى ابتغاء الثواب حصل له بفضل الله " ..

و قوله – صلى الله عليه و سلم – : " لكل امرئ ما نوى " .

و قوله – صلى الله عليه و سلم – : " و في بضع أحدكم صدقة ز فقالوا : يارسول الله أيأتي أحدنا شهوته و يكون له أجر ؟ قال : أرأيتم لو وضعها في حرام ، أليس كان يكون عليه وزر قكذلك إذا وضعها في الحلال له أجر " .
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
بسم الله الرحمن الرحيم

-*-..-*- ضوابط تحويل المباح إلى قربة -*-..-*-

1- لا يجب أن يتخذ المباح قربةً في صورتها ، فلا يعتقد في الأكل او الشرب قربةً في صورتها .


2- أن يكون المباح وسيلة للعبادة ، فيقصد بها التقوي على العبادة .
يرى العز ابن عبد السلام :- " أن المسلم يثاب في هذه الحالة على القصد دون الفعل " .
و يقول إبن تيمية :- " ينبغي ألا يفعل من المباحات إلا ما يستعين به على الطاعة ، و يقصد الإستعانة به على الطاعة " .

3- أن يكون الأخذ به على أنه تشريع إلهي (( الإباحة )) .
فينبغي للمسلم أن يأخذ المباح معتقداً أن الله عز و جلَّ أباحه له
** فالله يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه ** .


4- أن يكون المباح - مباح بالجزء - ، و لكن - مطلوب بالكل - .
مثلاً :- يباح للعبد أن يترك الطعام و الشراب أحياناً و يجهد نفسه لذلك و لكن لا يجوز له أن يتمادى في ذلك حتى يهلك نفسه ، ففي هذه الحالة يجب أن يأكل و يشرب بما ينقذ به نفسه
و إن لم يفعل يستوجب الوعيد لذلك .

..--*--.. من فوائد الحديث ..--*--..

1- قرَّ الحديث دليل على أن النية من الإيمان ، لأنها عمل القلب
و الإيمان عند أهل السنة و الجماعة هو :- " تصديق بالجنان ، و نطق باللسان ، و عمل بالأركان " .

2- يجب على المسلم قبل القدوم على العمل أن يعرف حكمه ( مشروع أم لا ، واجب أم مستحب .. و هكذا ) .

3- هذا الحديث دليل على اشتراط النية في أعمال الطاعات و أن ما وقع من الأعمال بدونها غير معتد به .

تمَّ بحمد الله و فضله ..

أسأل الله أن يتقبل منّا الأعمال و يجعله خالصاً لوجهه الكريم ..
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
بسم الله نبدأ ..

الحديث الأول

عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال :
سمعت رسول الله -صلى الله عليه و سلم- يقول : (( إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل إمرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله و رسوله فهجرته إلى الله و رسوله ، و من كانت هجرته لدنيا يصيبها أو إمرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ))
رواه إماما المحدثين أبو عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة البخاري
و أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري
في صحيحيهما اللذين هما من أصح الكتب المصنفة .


-- منزلة الحديث ... أهميته --

1- هو من جوامع كلم رسول الله - صلى الله عليه و سلم -
2- قال عنه الإمام الشافعي .. يدخل في سبعين باباً من الفقه .
3- قال النووي .. لم يرد الشافعي - رحمه الله - لم يرد الشافعي انحصار أبوابه في هذا العدد .
4- و قال الشوكاني .. هو قاعدة الإسلام .. و قيل أنه ثلث العلم .
5- من تعظيم العلماء له أنهم كانوا يرون البداءة به في مصنفاتهم
و ذلك تنبيهاً لطالب العلم أن يصحح نيته .
قال عبد الرحمن المهدي .. (( من أراد أن يصنف كتاباً فليبدأ بهذا الحديث )) .
فبدأ به البخاري ، تقي الدين المقدسي في كتاب .. عمدة الأحكام .. و النووي في كتاب .. المجموع ..

-- سبب سياق الحديث --

ظن قوم أن الحديث قد سيق بسبب رجل أراد الزواج من امرأة يقال لها أم قيس فرفضت الزواج منه حتى يهاجر .
فهاجر من أجل ذلك و لم يبتغ بذلك الهجرة .

و الدليل على ذلك .. عن عبدلله بن مسعود - رضي الله عنه - : (( من هاجر يبتغي شيئاً فإنما له ذلك )) .
ثم قال هذه القصة .. و قد عرف الرجل الذي هاجر ( بمهاجر أم قيس ) .
::
::
::

تأتي هنا فائدة ==> و هي ما سبب بحث العلماء عن سبب نزول الحديث ؟؟

::
::

هو يعين على فهم النص كما حرص المفسرون على معرفة أسباب النزول .
- قال ابن تيمية ==> معرفة سبب النزول معين على معرفة الآية فإن العلم بالسبب علم بالمسبب .

..--.. معنى الحديث ..--..

/\
: :
/\
: :
/\

1- إنما الأعمال ::-- هذا التركيب يفيد الحصر ... لوجود إنما ، و لأن الأعمال محلى باللام و هذا يفيد الإستغراق المستلزم للقصر .
و هذا فهم إبن عباس - رضي الله عنه - و لم يعارض من قبل الصحابة إلا بدليل آخر يقتضي التحريم
و يقول إبن دقيق العيد : و في ذلك إتفاق على أنها للحصر .
و الحصر هو ::-- إثبات المذكور و نفيه عما عداه .
إنما قد تأتي >> تفيد الحصر المطلق .
و قد تأتي >> تفيد الحصر المخصوص .
مثال

/\
: :
/\
: :
/\

<< إنما أنت منذر >>
الظاهر من الآية حصر مهنة الرسول - صلى الله عليه و سلم - بالنذرة و الأمر ليس كذلك ، فالرسول لا تنحصر مهنته بالنذرة ، بل له أوصاف أخرى كالبشارة و غيرها .

<< إنما أنا بشر و إنكم تختصمون إلي >>
فمعناه خصر البشرية من حيث الإطلاع على بواطن الأمور لا في كل شئ .

يقول إبن دقيق العيد : فإذا وردت " إنما " فإد دل السياق المقصود من الكلام على الحصر في شئ مخصوص فقل به و إد دل على الحصر في شئ مخصوص فاحمل الحصر على الإطلاق .
و هذا مع كل ادوات الحصر المعروفة .

-------------------------------------------------------------------------------

2- هذا الحديث يشمل جميع أفعال الجوارح من - أفعال و أقوال - .
و هذا كما يراة إبن عباس أن القول من العمل .
و في تفسيره لقول الله تعالى << لعلي أعمل صالحاً >> :
-- إنه قول لا إله إلا الله --
كما ان الترك من العمال لأنه عمل إختياري و هو يختلف باختلاف النيات .
- فترك الشر يثاب عليه . - و ترك الخير الواجب يلام عليه .

-------------------------------------------------------------------------------

3- يوجد إيجاز بالحذف و قد اختلف في تقديره في قوله - صلى الله عليه و سلم -
" إنما الأعمال بالنيات "
- الذين اشترطوا النية قدروه بصحة الأعمال فنقول " إنما صحة الأعمال بالنيات "
- الذين لم يشترطوا النية قدروه بكمال الأعمال فنقول " إنما كمال الأعمال بالنيات "
الأرجح هو القول الأول لأن الصحة أكثر لزوماً للحقيقة من الكمال .

-------------------------------------------------------------------------------

4- (( إنما لكل إمرئ ما نوى ))
فمن نوى شيئاً يحصل له سواء عمله أو منعه مانع بعذر شرعاً
الدليل : --- حديث الرسول - صلى الله عليه و سلم -
" رجل أتاه الله مالاً و علماً ، فهو يعمل بعلمه في ماله ، و ينفقه في حقه ، و رجل أتاه الله علماً و لم يؤته مالاً فهو يقول : لو كان لي مثل مال هذا عملت فيه مثل العمل الذي يعمل ، فهما في الأجر سواء " .
الخلاصة .. يقول إبن رجب -- العمل في نفسه ، صلاحه و فساده و إباحته بحسب النية الحاملة عليه المقتضية بوجوده ، و ثواب العامل و عقابه و سلامته بحسب النية التي صار بها العمل صالحاً أو فاسداً أو مباحاً --

-------------------------------------------------------------------------------

5- (( من كانت هجرته لدنيا يصيبها أو إمرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ))
الخلاصة في ذلك ما قاله إبن رجب كما ذكرنا آنفاً .
الهجرة هنا بمعنى الترك و الهجرة إلى الشئ الإنتقال إلى غيره .
1- ترك بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام هجرة .
2- ترك مكة إلى الحجبشة ، و ترك مكة غلى المدينة هجرة .
3- ترك ما زجر الله عنه و نهى هجرة .

فبين - صلوات الله عليه و سلامه - أن الهجرة تختلف باختلاف المقاصد .
فالمهاجر حباً لله و لرسوله و لإظهار دينه فهذا هو المهاجر الحق .
و المهاجر لحظوظ الدنيا و شهواتها من انساء و المال و غيرها .. فحظه من هجرته الدنيا و حظوظها الفانية .
و قوله -- هجرته إلى ما هاجر إليه -- فيه تحقير و استهانة لما طلبه من الدنيا ، حيث لم يذكره بلفظ .


7- النية تعمل على ..

1- تميز العادات عن العبادات
فمثلاً غسل الجنابة يحتاج إلى نية كي يتميز عن غيره من غسل التبرد و النظافة
2- تميز العبادات عن بعضها
فالصلاة تحتاج إلى نية لتتميز عن غيرها من النافلة .
3- تميز المقصود من العمل
هل هو الله أم غيره ...

--:: تعريف النية ::--

أولاً في اللغة >>>> قيل أنها القصد .
و قيل أنها الشئ المقصود .
و قيل أنها العزم .. و هو عزم القلب على أمر من الأمور
ثانياً في الشرع >>>> لم يضع الشرع للنية تعريفاً خاصاً بها
النووي قال : " هي القصد إلى الشئ و العزيمة على فعله " .
القرافي قال : " هي قصد الإنسان بقلبه ما يريده بفعله " .
الخطابي قال : " النية قصدك الشئ بقلبك ، و تحري الطلب منك له " .
و بعضهم قال : " إخلاص الدين لله هو النية " .


ما الفارق بين القصد و العزم .. ؟؟

يقول إبن القيم – رحمه الله - ::--
1- القصد متعلق بفعل الفاعل نفسه و فعل غيره
النية متعلقة بفعل الفاعل نفسه
و من هنا القصد أعم .

2- القصد متعلق بما هو مقدور على تحقيقه
و النية متعلقة بما هو مقدور على تحقيقه و ما هو غر مقدور على تحقيقه
و من هنا النية أعم ..

ما هو حكم التلفظ بالنية ...؟؟؟

الجهر بالنية بدعة منكرة ..

لأنه لم يثبت في كتاب الله و لا سنة الرسول – صلى الله عليه و سلم –
الأصل في العبادات التحريم و لا تثبت العبادة إلا بنص.

أثر النية الصالحة على المباحات
بمعنى آخر ..
المباح قد يتحول إلى قربة بالنية ..و ضح ..؟؟


المباح :- هو الذي لا يثاب فاعله و لا يعاقب تاركه ، و يكون فعله و تركه سيان .
و إذا خالطته النية الصالحة ، يكون بذلك قربةً و يثاب فاعله .

مثال

الجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة و معاشرتها بالمعروف الذي أمر الله به ، و طلب ولد صالح ، إعفاف النفس ، إعفاف الزوجة ، و منعهم جميعاً من النظر إلى الحرام أو الفكر فيه أو الهم به أو غير ذلك من المقاصد .

الدليل

---:::: قول النبي – صلى الله عليه و سلم – لسعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه –
حيث قا ل : " إنك لن تنفق نفقةً تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها ، حتى ما تجعل في فم إمرأتك " ::::---

يقول النووي – رحمه الله – معقباً على هذا الحديث .. " وضع اللقمة في فم الزوجة يقع غالبا في حال المداعبة ، و لشهوة النفس ففي ذلك مدخل ظاهر ، و مع ذلك إذا وجد القصد في تلك الحال إلى ابتغاء الثواب حصل له بفضل الله " ..

و قوله – صلى الله عليه و سلم – : " لكل امرئ ما نوى " .

و قوله – صلى الله عليه و سلم – : " و في بضع أحدكم صدقة ز فقالوا : يارسول الله أيأتي أحدنا شهوته و يكون له أجر ؟ قال : أرأيتم لو وضعها في حرام ، أليس كان يكون عليه وزر قكذلك إذا وضعها في الحلال له أجر " .



-*-..-*- ضوابط تحويل المباح إلى قربة -*-..-*-

1- لا يجب أن يتخذ المباح قربةً في صورتها ، فلا يعتقد في الأكل او الشرب قربةً في صورتها .


2- أن يكون المباح وسيلة للعبادة ، فيقصد بها التقوي على العبادة .
يرى العز ابن عبد السلام :- " أن المسلم يثاب في هذه الحالة على القصد دون الفعل " .
و يقول إبن تيمية :- " ينبغي ألا يفعل من المباحات إلا ما يستعين به على الطاعة ، و يقصد الإستعانة به على الطاعة " .

3- أن يكون الأخذ به على أنه تشريع إلهي (( الإباحة )) .
فينبغي للمسلم أن يأخذ المباح معتقداً أن الله عز و جلَّ أباحه له
** فالله يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه ** .


4- أن يكون المباح - مباح بالجزء - ، و لكن - مطلوب بالكل - .
مثلاً :- يباح للعبد أن يترك الطعام و الشراب أحياناً و يجهد نفسه لذلك و لكن لا يجوز له أن يتمادى في ذلك حتى يهلك نفسه ، ففي هذه الحالة يجب أن يأكل و يشرب بما ينقذ به نفسه
و إن لم يفعل يستوجب الوعيد لذلك .

..--*--.. من فوائد الحديث ..--*--..

1- قرَّ الحديث دليل على أن النية من الإيمان ، لأنها عمل القلب
و الإيمان عند أهل السنة و الجماعة هو :- " تصديق بالجنان ، و نطق باللسان ، و عمل بالأركان " .

2- يجب على المسلم قبل القدوم على العمل أن يعرف حكمه ( مشروع أم لا ، واجب أم مستحب .. و هكذا ) .

3- هذا الحديث دليل على اشتراط النية في أعمال الطاعات و أن ما وقع من الأعمال بدونها غير معتد به .

تمَّ بحمد الله و فضله ..
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
بسم الله الرحمن الرحيم

الحديث الثاني

عن عمر - رضي الله عنه - قال : " بينما نحن جلوس عند رسول الله - صلى الله عليه و سلم - إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب و شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر و لا يعرفه منَّا أحد ، حتى جلس إلى رسول الله و أسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع يديه على فخذيه
و قال : يا محمد أخبرني عن الإسلام ، قال رسول الله : الإسلام أن تشهد ألا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله ، و تقيم الصلاة و تؤتي الزكاة ، و تصوم رمضان ، و تحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً ، قال : صدقت ، فعجبنا له يسأله و يصدقه .
قال : فأخبرني عن الإيمان ، قال : أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر ، و تؤمن بالقدر خيره و شره ، قال : صدقت .
قال : فأخبرني عن الإحسان ، قال: أن تعبد الله كأنك تراه ، فإلم تكن تراه فإنه يراك .
قال : فأخبرني عن الساعة ، قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل ، قال : فأخبرني عن أماراتها ، قال : أن تلد الأمة ربتها ،و أن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان
ثم انطلق ، فلبث ملياً ، ثم قال : يا عمر أتدري من السائل ، قلت : الله و رسوله أعلم ، قال : فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم .

رواه البخاري و مسلم .

----------------------------------------------------------------------------

..--.. منزلة الحديث ..--..

يقول إبن دقيق العيد : " هذا حديث عظيم مشتمل على جميع وظائف الأعمال الظاهره و الباطنه ، و علوم الشرعة كلها راجعة إليه ، و متشعبة منه ، و لما تضمنه من علوم السنة ،
فهو كالأم للسنة ، كما سميت الفاتحة -- أم القرآن -- ، لما تضمنته من جميع معاني القرآن .



يقول إبن رجب - رحمه الله - : " هو حديث عظيم الشأن ، يشتمل على شرح الدين كله ، و هذا قاله رسول الله - صلى الله عليه و سلم - في آخره : " إنه جبريل أتاكم يعلمكم دينككم " .

يقول النووي - رحمه الله - : " و إعلم أن هذا الحديث يجمع أنواع من العلوم و المعارف و الآداب و اللطائف ، بل هو أصل الإسلام " .

يقول الشيخ ناظم - شارح الكتاب الذي بين أيدينا - : " و لهذا ساقه في أربعينه - رحمه الله - " .

----------------------------------------------------------------------------

..-*-.. الإسلام ..-*-..

في اللغة :- الإسلام و الإستسلام >>> بمعنى الإنقياد .

في الشرع :- هو إظهار الخضوع و إظهار الشريعة ، و إلتزام ما أتى به النبي - صلى الله عليه و سلم - و بذلك يحقن الدم ، و يستدفع المكروه .

في الحديث الذي بين أيدينا :- عرفه النبي - صلى الله عليه و سلم - :- بأعما لاجوارح الظاهرة من الأقوال و الأعمال .
فالتلفظ بالشهادتين من أعمال اللسان ، و الصلاة و الصوم من الأعمال البدنية ، و زكاة المال من الأعمال المالية ، و الحج من الأعمال البدنية و المالية .


- و فيه أن جميع الواجبات الظاهرة داخلةً فيها ( كاللحية و النقاب ، وكف الأذى عن المسلمين ) ، و إنما ذكر الصلاة و باقي الأركان لأنها الأصول التي يبنى عليها .

و مما يشهد أن كل الواجبات داخلة في مسمى الإسلام قوله - صلى الله عليه و سلم - : - " المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده " .

و كما أن ترك المحرمات داخل في مسمى الإسلام ، قال - صلى الله عليه و سلم - :- " من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه " .
----------------------------------------------------------------------------
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!

..-*-.. الإيمان ..-*-..

الكلام حول الإيمان سيطول و لكن سأتناول بعض النقاط :-

أصل الإيمان ، التصديق و عرفه – صلى الله عليه و سلم – في هذا الحديث لما بطن من الإعتقادات ،

كما ذكر ربنا تبارك و تعالى في كتابه في سورة البقرة --:: آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه و المؤمنون كل آمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله لا نفرق بين أحد من رسله و قالوا سمعنا و أطعنا غفرانك ربنا و إليك المصير ::--

و ما عليه أهل السنة و الجماعة أن الإيمان قول و عمل و نية ، و أن الأعمال كلها داخلة في مسمى الإيمان ،

و حكى الشافعي على ذلك إجماع الصحابة و التابعين و من بعدهم .

..-*-.. الإسلام و الإيمان ..-*-..

إذا افترقا إجتمعا ، و إذا إجتمعا افترقا ...

أي إذا قُرن في نص بين الإسلام و الإيمان يكون بينهما فرق ، فيكون الإيمان هو تصديق القلب و إقراره و معرفته ، و

يكون الإسلام بمعنى الإستسلام لله و الخضوع له بالعمل .

أما إذا افترقا و فُرد أحدهما ، دخل فيه الآخر ، و دل إنفراده على ما يدل عليه الآخر بإنفراد .

--:: مثال ::--

/\
/\
/\
/\


الفقير و المسكين ، إذا فُرد أحدهما دخل فيه كل من هو محتاج ، و إذا قُرن أحدهما بالآخر دل أحد الإسمين على بعض أنواع ذو الحاجات و الآخر على باقيها .


و لذا قال العلماء :- كل مؤمن مسلم و ليس كل مسلم مؤمن ، لأن العبد قد ينقاد بالأعمال الظاهرة كالصلاة ، الزكاة ، الحج و غيرها ،،،
و هذا هو ( الإسلام ) ، و يكون هذا تظاهراً و نفاقاً و العياذ بالله .. و ليس صدقاً و إخلاصاً و هذا هو ( الإيمان ) .

و قد ينقاد و إيمانه و تصديقه ضعيف ، ، ،
كما قال تعالى :- " قالت الأعراب قل لم تؤمنوا و لكن قولوا أسلمنا و لمَّا يدخل الإيمان في قلوبكم " .

فبيَّن إبن عباس – رضي الله عنه – أنهم لم يكونوا منافقين بالكلية ، بل كانوا ضعيفي الإيمان .

- عقيدة أهل السنة و الجماعة ، أن العمل من الإيمان
و ذلك للأدلة المستفيضة منها قوله عز وجلَّ : " إنما المؤمنون الذين إذا ذُكر الله و جلت قلوبهم ... "
.....سورة الأنفال.....


فبيَّن جلَّ و علا أن المؤمن من كانت هذه صفاته ، إيمان بالقلب ، و عمل بالواجبات .
و قوله – صلى الله عليه و سلم - : " الإيمان بضع و سبعون شعبة ، فأفضلها لا إله إلا الله ، و أدناها إماطة الأذي من الطريق ، و الحياء شعبة من الإيمان " .
فإماطة الأذى [ عمل ] و هو من الإيمان ، قول لا إله إلا الله [ قول ] و هو من الإيمان ، الحياء [ عمل قلبي ] و هو من الإيمان .

قال إبن بطال : " و هذا المعنى أراد البخاري - رحمه الله - إثباته في كتاب الإيمان ، و عليه بَّوب أبوابه كلها ، فقال : باب أمور الإيمان ،باب الصلاة من الإيمان ، باب الجهاد من الإيمان ، باب الزكاة من الإيمان ، و سائر أبوابه ، فأراد من ذلك الرد على المرجئة في أن الإيمان قول بلا عمل ، و بين غلطهم و سوء إعتقادهم و مخالفتهم للكتاب و السنة و مذاهب الإيمان " .

- عقيدة أهل السنة و الجماعة لأن الإيمان يزيد و ينقص ، حجتهم في ذل قوله تعالى :
" ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم " ، " و زدناهم هدى " ، وغيرها من الأدلة .

قال إبن بطال : " فإيمان من لم تحصل له الزيادة ناقص ، قال : " فإن قيل الإيمان في اللغة التصديق ، فالجواب أن التصديق يكمل بالطاعات كلها ، فما ازداد المؤمن من أعمال البر كان إيمانه أكمل ، و بهذه الجملة يزيد الإيمان ، و بنقصانها ينقص .. فمتى نقصت أعمال البر ، نقص كمال الإيمان ، و متى زادت زاد الإيمان كمالاً ،
(( و هذا توسط القول في الإيمان )) " .

--:: ملخص ما فات ::-- - أن الإيمان يزيد و ينقص .
> > > يزيد بالطاعة .
> > > ينقص بالمعصية .
(( و هذا هو الصحيح )) .

- المؤمنون يتفاضلون في الإيمان ، فإيمان الصديقين الذي يصبح عندهم الغيب شهادة ، ليس كغيرهم ممن لم يبلغ هذه الدرجة .
و قال بعضهم : " ما سبقكم أبو بكر - رضي الله عنه - بكثرة الصوم ، و لا صلاة ، و لكن شئ وقر في صدره " .

و سُئِل إبن عمر - رضي اللع عنه - : "هل كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه و سلم - يضحكون ؟
قال : " نعم و الإيمان في قلوبهم أعظم من الجبل " .


قال إبن رجب : " فأين هذا ممن الإيمان في قلبه مما يزن ذرة أو شعير ، كالذين يخرجون من أهل التوحيد من النار ، فهؤلاء يصح أن يقال لم يدخل الإيمان في قلوبهم لضعفه عندهم " .

هناك بعض المخالفين ممن يقولون : " أن إيمان الناس كلهم مثل بعضهم " .

هذا القول خاطئ و الدليل على خطئه :
- أن الإيمان قول و عمل .
- أن الإيمان يزيد و ينقص .
- و أنه عمل قلبي ،و عمل بالجوارح ، و قول باللسان .. كما بيَّنَّا ..
لذلك لا بد من العمل حتى يتبين المؤمن كامل الإيمان من المؤمن ناقص الإيمان ..
و إلا فلكان إيمان فرعون كإيمان موسى - عليه السلام - و العياذ بالله ..

..........................................

المرة القادم سنتكلم عن أمر جدٍ خطير .. الإيمان بالقدر .. و الذي ضلت فيه فِرَقٌ كثيرةٌ و لا حول و لا قوة إلا بالله ..

..........................................

< < < أسألكم الدعاء لي بالهداية و التوفيق > > >
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
-:: الإيمان بالقضاء و القدر ::-

القضاء :
هو حكم الله – سبحانه – أزلاً " في الماضي " بوجود الشيء أو عدمه


القدر :
إيجاد الله تعالى الشيء على كيفية في وقت خاص


و قد يطلق كل منهما على الآخر ..
الإيمان بالقضاء و القدر ركن من أركان الإيمان
كما بيَّن – صل الله عليه و سلم – في هذا الحديث

" و تؤمن بالقدر خيره و شره "

و سبب إيراد ابن عمر – رضي الله عنه هذا الحديث

كان رداً على من أنكر القدر و زعم أن الأمر أنف " مستأنف "

لم يسبق له سابق قدر من الله عزَّ و جلَّ

و لقد غضب منهم ابن عمر غضباً شديداً

و أغلظ لهم القول و تبرأ منهم

و بيَّن أن أعمالهم مردودة عليهم

لا تقبل منهم إلا بإيمانهم بالقدر .

كيف يكون الإيمان بالقدر....؟؟

-:: يكون على وجهين ::-

* التصديق بأن الله عزَّ و جلَّ سبق في علمه ما يعلمه عباده

من خير و شر و طاعة و معصية قبل إيجادهم

ومن هو من أهل السعادة ، و من هو من أهل الشقاء

و دوَّن ذلك في الكتاب المحفوظ

..:: قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم ::.." كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات و الأرض بخمسين ألف سنة "

قال : و كان عرشه على الماء

و أعمالهم لا بد أن تكون مطابقة لما كتبه الله عليهم جلَّ و علا

و تجري على ما سبق في علمه سبحانه .

** أنَّ الله جلَّ و علا خلق أفعال العباد كلها

من كفر و إيمان و طاعة و معصية

فقد قال تعالى " و الله خلقكم و ما تعملون "


هذا هو معتقد أهل السنَّة و الجماعة

و خالفهم في ذلك القدرية

الذين بدأت بدعتهم في أواخر زمن الصحابة – رضوان الله عليهم أجمعين - .

لذلك لمَّا أُخبر ابن عمر بخبرهم قال لمن أخبره

إذا لقيت هؤلاء فأخبرهن أنِّي بريء منهم و أنَّهم براء منِّي

و الذي يحلف به عبدالله بن عمر

لو أنَّ لأحدهم مثل أحدٍ ذهباً ، فأنفقه ما قبله الله منه ، حتى يؤمن بالقدر



 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
العاصم من الزلل في القضاء و القدر :-

ضلَّ الكثير و انحرفوا في فهم الإيمان بالقضاء و القدر عمَّا كان عليه سلف الأمة

و يرجع ذلك لأمور منها



1 – استغل أعداء الإسلام الحاقدون القدر في إضلال النَّاس

و إلقاء الشبهات عليهم

حيث وجدوا في نصوصه منفذاً لإضلال المسلمين

فتأثر الكثير من المسلمين بهؤلاء و ضلوا عن الفهم السويِّ في هذا الركن

فمنهم من وصف الله بالظلم و العنت و العياذ بالله

و منهم من فوّضَ فهم النصوص التي وردت

كما فوَّض فهم الحروف المقطعة في أوائل السور

و معلوم أنَّ الله أمرنا بتدبرها و لم يقفل الباب فيها و لو شاء لفعل

فكما قال تعالى :

" و يسألونك عن الروح ، قل الروح من أمر الله ، و ما أو تيتم من العلم إلا قليلاً "


2 – الفهم القاصر لنصوص القدر

فمنهم من يخلص بفهمٍ عام من نص يتكلم عن جزئية من الموضوع

كما فهم البعض من قوله

" فإن الله يضل من يشاء و يهدي من يشاء "

بأن المشيئة كلها لله و أن العبد لا مشيئة له بل هو مجبور على فعلِه

و هذا الفهم ناتج من الفهم الجزئي لنصوص القدر

و عدم النظرة الشمولية للنص . " هذا ما قاله الجبرية "

3 – تشابك النصوص في هذه القضية في أمور كثيرة

مثل التشابك بين السبب و النتيجة و بين إرادة الله عزَّ و جلَّ و بين إرادة العبد

هذا التشابك أوقع الكثير في اللبس و الحيرة .

4 – تقديم أفهامهم القاصرة المتأثرة بما دسه الحاقدون على الإسلام على أفهام سلف الأمَّة

الذين زكاهم ربنا تبارك و تعالى في كتابه

و رسول الله – صلى الله عليه و سلم – في أحاديثه المستفيضة في بيان مناقبهم

لذا فعلينا أن نعتمد على أفهامهم في نصوص الكتاب و السنّة فإنَّ الخير في ذلك

و صدق من قال : -



فكلِّ خير في اتباع من سلف

و كل شر في اتباع من خلف

كيف يتمُّ الوقاية من هذا الخطر ؟؟؟

لذلك على الباحث في نصوص القضاء و القدر أن يعي الأمور الآتيه

حتى يُعصم بإذن الله تعالى من الإنحراف عن الفهم السليم الذي يريده الله عزَّ و جلَّ

و هذا ما نعتقده في هذا الركن ....



1 - التفريق بين صفات الله و خلقه :-



فلا بدَّ من التفريق بين علم الله عزَّ و جلَّ و علم البشر

فهذه الصفة لا بدَّ من إثباتها على أكمل وجه لله تعالى

فالله جلَّ و علا لا تخفى عليه خافية و لم يسبق علمه جهل

فهو يعلم كل ما سيحدث في ملكه قبل أن يخلقهم علماً دقيقاً كاملاً لا يعتريه نقص

لذلك كتب في اللوح المحفوظ كل ما سيحدث و يقع في ملكِه من خير و شر و سعادة و شقاء

و لا بدَّ أن يكون مطابقاً لما كُتِب

وإلا يكون هناك نقص بصفة العلم عنده

و الله عزَّ! و جلَّ منزه عن النقائص ...

و ما قيل بصفة العلم

يعم جميع صفات ربنا تبارك و تعالى

فقدرنه و مشيئته كاملة ، لا يشوبها عجز و لا نقص و لا قهر

كما يعتري قدرة و مشيئة الخلق لأن مشيئتهم محددة يعتريها النقص و القهر

فكل ما وقع من سلكان ربنا تبارك و تعالى وقع بمشيئته من كفر و إيمان

و هو يرضى لعباده الإيمان و لا يرضى لهم الكفر

فالذين ظنُّوا أن الكافر يوقع كفره رغماً على الله

و الله لا يستطيع أن يمنعه

هؤلاء يعبدون رباً عاجزاً مقهوراً من قبل خلقه

تعالى الله عمَّا يقول الظالمون علوَّاً كبيراً ...

2 – تنزيه الله جلَّ و علا عن النقائص



فيجب على العباد أن ينزهوا ربهم عن النقائص

من العبث و الجهل و الظلم و غيرها من النقائص

قال تعالى منزهاً نفسه عن الظلم :

" إنَّ الله لا يظلم مثقال ذرةٍ "

و قال : " و ما ربك بظلامٍ للعبيد " .

و الظلم : هو وضع الشيء في غير موضعه

فيستحيل أن يستحق الإنسان الهداية و يحرمه الله منها

و كذلك أن يستحيل أن يستحق الإنسان الإضلال و لا يكون له

و لكن قد تغيب عنَّا عواقب الأمور

و ذلك لقصر فهمنا و ضعفنا

فعلى العبد عندما يحير في أمر إنسانٍ ضلَّ بعد استقامته

أن يتهم نفسه و عقله و ينزه ربه عن الظلم و بهذا ينجو

ملخص هذه الفقرة >>>>

" أن الشرَّ عند الإنسان هو خير عند الله "

>>>> " إنَّ أمر المؤمن كله له خير "

3 - النظر الشولية لنصوص الكتاب و السنَّة و الخروج بالحكم بعد ذلك

و هذا ينبغي أن يكون في جميع قضايا الدين

تُجمع النصوص في القضيَّة

و يبذل الجهد و الوسع في فهمها و التوفيق بينها

ثمَّ يصدر بالحكم بعد ذلك .

4 – الله تعالى " لا يُسْاَلُ عمَّ يفعل و هم يُسْاَلُون "

فإذا أراد أن يعرف العبد كل ما يدور و كل ما يحكم به الله سبخانه

معنى ذلك أنه ينصب نفسه إلهاً آخر و يريد أن يشارك الله صفاته

فعندما يوحي إليك الشيطان مثلاً

هذا السؤال .. لماذا خلق الله فلاناً و هو يعلم أنَّه من أهل النَّار

و غيرها من الأسئلة فتذكَّر هذه الآيه ..

" لا يُسْاَلُ عمَّا يفعل و هم يُسْاَلُون " ..

و نَزِهْه عن النققص و الظلم و العبث

و صِفْه بالحكمة و العدل و بكل صفات الكمال

و اتهم عقلك و فهمك القاصر

و احذر من وساوس إبليس

فإنَّه يعرف المداخل التي يضل بها العباد عن الصراط المستقيم

فأفعاله كلها سبحانه خير ..

5 – ينبغي العلم بأن العبد مكلف ببذل السبب و النتائج من عند الله

و ليس كل من بذل سبباً معيناً و قام بمثله آخر يصل كلاهما إلى نفس النتيجة .

فقد يسعى إنسان و يجتهد و لا يحصل من رزقه إلا القليل

و يسعى آخر و تنهال عليه الثروات و الأموال

و كذلك قد يسعى العبد بالطاعة و يشقى و ينصب و لا يوفق فيها

كما قال تعالى " وجوهٌ يومئذٍ خاشعة ، عاملةٌ ناصبة ، تصلى ناراً حامية "

فهؤلاء مع سعيهم و نصبهم عاقبتهم سيئة

فالنتائج بيده سبحانه يرتبها على الأعمال بناءً على عدله و حكمته سبحانه

فليس عليك أن تعرف القضاء و القدر و لكن عليك أن تبذل الأسباب .

ثبت عن رسول الله – صلى الله عليه و سلم - أنه قال :



" إحتج آدم و موسى عليهما السلام عند ربهما

فحج آدم موسى

قال موسى : أنت آدم الذي خلقك الله بيده

و نفخ فيك من روحه

و أسجد لك ملائكته

و أسكنك في جنته

ثمَّ أهبطت الناس بخطيئتك إلى الأرض

قال آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته ، و بكلامه

و أعطاك الألواح تبيان كل شيء و قربك نجياً

فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق ؟

قال موسى ، بأربعين عاماً .

قال آدم : فهل وجدت فيها " و عصى آدم ربه فغوى " ؟

قال : نعم

قال : أتلومني على أن عملت عملاً كتبه اله علىَّ أن أعمله قل أن يخلقني بأرعين سنة "

قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم - : " فحجَّ آدم موسى "

حجه لأن الإخراج من الجنَّة نتيجة المعصية

و النتيجة من عنده سبحانه

أمَّا المعصية فقد وقعت بإرادة آدم عليه السلام أي أنه كان مخير فيها ..
 
أعلى