مسلسل "السيد المسيح" الايراتي

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
مسلسل "السيد المسيح" وسؤال: لمن الوصاية على الرسل؟




نقولا طعمة - بيروت
جدد مسلسل "السيد المسيح" طرح إشكالية الخلاف المسيحي-الإسلامي على نقاط دينية جوهرية، من جهة، وعلى حق طرف النظر إلى أمور دينية من زاويته الخاصة، وإن اختلف عليها مع طرف آخر، من جهة ثانية.
المسلسل من انتاج إيراني، اختارته قناتا "المنار" الناطقة باسم حزب الله، و"ان بي أن" الناطقة باسم حركة "أمل" التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، ومحطات أخرى.
من البديهي أن يتناول المسلسل كل ما يتعلق بالمسيح من وجهة نظر إسلامية، أي باعتباره المسيح رسول الله، وليس إلها، ولا ابن الله، بالإضافة إلى أن الإسلام يرفض المقولة المسيحية الرسمية حول شهادته صلبا، ويعتبر أن المسيح لم يصلب، وإنما شبه لهم، بالإضافة إلى اعتبارات دينية أخرى لا تتوافق مع المعتقد الكنسي.
ومما لا شك فيه، أن المسلسل تناول السيد المسيح بكل تكريم وحب واحترام ووضعه في مصاف الرسل والأنبياء، ولم يسيءإليه، ولا إلى أي صورة من صوره. إلا أنه خالف المعتقد المسيحي بخصوص المسيح.
أثار الطرح بعض الأطراف المسيحية التي اعتبرت فيه تشويها لصورة المسيح، واعتداء إسلاميا على المسيحية لأنه يختلف في النظرة إلى المعايير المتبعة في الأناجيل الأربعة التي تقوم العقيدة المسيحية الرسمية عليها.
لم يتوان من استثارهم المسلسل في التحرك العملاني لوقف عرضه، فانطلقت موجة جديدة من التحريض الطائفي في البلد الشديد الحساسية للطائفية. اعتصموا في المركز الكاثوليكي للإعلام قرب بيروت، وأطلقوا التهم بأن المسلسل ااعتداء على مقام المسيح، وتشويه صورته.
وعقدرئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران الماروني بشارة الراعي مؤتمرا صحفيا في المركز، ومما قال فيه أنه "يتضمن مغالطات مسيئة ومساسا بسر المسيح والعقيدة المسيحية في الجوهر والمضمون”، وبأن المعطيات في المسلسل تستند إلى انجيل برنابا الذي ترفضه الكنيسة”. شاركه في المؤتمر مدير عام "إذاعة صوت المحبة" الأب فادي تابت، وهي الإذاعة التي كانت من حصة المسيحيين أثناء توزيع محطات الإعلام المرئي والمسموع على الطوائف اللبنانية على قاعدة 6 و6 مكرر.
تابت عرض للعديد من النقاط المرفوضة من الكنيسة المسيحية في تقرير أعده بناء لتكليف من "المركز الكاثوليكي للإعلام" بعد النظر في الملاحظات مع مدير المركز الأب عبدو أبو كسم في ضوء مشاهدتهم للفيلم.
بعض النقاط التي جاءت في التقرير هي:
الأخطاء في اسماء تلاميذ المسيح الحواريين، اخطاء الفيلم وما يمس بشخص يسوع المسيح، برأباس يطلب من غوستاف ان يثأر لقتل يحيا (يوحنا)، تلميذ يحيا هذا غير موجود في الانجيل، اسم المسيح عيسى وليس المسيح، اسماء التلاميذ (الحواريين) من عالم سرياني.
يوسف اللافي المعروف ببرنابا قاده شوقه للمسيح من جزيرة قبرص الى فلسطين وكان كاتباً يدون كل ما يقوله السيد المسيح. في حين انه التلميذ الذي رافق القديس بولس، وانجيله، اي انجيل برنابا، كتب في الجيل الخامس عشر و السادس عشر من قبل راهب ترك ايمانه المسيحي اخذ نص الانجيل وشوهه)، المسلسل يصور برنابا كاتباً يدون ما قاله السيد المسيح.
ديموس استضاف المسيح وحاوره على مائدة الطعام في بيته. المسيح يتكلم ونيقوديموس يبكي، في الوقت نفسه المسيح يتكلم عن الانبياء الذين قتلوهم قائلاً: "سيأتي دوري فلن يرتاحوا حتى يروني مضرجاً بدمائي"، بينما المسيح يتكلّم: دخلت مريم المجدلية اخت لعازر تخبره عن لعازر بانه يحتضر فيقول لها المسيح: "لا تبكي يا مريم، يذهب المسيح الى القبر حيث لعازر ونشاهد قيامة لعازر على يد المسيح فتقول له مريم: "وعدتنا ان اخانا لن يموت..."، فقال لها يسوع: "ان اخاك لن يموت ويطلب من اله اسحاق ويعقوب ثم يطلب من لعازر ان يقوم، فيقوم لعازر من القبر”.
ويظهر جليا من خلال الملاحظات أن الأطراف المعترضة اتخذت من الأناجيل الأربعة مقياسا لمعاييرها، .
المحطتان
ليس مخفيا ما تتعرض له الساحة اللبنانية من تصاعد للشحن السياسي على خلفية احتمال إصدار المحكمة الدولية لقرار ظني يتهم أعضاء من حزب الله بالاغتيال، والردود والسجال على ذلك.
ولأن الساحة لا تحتمل المزيد، سارعت المحطتان لوقف بث المسلسل بناء على تمن من رئيس الجمهورية ميشال سليمان.
الرأي الآخر
طرحت الأزمة أيضا إشكالية حق طرف ما بالنظر للأنبياء، والرسل، والدين بطريقتهم الخاصة. الإسلام يمنع تجسيد الأنبياء بصور، فهل يمنع هذا الموقف من المسيحي من تجسيد الأنبياء؟
وإذا كان للإسلام وجهة نظر بالسيد المسيح، ألا يحق للمسلمين تقديم قناعتهم به حتى لو خالفت نظرة المسيحيين؟ هل الأنبياء حكر على الطوائف والمذاهب التي تحمل اسمهم؟ أم أنهم جاؤوا لصالح البشرية جمعاء، وبالتالي من حق كل انسان أن يتصورهم بالطريقة المثلى التي يحب، في ظلال الاحترام لهم ولرسالاتهم؟
الحوارات التي أطلقت بين الأديان في العقود الماضية على مستوى عالمي قد تكون طرحت هذه الأسئلة، لكن الإجابات عليها لم تبد متوافرة أقله على صعيد العامة.
آراء إسلامية ومسيحية
في رأيين إسلامي ومسيحي، يبدو تقارب في تناول الإشكالات المذكورة. فمفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار قال ل"دوك. الجزيرة نت": "إننا مقيدون بشريعتنا وفقهنا أن تكون وسائلنا منضبطة وجامعة عند إيصال الفكرة للناس، بالموعظة والحكمة فإذا اصطدم ذلك مع شريحة معينة في أي بلد فنعمل وفق الأثر الشريف "دع الخير الذي عليه الشر يربو".
وقال: "من حق المسلمين أن يوصلوا صورة أنبياء الله تعالى كما جاءت في القرآن الكريم، لكن كل خير يعكس شرا فنحن نمسك عنه".
وأوضح أن "أخواننا المسيحيين يدركون أن عقيدة المسلمين أن عيسى نبي الله وأفضل خلقه، وأكمل رسله في زمانه، ويعتقدون أنه نبي ورسول، وليس الله ولا ابن الله".
وأكد "الحرص على وحدة الوطن، ولا يشترط تعليم الإسلام أن يكون بما يصطدم ومشاعر وعقائد الآخرين".
الأب ابراهيم سروج انتقد ما أسماها "عنتريات بعض المسيحيين التي تستهدف -بحسب رأيه-حزب الله، واللغة التي استخدمت تذكرنا بما يعرف بمحاكم التفتيش”.
وقال ل"دوك. الجزيرة نت" أنه "لو لم يكن هناك من أثار الناس وحرك مشاعرهم لما حدثت هذه الضجة، والدلالة أنه سبق أن عرضت مسلسلات غربية شوهت صورة القديسة مريم والسيد المسيح ولم يحرك أحد ساكنا".
وأردف: "تقوم عقيدتنا على احترام وجهة نظر الآخرين وحريتهم بالمطلق. وتوقيف المسلسل حكمة قطعت الطريق على مظاهر طائفية كان يمكن أن تحدث، وهي عنتريات لا علاقة لها بالدين المسيحي ولا بالمسيح".
 
أعلى