الســقوط إلـى الأعلى !!

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!




الســقوط إلـى الأعلى !!


قال له إبليس أنا لا أفرض عليك حالاً ولكن أطلب منك أن تجرب الخطوة .. ثم لك الخيار بعد ذلك أن تواصل المشوار أو الرجوع إلى عهدك القديم .. ثم ثانياً تلك بلاد بأمجادها وحضاراتها .. وهي سيدة الكون اليوم وإن كانوا يدينون بغير دينك .. أو كانوا يعيشون في فراغ دون عقيدة في خالق أو رب .. وأنت تملك حصة نفسك .. وما زال يوسوس له الشيطان حتى دخل في تلك التجربة المرعبة .. فانتقل بأسرته الناشئة إلى بلاد مفتوحة بعيوب غير محدودة .. وبأخلاقيات هي في الدرك الأسفل .. وفي أعماقه كان دائماً يصر على التمسك بعقيدته مهما توشحت الحياة بضبابية الفساد والانحراف .. وبعد وصوله تلك الديار كان الانبهار فوق كل تصور .. والحياة هناك غير تلك المحسوبة بمعيار ذاك الحلال وذاك الحرام .. ولكن المعيار هناك بمعيار فرية الحرية المطلقة .. والفرد فيها إذا تجاوز من العمر مرحلة البلوغ فهو حر في نفسه .. أن يكون كما يريد .. وله أن يكون رجلاً إذا أراد وله أن يكون أنثى !!.. والمرأة بدورها لها حق التصرف في نفسها كيف شاءت .. فلها أن تكون امرأة أو تكون رجلاً مثليةً .. خلط عجيب في الأخلاقيات .. ولذلك في العلاقات الجنسية فالأمر مرهون بمدى بموافقة الجانبين .. بغض النظر عن الأمور الشرعية أو الدينية .. ساحات مباحة باسم حرية الأفراد .. وباسم حقوق الإنسان .. وتلك حقوق أصبحت شماعةً لكل من يريد أن يتلاعب خارج أسوار العفة والنقاء والأخلاقيات .. وكل من يتجرأ ويطعن في تلك الحقوق يتهم بالزندقة .. ويتهم بالرجعية .. ويتهم بالإرهاب ويتهم بكل قبائح النعوت ..
أما تلك الأسرة التي قدمت من ديار الطهر والعفاف وجدت نفسها في محيط من الفساد .. ورب الأسرة إذا أراد أن يحمي أطفاله وأسرته من الانحراف فتلك مشقة تماثلها مشقة ذلك الذي يحاول أن يصد مياه المحيطات بكف يده !!.. فأجتهد كثيراً في تجنيب أهله وأسرته من مزالق تلك الديار الفاسدة .. التعليم في مدارسهم خلط وحرية وانطلاق .. وجمع بين مراهقين ومراهقات .. والنقاش في ساحاتها مفتوح في كل المواضيع .. الولد عندما يعود من المدرسة يناقش بحرية مطلقة في أمور الجنس والعلاقات .. والبنت كذلك .. ويحاول الأب جاهداً أن يصحح بعض الأخلاقيات .. ويجتهد لكي يرسخ في أذهانهم بعض الموروثات الدينية .. ويحاول أن يشرح لهم بعض المفاهيم التي يجب أن تكون لها نوع من الخصوصية أخلاقياً وشرعياً .. ولكن تلك التلميحات من الأب دائماَ لا تجد القبول من عقول تعودت التمرد .. والأب يظن أن هناك مرحلة من العقل سوف تكون في يوم من الأيام لتعود تلك العقول الصغيرة إلى رشدها .. وكم كان مخطئاً في ذلك .. ومرت الأيام والسنوات .. والحكم أصبح في كف الصغار الذين بدءوا يطرقون أبواب أعمار الكبار .. وفي ذات يوم قدمت بنت من بناته وهي ترقص فرحاً وطرباً وتحدث بأعلى صوتها .. وقالت بالحرف الواحد أن التجربة كانت ناجحة مئة في المئة .. ولم يكن الأب يتصور أن تكون التجربة في أمر هو الطامة الكبرى .. وقد أشارت البنت بأن تجربتها الجنسية الأولى كانت ناجحة مئة في المئة !! .. فكانت الصدمة كبيرة على الأب الذي انتكس برأسه إلى الأرض .. ولم يستطع أن يرفع رأسه إلى أعلى .. أما باقي أفراد الأسرة من الأولاد والبنات فكانوا في فرح شديد .. وأخذوا يهنئونها ويتمنون لها المزيد من النجاحات !! وفي تلك اللحظة أدرك الأب أن الأمور قد خرجت من نطاقها .. وبدأ يعد العدة سراً ليعود بأسرته إلى بر الأمان .. ولكن كانت الأمور قد خرجت كلياً عن سلطاته .. وذات يوم جلس في المنزل وحيداً وهو في هم شديد .. ثم فكر قليلاً ليدرس أحوال الجميع فدخل في غرفة أحد أبناءه خلسة .. وبدأ يفتش في مكنونات الغرفة ولم تصدق عينه ما رأت .. فذلك الابن منحرف جنسياً .. فانهار الرجل وجلس في الكرسي ينتظر قدوم الأسرة .. وأراد أن يفاجئهم بما رأي .. ولكنهم استقبلوا الأمر بمنتهى البرودة .. ثم شرحوا له بأنهم يعلمون بأن أخيهم مثلي الجنس وأن ذلك من حقه !! .. فصاح الأب فيهم وغضب وسخط وأمرهم بأن يستعدوا للرجوع فوراً للديار .. ولكنهم ضحكوا وقالوا نحن ديارنا هنا .. فإذا أردت أن تكون معنا فلا بأس ولكن يجب أن تستلزم بالحدود المتاحة لك .. وإذا أردت أن ترحل لبلادك فنحن لا نمانع مع علمنا مسبقاً بأن تلك عودة إلى الرجعية .. وسقوط في الهاوية .. فقال لهم الأب أنا عائد لدياري وأقبل بذلك السقوط بكل فخر لأن ذلك السقوط هو سقوط إلى الأعلى .. فعاد لبلاده وحيداً وهو يجرجر خيبة أمله .. ويتألم لفشل التجربة مع إبليس اللعين .. ولقد عاد ليهرب ويسلم بجلده .. ولكن هل هو فعلاً قد سلم من مسئولية هي قائمة فوق رقبته .. وسوف يسأل عنها يوم القيامة ؟؟ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
 
أعلى