الاميرة جورية
{سبحان الله وبحمده ..!
بوادر إنفراج وكرم من التاريخ
بوادر انفراج وكرم من التاريخ(1)
أعلن عن موعد المحاضرة الجديد، وعن موضوعها. فكان:ـ الدكتورة سارة تحاضر عن النبي محمدٍ صلى الله عليه وسلم في الموسم الثقافي للجامعة.
بدأت محاضرتها الثانية ، بعد الترحيب بالحضور وشكرهم، مخاطبة جموع الحاضرين، أعزائي الحضور الكرام، لقد اخترت النبي محمداً صلى الله عليه وسلم ليكون موضوع محاضرتي في هذا الموسم، ثم أردفت قائلة كأني بكم تسألون لمَ الحديث عن النبي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ؟ ما المسوغات التي تميزه عمن مرَّ بنا ذكرهم في المحاضرة الماضية ؟
سمعت همسات، ورأت نظرات، من لدن الحاضرين، دلت بمجموعها على صدق حدسها وعلى حسن تعبيرها، وصواب تقديرها.
فابتدأت تقول بكل ثقة وطمأنينة: توافر لدي من خلال البحث، أربع حقائق، تحمل بمجموعها إجابات شافية عن الأسئلة الماضية. فيما يبدو لي، والحكم إليكم، بعد الاستماع إليها.
أولها : توافر المعلومات التفصيلية، الصحيحة عن حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مراحل حياته جميعها، فليست في هذه السيرة التي استمرت ثلاثة وستين عاماً حلقة مفقودة، وليس فيها كذلك أي من علامات الاستفهام، التي مرت بنا عند الحديث عن بعض من سبقه من العظماء.
لقد اتفق كل من قرأ في سيرته، بإنصاف ـ وأنا منهم ـ ،على أنه كتاب مفتوح، أمام أتباعه، وأعدائه، على حد سواء.
من أبرز مظاهر هذا الوصف، أن الباحث لا يكاد يجد علامة استفهام في سيرته كلها، وفي أخص خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وأجدني مضطرة، في هذا المقام، أن أفتح فهرسَ أصغر كتاب، وقع في يدي، حول جانب من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم لنقف وإياكم على بعض ما احتواه من تفصيلات، أعترف أمامكم بأنني كدت أمل هذه التفصيلات، على الرغم من اتهامكم لي أنني ممن أُعْنَى بها ,وأسعى إليها، هذا الكتاب هو أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه، تأليف جعفر بن حيان الأصفهاني، المتوفى سنة 369هـ، الموافق 952م تقريباً.
تضمن هذا الكتاب، وصفاً دقيقاً لجميع قطع ملابس النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ووصفاً لجميع الأدوات التي كان يستعملها، ووصفاً دقيقاً لطريقة أكله، وشربه، ونومه، ودخوله، وخروجه، وجلوسه، وكلامه، وضحكه، وبكائه، وحواره وتعامله مع الناس.
وكذلك تضمن وصفاً دقيقاً مفصلاً لجميع أعضاء جسمه الظاهرة لأصحابه، وتضمن حديثاً عن الحيوانات التي كان يركبها، وأسماء هذه الحيوانات، وغير ذلك مما لا يتسع المقام له.
لم ينفرد بهذه المعلومة كتاب أو كتابان، بل إنها تكررت في مئات الكتب الموثوقة والمشهود لأصحابها بالمنهجية العلمية والصدق والنزاهة، وهذه دعوة مني بهذه المناسبة، لمن يرغب في الاطلاع، أن يقرأ في بعض هذه الكتب، وهو ما يؤكد بحق أننا أمام شخصية تُعد كتاباً مفتوحاً بكل صفحاته.
ويحسن في هذا المقام أن أستعين ببعض شهادات لمن سبقني بالكتابة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد قال ر. ف بودلي الباحث الإنجليزي المعاصر: ( إننا نجد أن قصة محمد واضحة كل الوضوح)(1).
فقد قال التاريخ في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم كلمته، بعيداً عن الأساطير، والتزوير، واستأنس في هذا الموطن بقول للأستاذ كلود كاهن، أستاذ التاريخ الإسلامي، في جامعة باريس، حين قال: ( اصطبغت شخصية محمد بصبغة تاريخية، قد لا تجدها عند أي مؤسس آخر من مؤسسي الديانات الأخرى)(2).
لقد عاش النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة، ما يزيد على خمسين عاماً، وهي الشطر الأكبر من حياته، وكان أعداؤه فيها أضعاف أتباعه بكثير، ولم يجرؤ أحد من أعدائه أن يشكك في شيء مما تضمنته صفحات حياته، أو يدعي أحدهم أن في حياته صفحات غير واضحة.
سجل التاريخ محاورة مشهورة جرت بين أبي سفيان زعيم مكة خصم النبي محمدصلى الله عليه وسلم المشهور قبل أن يُسلم، وبين هرقل عظيم الروم، لم يستطع أبو سفيان، أن يزوِّر فيها شيئاً من الحقائق، أو يغيِّر فيها بعض المعلومات، خشية أن يسجل عليه التاريخ أنه كذب أمام هرقل عظيم الروم (1). لأن سيرة محمد صلى الله عليه وسلم الحميدة ، كانت أشهر من أن تحرف، أو يتستر عليها.
ثانيها : كثرة الكتب، التي ألفت في سيرته، على مدى 1400 عام، فإنها تعد بالمئات. ويمكن لأي شخص، أن يستعين بقاعدة البيانات الموجودة في الجامعة، ويستخدم الطرفيات المرتبطة ببعض الجامعات الأخرى، ليتأكد بنفسه من صحة هذه المعلومة، وقد يصل الرقم معه إلى خانة الآلاف، إذا تحلى بالصبر وحرص على الاستقصاء، وإذا كنت لم أَجزم بعددها لأني لا أملك معلومات موثقة، فإني أنقل لكم ما ذكره المؤرخ الكبير ول ديورانت ، فقد قال في كتابه قصة الحضارة: ( إن ما يروى عن محمد من القصص ، قد ملأ عشرة آلاف مجلد )(2).
سوف يجد، المتتبع لهذه المؤلفات، أنها كتبت في أزمنة مختلفة، وفي بيئات مختلفة، ومن أشخاص مختلفين، وبمناهج مختلفة، ولكنها تكاد تجمع كلها، على ما تضمنته من معلومات.
وإن كان من خلاف بينها، فهو في الصياغة، وفي الإيجاز، والإطناب، وفي التحليل، وموقف المؤلف من هذه المعلومات، وهي مسألة اجتهادية لا إشكال فيها غالباً.
ثالثها : كثرة أتباعه، المحيطين به، فقد ذكرت لنا الكتب المعتمدة، في علم الرجال، والتي تلقاها الناس بالقبول، أنه صاحب النبي محمداً صلى الله عليه وسلم قرابة عشرة آلاف صحابي، وهم ولا شك متفاوتون في هذه الصحبة، من حيث مدتها ، وطبيعتها.
لقد كان من حسن الحظ، أن أنس بن مالك رضي الله عنه، الذي خدم النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنوات متواصلات، كان آخر أصحابه موتاً، فقد ثبت أنه مات سنة 93هـ ، فيكون قد عاش بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم قرابة 80 سنة، كما أن زوجته عائشة أكثر الناس قرباً منه، عاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم قرابة 45 سنة، فإنها توفيت سنة 58 هـ.
وكذلك ابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنه، وكان مقرباً منه، فقد عاش بعد النبيصلى الله عليه وسلم 55 سنة، فقد توفى سنة 68هـ ، وغير هؤلاء كثير، فقد أتيحت لهم الفرصة لينقلوا عن النبي صلى الله عليه وسلم كل ما حفظوه عنه، ورأوه منه، هم وغيرهم، ممن تجاوز عددهم الآلاف.
مما لا شك فيه، أنه كان حوله أعداد كبيرة جداً، يرقبون كل صغيرة وكبيرة في سيرته، حتى في أخص خصائص الرجل مع زوجته، فقد نقلت لنا زوجات النبي محمد صلى الله عليه وسلم كيفية غسله بعد لقاء زوجاته، وكيفية نومه.
لقد نقلت هذه التفصيلات بأحاديث ذات أسانيد متصلة موثوقة، كان لها الفضل في إزالة أية علامات استفهام .
وقف على هذه الحقيقة، أستاذ الحضارة الإسلامية، الأستاذ هاملتون جب، فقال: ( لولا الحديث لأصبح لمحمد في أقل تقدير صورة معممة ـ إن لم نقل بعيدة ـ في أصولها التاريخية، والدينية، أما الحديث فقد صور وجوده الإنساني، في مجموعة وفيرة من التفصيلات الحية المحسوسة)(1).
وهو ما دفع أيضاً الباحث لورا فينسيا فاغليري إلى القول، وهو يتحدث عن الحالة الاجتماعية للأنبياء: ( يبدو أننا لا نعرف تفاصيل الحياة اليومية، لموسى، وعيسى، على حين نعرف كل شيء عن حياة محمد العائلية)(2).
وهذا مونته أستاذ اللغات الشرقية، في جامعة جنيف، يدلي بشهادة مماثلة فيقول: ( ندر بين المصلحين من عرفت حياتهم بالتفصيل مثل محمد )(1).
إن مما يعين على تقبل هذه المعلومات، والثقة بها، أنه نقلها غير واحد، وفي ظروف مختلفة، في ضوء علم الإسناد، وعلم نقد الرجال، الذي لم تعرف البشرية لهما مثيلاً.
أعلن عن موعد المحاضرة الجديد، وعن موضوعها. فكان:ـ الدكتورة سارة تحاضر عن النبي محمدٍ صلى الله عليه وسلم في الموسم الثقافي للجامعة.
بدأت محاضرتها الثانية ، بعد الترحيب بالحضور وشكرهم، مخاطبة جموع الحاضرين، أعزائي الحضور الكرام، لقد اخترت النبي محمداً صلى الله عليه وسلم ليكون موضوع محاضرتي في هذا الموسم، ثم أردفت قائلة كأني بكم تسألون لمَ الحديث عن النبي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ؟ ما المسوغات التي تميزه عمن مرَّ بنا ذكرهم في المحاضرة الماضية ؟
سمعت همسات، ورأت نظرات، من لدن الحاضرين، دلت بمجموعها على صدق حدسها وعلى حسن تعبيرها، وصواب تقديرها.
فابتدأت تقول بكل ثقة وطمأنينة: توافر لدي من خلال البحث، أربع حقائق، تحمل بمجموعها إجابات شافية عن الأسئلة الماضية. فيما يبدو لي، والحكم إليكم، بعد الاستماع إليها.
أولها : توافر المعلومات التفصيلية، الصحيحة عن حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مراحل حياته جميعها، فليست في هذه السيرة التي استمرت ثلاثة وستين عاماً حلقة مفقودة، وليس فيها كذلك أي من علامات الاستفهام، التي مرت بنا عند الحديث عن بعض من سبقه من العظماء.
لقد اتفق كل من قرأ في سيرته، بإنصاف ـ وأنا منهم ـ ،على أنه كتاب مفتوح، أمام أتباعه، وأعدائه، على حد سواء.
من أبرز مظاهر هذا الوصف، أن الباحث لا يكاد يجد علامة استفهام في سيرته كلها، وفي أخص خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وأجدني مضطرة، في هذا المقام، أن أفتح فهرسَ أصغر كتاب، وقع في يدي، حول جانب من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم لنقف وإياكم على بعض ما احتواه من تفصيلات، أعترف أمامكم بأنني كدت أمل هذه التفصيلات، على الرغم من اتهامكم لي أنني ممن أُعْنَى بها ,وأسعى إليها، هذا الكتاب هو أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه، تأليف جعفر بن حيان الأصفهاني، المتوفى سنة 369هـ، الموافق 952م تقريباً.
تضمن هذا الكتاب، وصفاً دقيقاً لجميع قطع ملابس النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ووصفاً لجميع الأدوات التي كان يستعملها، ووصفاً دقيقاً لطريقة أكله، وشربه، ونومه، ودخوله، وخروجه، وجلوسه، وكلامه، وضحكه، وبكائه، وحواره وتعامله مع الناس.
وكذلك تضمن وصفاً دقيقاً مفصلاً لجميع أعضاء جسمه الظاهرة لأصحابه، وتضمن حديثاً عن الحيوانات التي كان يركبها، وأسماء هذه الحيوانات، وغير ذلك مما لا يتسع المقام له.
لم ينفرد بهذه المعلومة كتاب أو كتابان، بل إنها تكررت في مئات الكتب الموثوقة والمشهود لأصحابها بالمنهجية العلمية والصدق والنزاهة، وهذه دعوة مني بهذه المناسبة، لمن يرغب في الاطلاع، أن يقرأ في بعض هذه الكتب، وهو ما يؤكد بحق أننا أمام شخصية تُعد كتاباً مفتوحاً بكل صفحاته.
ويحسن في هذا المقام أن أستعين ببعض شهادات لمن سبقني بالكتابة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد قال ر. ف بودلي الباحث الإنجليزي المعاصر: ( إننا نجد أن قصة محمد واضحة كل الوضوح)(1).
فقد قال التاريخ في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم كلمته، بعيداً عن الأساطير، والتزوير، واستأنس في هذا الموطن بقول للأستاذ كلود كاهن، أستاذ التاريخ الإسلامي، في جامعة باريس، حين قال: ( اصطبغت شخصية محمد بصبغة تاريخية، قد لا تجدها عند أي مؤسس آخر من مؤسسي الديانات الأخرى)(2).
لقد عاش النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة، ما يزيد على خمسين عاماً، وهي الشطر الأكبر من حياته، وكان أعداؤه فيها أضعاف أتباعه بكثير، ولم يجرؤ أحد من أعدائه أن يشكك في شيء مما تضمنته صفحات حياته، أو يدعي أحدهم أن في حياته صفحات غير واضحة.
سجل التاريخ محاورة مشهورة جرت بين أبي سفيان زعيم مكة خصم النبي محمدصلى الله عليه وسلم المشهور قبل أن يُسلم، وبين هرقل عظيم الروم، لم يستطع أبو سفيان، أن يزوِّر فيها شيئاً من الحقائق، أو يغيِّر فيها بعض المعلومات، خشية أن يسجل عليه التاريخ أنه كذب أمام هرقل عظيم الروم (1). لأن سيرة محمد صلى الله عليه وسلم الحميدة ، كانت أشهر من أن تحرف، أو يتستر عليها.
ثانيها : كثرة الكتب، التي ألفت في سيرته، على مدى 1400 عام، فإنها تعد بالمئات. ويمكن لأي شخص، أن يستعين بقاعدة البيانات الموجودة في الجامعة، ويستخدم الطرفيات المرتبطة ببعض الجامعات الأخرى، ليتأكد بنفسه من صحة هذه المعلومة، وقد يصل الرقم معه إلى خانة الآلاف، إذا تحلى بالصبر وحرص على الاستقصاء، وإذا كنت لم أَجزم بعددها لأني لا أملك معلومات موثقة، فإني أنقل لكم ما ذكره المؤرخ الكبير ول ديورانت ، فقد قال في كتابه قصة الحضارة: ( إن ما يروى عن محمد من القصص ، قد ملأ عشرة آلاف مجلد )(2).
سوف يجد، المتتبع لهذه المؤلفات، أنها كتبت في أزمنة مختلفة، وفي بيئات مختلفة، ومن أشخاص مختلفين، وبمناهج مختلفة، ولكنها تكاد تجمع كلها، على ما تضمنته من معلومات.
وإن كان من خلاف بينها، فهو في الصياغة، وفي الإيجاز، والإطناب، وفي التحليل، وموقف المؤلف من هذه المعلومات، وهي مسألة اجتهادية لا إشكال فيها غالباً.
ثالثها : كثرة أتباعه، المحيطين به، فقد ذكرت لنا الكتب المعتمدة، في علم الرجال، والتي تلقاها الناس بالقبول، أنه صاحب النبي محمداً صلى الله عليه وسلم قرابة عشرة آلاف صحابي، وهم ولا شك متفاوتون في هذه الصحبة، من حيث مدتها ، وطبيعتها.
لقد كان من حسن الحظ، أن أنس بن مالك رضي الله عنه، الذي خدم النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنوات متواصلات، كان آخر أصحابه موتاً، فقد ثبت أنه مات سنة 93هـ ، فيكون قد عاش بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم قرابة 80 سنة، كما أن زوجته عائشة أكثر الناس قرباً منه، عاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم قرابة 45 سنة، فإنها توفيت سنة 58 هـ.
وكذلك ابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنه، وكان مقرباً منه، فقد عاش بعد النبيصلى الله عليه وسلم 55 سنة، فقد توفى سنة 68هـ ، وغير هؤلاء كثير، فقد أتيحت لهم الفرصة لينقلوا عن النبي صلى الله عليه وسلم كل ما حفظوه عنه، ورأوه منه، هم وغيرهم، ممن تجاوز عددهم الآلاف.
مما لا شك فيه، أنه كان حوله أعداد كبيرة جداً، يرقبون كل صغيرة وكبيرة في سيرته، حتى في أخص خصائص الرجل مع زوجته، فقد نقلت لنا زوجات النبي محمد صلى الله عليه وسلم كيفية غسله بعد لقاء زوجاته، وكيفية نومه.
لقد نقلت هذه التفصيلات بأحاديث ذات أسانيد متصلة موثوقة، كان لها الفضل في إزالة أية علامات استفهام .
وقف على هذه الحقيقة، أستاذ الحضارة الإسلامية، الأستاذ هاملتون جب، فقال: ( لولا الحديث لأصبح لمحمد في أقل تقدير صورة معممة ـ إن لم نقل بعيدة ـ في أصولها التاريخية، والدينية، أما الحديث فقد صور وجوده الإنساني، في مجموعة وفيرة من التفصيلات الحية المحسوسة)(1).
وهو ما دفع أيضاً الباحث لورا فينسيا فاغليري إلى القول، وهو يتحدث عن الحالة الاجتماعية للأنبياء: ( يبدو أننا لا نعرف تفاصيل الحياة اليومية، لموسى، وعيسى، على حين نعرف كل شيء عن حياة محمد العائلية)(2).
وهذا مونته أستاذ اللغات الشرقية، في جامعة جنيف، يدلي بشهادة مماثلة فيقول: ( ندر بين المصلحين من عرفت حياتهم بالتفصيل مثل محمد )(1).
إن مما يعين على تقبل هذه المعلومات، والثقة بها، أنه نقلها غير واحد، وفي ظروف مختلفة، في ضوء علم الإسناد، وعلم نقد الرجال، الذي لم تعرف البشرية لهما مثيلاً.