لا تحزن

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
﴿ اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ﴾
سرُّ الهدايةِ

ولنْ يهتدي للسعادةِ ولنْ يجدها ولنْ ينعم بها ، إلا منِ اتبع الصراط المستقيم الذي تركنا محمدٌ r على طرفِهِ ن وطرفُه الآخرُ في جناتِ النعيمِ : ﴿وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً﴾.
فسعادةُ من لزم الصراط المستقيم أنهُ مطمئنٌّ لحسْنِ العاقبةِ ، واثقٌ منْ طيبِ المصيرِ ، ساكنٌ إلى موعودِ ربِّهِ ، راضٍ بقضاءِ مولاهُ ، مخبتٌ في سلوكِهِ هذا السبيلُ ، يعلمُ انَّ له هادياً يهديهِ على هذا الصراطِ ، وهو معصومٌ لا ينطقُ عن الهوى ، ولا يتبعُ منْ غوى ، قَوْلُهُ حجَّةٌ على الورى ، محفوظٌ منْ نزغاتِ الشيطانِ ، وعثراتِ القرانِ ، وسقطاتِ الإنسانِ : ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ ﴾.
وهذا العبدُ يجدُ السعادة في سلوكِهِ هذا الصراط ؛ لأنهُ يعلمُ أنَّ له إلهاً ، وأمامهُ أسوةً ، وبيدِهِ كتاباً ، وفي قلبِه نوراً ، وفي خلدِه ، واعظاً ، وهو ذاهبٌ إلى نعيمٍ ، وعاملٌ في طاعةٍ ، وساعٍ إلى خيرٍ : ﴿ ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ﴾.

أين ما يُدعى ظلاماً يا رفيق الدربِ أينْا



إنَّ نور اللهِ في قلبي وهذا ما أراهُ


وهما صراطان : معنويٌّ وحِسِّيٌّ ، فالمعنويٌّ : صراطُ الهدايةِ والإيمانِ ، والحسيُّ : الصراطُ على متْنِ جهنم ، فصراطُ الإيمانِ على متنِ الدنيا الفانيةِ له كلاليبٌ من الشهواتِ ، والصراطُ الأخرويُّ على متْنِ جهنم له كلاليبُ كشوكِ السعدانِ ، فمنْ تجاوز هذا الصراط بإيمانِهِ تجاوز ذاك الصراط على حسْبِ إيقانهِ ، وإذا اهتدى العبدُ إلى الصراطِ المستقيمِ زالتْ همومُه وغمومُه وأحزانُه .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
عشرُ زهِراتٍ يقطفُها منْ أراد الحياة الطيبة

1. جلسةٌ في السَّحر للاستغفارِ : ﴿ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ ﴾.
2. وخلوةٌ للتفكُّرِ : ﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾.
3. ومجالسةُ الصالحين : ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم ﴾.
4. والذِّكْر : ﴿ اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ﴾.
5. وركعتانِ بخشوعٍ : ﴿ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾.
6. وتلاوةٌ بتدبُّرٍ : ﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ﴾.
7. وصيامُ يومٍ شديدِ الحرِّ : (( يدع طعامه وشرابه وشهواته منْ أجلي )) .
8. وصدقةٌ في خفاءٍ : (( حتى لا تعلم شمالهُ ما تنفقُ يمينُه )) .
9. وكشْفُ كربةٍ عنْ مسلمٍ : (( منْ فرَّج عنْ مسلمِ كربةً منْ كُربِ الدنيا فرَّج اللهُ عنه كربةً منْ كربِ يومِ القيامةِ )) .
10. وزهْدٌ في الفانيةِ : ﴿ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾.
تلك عشرةٌ كاملةٌ .
منْ شقاءِ ابنِ نوحٍ قولُه : ﴿ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء ﴾. ولو أوى إلى ربِّ الأرضِ والسماءِ لكان أجلَّ وأعزَّ وأمنع .
ومن شقاءِ النمرودِ قولهُ : أنا أُحيي وأُميتُ . فتقمَّص ثوباً ليس له ، واغتصب صفةً لا تحلُّ له ، فُبِهِت وخسأ وخاب .
﴿ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى ﴾.
مفتاحُ السعادةِ كلمةٌ ، وميراثُ الملَّةِ عبارةٌ ، ورايةُ الفلاحِ جملةٌ ، فالكلمةُ والعبارةُ والجملةُ هي : لا إله إلا اللهُ . محمدٌ رسولُ اللهِ r .
سعادةُ منْ نطقها في الأرضِ : أن يُقال لهُ في السماءِ : صدقْتَ : ﴿ وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ﴾.
وسعادةُ منْ عمل بها : أنْ ينجو من الدمارِ والشَّنارِ والعارِ والنارِ : ﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ ﴾.
وسعادةُ منْ دعا إليها : أنْ يٌعان ويُنْصَرَ ويُشْكَرَ : ﴿ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾.
وسعادةُ منْ أحبَّها : أنْ يُرفع ويُكرَمَ ويُعزَّ : ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾.
هتف بها بلالٌ الرقيقُ فأصبح حرّاً : ﴿ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ ﴾.
وتلعثم في نطقهاِ أبو لهبٍ الهاشميُّ ، فمات عبداً ذليلاً حقيراً : ﴿ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ﴾.
إنها الإكسيِرُ الذي يحولِّ الركام البشريَّ الفاني إلى قممٍ لإيمانيةٍ ربانيةٍ طاهرةٍ : ﴿ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا ﴾.
لا تفرحْ بالدنيا إذا أعرضْت عنِ الآخرةِ ، فإنَّ العذاب الواصب في طريقِك ، والغلَّ والنَّكالُ ينتظرُك : ﴿ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ{28} هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ ﴾. ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾.
ولا تفرحْ بالولدِ إذا أعرضت عن الواحدِ الصمدِ ، فإنَّ الإعراض عنه كلُّ الخذلانِ ، وغايةُ الخسرانِ ، ونهايةُ الهوانِ : ﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ ﴾.
ولا تفرحْ بالأموالِ إذا أسأت الأعمال ، فإنَّ إساءة العمل محقٌ للخاتمةِ وتبابٌ في المصيرِ ، ولعنةٌ في الآخرةِ : ﴿ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى ﴾ ﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ﴾.
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
وقفــةٌ

(( يا حيُّ يا قيومُ برحمتِك أستغيثُ )) : في رفع هذا الدعاءِ مناسبةٌ بديعةٌ ، فإنَّ صفة الحياةِ متضمِّنةً لجميع صفاتِ الكمالِ ، مستلزمةٌ لها ، وصفةُ القيَّوميةُ متضمِّنةٌ لجميعِ صفاتِ الأفعالِ ، ولهذا كان اسمُ اللهِ الأعظمُ الذي إذا دُعِيَ به أجاب ، وإذا سُئل به أعطى : هو اسمُ الحيُّ القيومُ . والحياةُ التامَّة تضادُّ جميع الأسقامِ والآلام ؛ ولهذا لما كمُلتْ حياةُ أهلِ الجنةِ ، لمْ يلحقْهُمْ همُّ ولا غمٌّ ولا حَزَنٌ ولا شيءٌ من الآفاتِ . ونقصانُ الحياةِ تضرُّ بالأفعالِ ، وتنافي القيومية ، فكمالُ القيوميةِ لكمالِ الحياةِ ، فالحيُّ المطلقُ التامُّ الحياةِ لا تفوتُه صفةُ الكمالِ ألبتة ، والقيومُ لا يتعذَّرُ عليه فعْل ممكن ألبتة ، فالتوسلُ بصفةِ الحياةِ والقوميةِ له تأثيرٌ في إزالةِ ما يُضادُّ الحياةَ ويضرُّ بالأفعالِ .

قال الشاعرُ :

لعمْرُك ما المكروهُ منْ حيث تتَّقي





وتخشى ولا المحبوبُ من حيثُ تَطْمَعُ


وأكثرُ خوفِ الناسِ ليس بكائنِ




فما درْكُ الهمِّ الذي ليس ينفعُ


 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
تعامَلْ معَ الأمرِ الواقعِ

إذا هوَّنت ما قدْ عزَّ هان ، وإذا أيسْت من الشيءِ سلتْ عنهُ نفسُك : ﴿ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ ﴾.
قرأتُ أنَّ رجلاً قفز منْ نافذةٍ وكان بأصبعِه اليسرى خاتم ، فنشب الخاتمُ بمسمارِ في النافذةِ ، ومع سقوطِ الرجلِ اقتلع المسارُ أصبعه من أصلها ، وبقي بأربعُ أصابع ، يقولُ عنْ نفسِهِ : لا أكادُ أتذكَّرُ أن لي أربعُ أصابع في يدٍ فحسبُ ، أو أنني فقدتُ أصبُعاً من أصابعِي إلا حينما أتذكرُ تلك الواقعةَ ، وإلا فعلمي على ما يرامُ ، ونفسي راضيةٌ بما حدث : (( قدّر اللهُ وما شاء فعل )) .
وأعرفُ رجلاً بُتِرتْ يدُه اليسرى من الكتِفِ لمرضٍ أصابهُ ، فعاش طويلاً وتزوَّج ، ورُزق بنين ، وهو يقودُ سيارتهُ بطلاقةٍ ، ويؤدي عمله بارتياحٍ ، وكأنَّ اللهِ لم يخلقْ له إلا يداً واحدةً : (( ارض بما قسم اللهُ لك ، تكنْ أغنى الناس )) .
ما أسرع ما نتكيَّف مع واقعِنا ، وما أعجب ما نتأقلمُ مع وضعِنا وحياتِنا ، قبل خمسين سنةً كان قاعُ البيتِ بساطاً منْ حصيرٍ النخلِ ، وقربة ماءٍ ، وقدراً منْ فخارٍ ، وقصعةً ، وجفنةً، وإبريقاً ، وقامتْ حياتُنا واستمرتْ معيشتُنا ، لأننا رضينا وسلَّمنا وتحاكمْنا إلى واقعِنا.

والنفسُ راغبةٌ إذا رغَّبْتها



وإذا تُردُّ إلى قليلٍ تقْنعُ


وقعتْ قتنةٌ بين قبيلتينِ في الكوفةِ في المسجدِ الجامعِ ، فسلُّوا سيوفهم ، وامتشقوا رماحهم ، وهاجتْ الدائرةُ ، وكادتِ الجماجمُ تفارقُ الأجسادَ ، وانسلَّ أحدُ الناسِ من المسجدِ ليبحث عن المُصْلحِ الكبيرِ والرجلِ الحليمِ ، الأحنفِ بنِ قيسٍ ، فوجدهُ في بيتِه يِحلبُ غنمه ، عليه كساءٌ لا يساوي عشرة دراهم ، نحيلُ الجسمِ ، نحيفُ البنيةِ ، أحنفُ الرجلين ، فأخبروه الخبرَ فما اهتزتْ في جسمِهِ شعرةٌ ولا اضطرب ؛ لأنه قدِ اعتاد الكوارث ، وعاش الحوادث ، وقال لهم : خيراً إنْ شاء اللهُ ، ثم قُدِّم له إفطارُه وكأنْ لم يحدثْ شيءٌ ، فإذا إفطارهٌ كِسْرةٌ من الخبزِ اليابسِ ، وزيتٌ وملحٌ ، وكأسٌ من الماءِ ، فسمَّى وأكل ، ثمَّ حمدَ اللهَ ، وقال : بُرٌّ منْ بُرِّ العراق ، وزيتٌ من الشامِ ، مع ماءِ دجلة ، وملح مرو ، إنها لنعمٌ جليلةٌ . ثم لبس ثوبَهَ ، وأخذ عصاهُ ، ثم دلف على الجموعِ ، فلمّا رآه الناسُ اشرأبَّتْ إليه أعناقُهم ، وطفحتْ غليه عيونُهم ، وأنصتوا لما يقولُ ، فارتحل كلمة صُلْحٍ ، ثمَّ طلب من الناسِ التفرُّق ، فذهب كلُّ واحداً منهمْ لا يلوي على شيءٍ ، وهدأت الثائرةُ ، وماتتِ الفتنةُ .

قدْ يدركُ الشرف الفتى ورداؤُهُ



خَلَقٌ وجيْبُ قميصِه مَرْقوعُ


· في القصةِ دروسٌ ، منها :
أنَّ العظمة ليستْ بالأبهةِ والمظهرِ ، وأنَّ قلَّة الشيءِ ليستْ دليلاً على الشقاءِ ، وكذلك السعادةُ ليستْ بكثرةِ الأشياءِ والترفُّهِ : ﴿ فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ{15} وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾.
وأنَّ المواهب والصفاتِ الساميةِ هي قيمةُ الإنسان ، لا ثوْبُهُ ولا نعلُهُ ولا قَصْرُهُ ولا دارُهُ ، إنها وزنهُ في علمهِ وكرمهِ وحلمهِ وعقلهِ : ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾. وعلاقةُ هذا بموضوعِنا أن السعادة ليستْ في الثراءِ الفاحشِ ، ولا في القصْرِ المنيفِ ، ولا في الذهبِ والفضَّةِ ، ولكنَّ السعادةَ في القلبِ بإيمانهِ ، برضاهُ ، بأنسهِ ، بإشراقهِ : ﴿ فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ ﴾ ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾.
عوِّدْ نفسك على التسليمِ بالقضاءِ والقدرِ ، ماذا تفعلُ إذا لمْ تؤمنْ بالقضاءِ والقدرِ ، هلْ تتخذُ في الأرضِ نفقاً أو سُلَّماً في السماءِ ، لنْ ينفعك ذلك ، ولنْ ينقذك من القضاءِ والقدرِ . إذنْ فما الحلّ ؟
الحلُّ : رضينا وسلَّمنا: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ﴾.
منْ أعنفِ الأيام في حياتي ، ومن أفظعِ الأوقاتِ في عمري : تلك الساعةُ التي أخبرني فيها الطبيبُ المختصُّ ببترِ يد أخي محمدٍ – رحمه اللهُ – من الكتفِ ، ونزل الخبرُ على سمعي كالقذيفةِ ، وغالبتُ نفسي ، وثابتْ روحي إلى قولِ المولى : ﴿ َا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾، وقولهِ : ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ{155} الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ﴾.
كانتْ هذه الآياتُ برْداً وسلاماً وروْحاً وريْحاناً .
وليس لنا من حيلةٍ فنحتالُ ، إنما الحيلةُ في الإيمانِ والتسليمِ فَحَسْبُ ، ﴿ أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ﴾ ﴿ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ﴾ ﴿ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾.
إن الخنساء النخعيةَ تُخبرُ في لحظةٍ واحدةِ بقتلِ أربعةِ أبناءٍ لها في سبيلِ اللهِ بالقادسيةِ ، فما كان منها إلا أنْ حمدتِ ربَّها ، وشكرتْ مولاها على حُسْن الصنيعِ ، ولطفِ الاختيارِ ، وحلولِ القضاءِ ؛ لأنَّ هناك معيناً من الإيمانِ ، ورافداً من اليقينِ لا ينقطعُ ، فمثلُها تشكرُ وتُؤجرُ وتسعدُ في الدنيا والآخرةِ ، وإذا لمْ تفعلْ هذا فما هو البديلُ إذنْ ؟! التسخُّطُ والتضجُّرُ والاعتراضُ والرفضُ ، ثم خسارةُ الدنيا والآخرةِ ! (( فمنْ رضي فلهُ الرَّضا ، ومنْ سخط فله السخطُ )) .
إن بلسم المصائبِ وعلاج الأزماتِ ، قولُنا : إنّا للهِ وإنّا إليه راجعون .
والمعنى : كلُّنا للهِ ، فنحنُ خَلْقُه وفي ملكِهِ ، ونحنُ نعودُ إليهِ ، فالمبدأُ منه ، والمعادُ إليه ، والأمرُ بيدهِ ، فليس لنا من الأمرِ شيءٌ .

نفسي التي تملكُ الأشياء ذاهبةٌ



فكيف أبكي على شيءٍ إذا ذهبا


﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ﴾ ، ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾ ،﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ﴾ .
لو فوجئت بخبرٍ صاعقِ باحتراقِ بيتِك ، أو موتِ ابنك ، أو ذهابِ مالك فماذا عساك أنْ تفعل ؟ من الآنِ وطِّنْ نفسك ، لا ينفعُ الهربُ ، لا يجدي الفرارُ والتملُّصُ من القضاء والقدر ، سلِّمْ بالأمرِ ، وارض بالقدرِ ، واعترفْ بالواقعِ ، واكتسبِ الأجر ، لأنه ليس أمامك إلا هذا . نعمْ هناك خيارٌ آخرُ ، ولكنه رديءٌ أحذِّرك منُه ، إنه : التبرُّمُ بما حَصَلَ والتضجُّرُ مما صار ، والثورةُ والغضبُ والهيجان ، ولكنْ تحصلُ على ماذا منْ هذا كلِّه ؟! إنك سوف تنالُ غضب الربِّ جلَّ في عليائِه ، ومقْت الناسِ ، وذهاب الأجْرِ ، وفادح الوزرِ ، ثمَّ لا يعودُ عليك المصاب ، ولا ترتفعُ عنك المصيبةُ ، ولا ينصرفُ عنك الأمرُ المحتومُ : ﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ﴾ .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
ما تحزنُ لأجلِهِ سينتهي
فإنَّ الموتَ مقدمٌ على الكلِّ : الظالمِ والمظلومِ ، والقويِّ والضعيفِ ، والغنيِّ والفقيرِ ، فلست بِدعاً من الناسِ أنْ تموت ، فقبلك ماتتْ أممٌ وبعدك تموتُ أممٌ .
ذكر ابنُ بطوطة أنَّ في الشمالِ مقبرةً دُفن ألفُ ملِكٍ عليها لوحةٌ مكتوبٌ فيها :

وسلاطينُهم سلِ الطين عنهمُ



والرؤوسُ العظامُ صارتْ عظاماً


إنَّ الأمرَ المذهل في هذا : غفلةُ الإنسانِ عنْ هذا الفناءِ المداهمِ له صباح مساء ، وظنُّه أنهُ خالدٌ مخلَّدٌ منعَّمٌ ، وتغافلُه عن المصيرِ المحترمِ وتراخيه عن النهايةِ الحقَّةِ لكلِّ حيٍّ : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾، ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ ﴾.
لما أهلك اللهُ الأمم ، وأباد الشعوب ، ودمَّرَ القُرى الظالمةَ وأهلها ، قال–عزَّ مِنْ قائل-: ﴿ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً ﴾؟! انتهى كلُّ شيءٍ عنهمْ إلا الخبرَ والحديث .

هل عندكمْ خبرٌ منْ أهلِ أندلسٍ



فقدْ مضى بحديثِ القومِ ركبانُ


 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
وقفــةٌ

دعاء الكربِ : مشتمِلٌ على توحيدِ الإلهيةِ والربوبيةِ ، ووصفِ الربِّ سبحانهُ بالعظمةِ والحِلمِ ، وهاتانِ الصفتانِ مستلزمتانِ لكمالِ القدرةِ والرحمةِ ، والإحسانِ والتجاوزِ ، ووصْفهِ بكمالِ ربوبيتِه للعالمِ العلويِّ والسُّفليِّ والعرشِ الذي هو سقفُ المخلوقاتِ وأعظمُها .
والربوبيةُ التامَّةُ تستلزمُ توحيده ، وأنهُ الذي لا تنبغي العبادةُ والحبُّ والخوفُ والرجاءُ والإجلالُ والطاعةُ إلا لهُ . وعظمتُه المطلقةُ تستلزمُ إثبات كلِّ كمالٍ لهُ ، وسلب كلِّ نقصٍ وتمثيلٍ عنهُ ؛ وحِلمُهُ يستلزمُ كمال رحمتِهِ وإحسانِهِ إلى خلقِهِ .
فعلْمُ القلبِ ومعرفتُهُ بذلك تُوجبُ محبتُهُ وإجلالُهُ وتوحيدُهُ ، فيحصلُ له من الابتهاجِ واللذةِ والسرورِ ما يدفعُ عنهُ ألم الكْربِ والهمِّ والغمِّ ، وأنت تجدُ المريض إذا ورد عليهِ ما يسُرُّهُ ويُفرحُه ، ويُقوِّي نفسهُ ، كيف تقوى الطبيعةُ على دفعِ المرضِ الحسيِّ ، فحصولُ هذا الشفاءِ للقلبِ أولى وأحرى .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
الاكتئابُ طريقُ الشقاءِ

ذكرتْ جريدةُ ( المسلمون ) عدد 240 في شهرِ صفر سنة 1410هـ ، أنَّ هناك 200 مليون مكتئبٍ على وجهِ الأرضِ !
الاكتئابُ العالم!! لا يفرِّقُ بين دولةٍ غربيةٍ وأخرى شرقية ! أو غنيٍّ وفقيرٍ . إنه مرضٌ يصيبُ الجميع .. ونهايتُه في الغالبِ الانتحارُ !!
الانتحارُ لا يعترفُ بالأسماءِ والمناصبِ والدولِ ، لكنَّه يخافُ من المؤمنين ، بعضُ الأرقامِ تؤكدُ أنَّ ضحاياهُ وصلوا إلى 200 مليون مريضٍ في كلِّ أنحاءِ العالمِ .. إلاَّ أنَّ آخر الإحصاءاتِ تؤكّدُ أنَّ واحداً على الأقلِّ بين كل عشرةِ أفرادٍ على وجهِ الأرضِ مصابٌ بهذا المرضِ الخطير !!
وقد وصلتْ خطورةُ هذا المرضِ أنه لا يصيبُ الكبار فقط ، بل يصِلُ إلى حدِّ مداهمةِ الجنينِ في بطنِ أمِّه !!
· الاكتئابُ بوابةُ الانتحار :
﴿ َلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ﴾، ﴿ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾.
تذكر الأخبارُ التي تناقلتْها وِكالاتُ الأنباءِ أنَّ مرض الاكتئابِ قد تمكَّن من الرئيسِ السابق للولاياتِ المتحدة الأمريكية (رونالدْ ريجان). وتعودُ إصابةُ الرئيس الأمريكي بهذا المرضِ لتجاوزِه سنَّ السبعين في الوقتِ الذي لا يزالُ يتعرَّضُ فيه لضغوطٍ عصبيةٍ كبيرةٍ .. بالإضافةِ للعملياتِ الجراحيةِ التي أُجريتْ له على فتراتٍ متلاحقةٍ ،﴿وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ﴾ .
وهناك الكثيرُ من المشاهيرِ وخاصَّةً مَنْ يعملون بالفنِّ ، يداهمُهمْ هذا المرضُ ، وقد كان الاكتئابُ سبباً رئيساً – إنْ لم يكنْ الوحيد – في موتِ الشاعرِ صلاح جاهين ، وكذلك يُقال : إنَّ نابليون بونابرت مات مكتئباً في منفاهُ ﴿ وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾.
وما زلنا نذكرُ أيضاً الخبر الذي طيَّرتْه وكِالات الأنباءِ ، احتلَّ صدر الصفحاتِ الأولى في أغلبِ صحفِ العالمِ ، عن الجريمةِ المروِّعةِ التي ارتكبتْها أمٌّ ألمانيةٌ بقتلِ ثلاثةٍ منْ أطفالها، واتضح أنَّ السبب هو مرضُها بالاكتئابِ ، ولحبِّها الشديدِ لأطفالها خافتْ أنْ تورثهم العذاب والضيق الذي تشعرُ بهِ ، فقرّرتْ « إراحتهم»!! منْ هذا العذابِ بقتِلهم الثلاثةِ .. ثم قتلتْ نفسها !!.
وأرقامُ (منظمةِ الصحةِ العالميةِ) تشيرُ إلى خطورةِ الأمرِ.. ففي عام 1973 م كان عددُ المصابين بالاكتئابِ في العالمِ 3% ، وارتفعتْ هذه النسبةُ لتصل إلى 5% في عام 1978 م ، كما أشارتْ بعضُ الدراساتِ إلى وجودِ فردٍ أمريكيٍّ مصابٍ بالاكتئاب منْ كلِّ أربعةٍ !! في حين أعلن رئيسُ مؤتمرِ الاضطرابِ النفسيِّ الذي عُقد في شيكاغو عام 1981 م أنَّ هناك 100 مليونِ شخصٍ في العالمِ يعانون من الاكتئابِ ، أغلبُهمْ منْ دولِ العالمِ المتقدم ، وقالتْ أرقامٌ أخرى أنهم مائتا مليون مكتئبٍ!! ﴿أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ﴾
قال أحدُ الحكماءِ : اصنعْ من الليمونِ شراباً حُلواً . وقال أحدُهم : ليس الذكيُّ الفطِنُ الذي يستطيعُ أنْ يزيد أرباحهُ، لكنّ الذكيَّ الذي يحوِّلُ خسائره إلى أرباحٍ ﴿أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ .
وفي المثلِ : لا تنطحِ الحائط !!
والمعنى : لا تعانِدْ منْ لا تستفيدُ منْ عنادِهِ فائدةً تعودُ عليك بخيْرٍ .
وقالوا : ولا تطحنِ الدقيق ، ﴿ فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ﴾.
والمعنى : أنَّ الأمور التي فُرغ منها وانتهتْ لا ينبغي أن تُعاد وتُكرَّر ؛ لأنَّ في ذلك قلقاً واضطراباً وتضييعاً للوقت .
وقالوا أيضاً – وهو مثلٌ إنكليزيٌ - : لا تنشرِ النشارة .
والمعنى : أي نشارةَ الخشبِ ، لا تأت وتنشرْها مرةً ثانيةُ ، فقدْ فرغ منها .
يقولون ذلك لمنْ يشتغلُ بالتوافهِ ، واجترار الهمومِ ، وإعادةِ الماضي ، ﴿ الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾.
هناك مجالاتٌ للفارغين من الأعمالِ يمكنُ سدُّها ، كالتزودِ بالصالحاتِ ، ونفْعِ الناسِ ، وعيادةِ المرضى ، وزيارةِ المقابرِ ، والعنايةِ بالمساجدِ ، والمشاركةِ في الجمعياتِ الخيريةِ ، ومجالسِ الأحيَّاءِ ، وترتيبِ المنزلِ والمكتبةِ والرياضةِ النافعةِ ، وإيصالِ النفع للفقراءِ والعجزةِ والأراملِ ، ﴿ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ ﴾.
اقرأِ التاريخ لتجد المنكوبين والمسلوبين والمصابين .
وبعد فصولٍ منْ هذا البحثِ سوف أطلعك على لوحةٍ من الحزنِ للمنكوبين بعنوان : تعزَّ بالمنكوبين .
﴿ وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ ، ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ ﴾ ، ﴿ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ .
قال عمرُ : أصبحتُ وما لي مطلبٌ إلا التمتُّعُ بمواطنِ القضاءِ .
ومعنى ذلك : أنه مرتاحٌ لقضاءِ اللهِ وقدرهِ ، سواءٌ كان فيما يحلو له أو فيما كان مرّاً .
وقال بعضُهمْ : ما أبالي على أيِّ الراحلتيْنِ ركبتُ ، إنْ كان الفقرُ لهم الصبرُ ، وإنْ كان الغنى لهو الشكرُ .
﴿ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾.
وبُترتْ رِجْلُ عروة بن الزبيرِ ، ومات ابنُه في يومٍ واحداً ، فقال : اللهمَّ لِك الحمْد ، إنْ كنت أخذت فقدْ أعطيْت ، وإنْ كنت ابتليْتَ فقدْ عافيْت ، منحتني أربعة أعضاءِ ، وأخذت عضواً واحداً ، ومنحتني أربعة أبناءٍ وأخذت ابناً واحداً . ﴿ وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً﴾ ، ﴿ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ﴾ .
كمْ مرةٍ خفنا من الموتِ فما متْنا ؟!
كمْ مرةٍ ظننا انها القاضيةُ وأنها النهايةُ ، فإذا هي العودةُ الجديدةُ والقوةُ والاستمرارُ ؟!
كم مرةٍ ضاقتْ بنا السُّبُلُ ، وتقطَّعتْ بنا الحبالُ ، وأظلمتْ في وجوهِنا الآفاقُ ، وإذا هو الفتحُ والنصرُ والخيرُ والبِشارةُ ؟! ﴿ قُلِ اللّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ﴾.
كمْ مرةٍ أظلمتْ أمامنا دنيانا ، وضاقتْ علينا أنفسُنا والأرضُ بما رحُبتْ ، فإذا هو الخيرُ العميمُ واليسرُ والتأييدُ ؟! ﴿ وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ ﴾.
منْ علم أنَّ الله غالبٌ على أمرِه ، كيف يخافُ أمر غيرِه ؟! منْ علم أنَّ كلَّ شيءٍ دون اللهِ ، فكيف يخوَّفونك بالذين منْ دونِه ؟! منْ خاف الله كيف يخافُ منْ غيرِه ، وهو يقولُ : ﴿ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ ﴾.
معهُ سبحانُهُ العزةُ ، والعزةُ للهِ ولرسولهِ وللمؤمنين .
معه الغَلَبَةُ ﴿ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾، ﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ .
ذكر ابنُ كثيرٍ في تفسيرِه أثراً قدسيّاً : (( وعزتي وجلالي ما اعتصم بي عبدٌ ، فكادتْ له السماواتُ والأرضُ ، إلا جعلتُ له منْ بينِها فرجاً ومخرجاً . وعزَّتي وجلالي ما اعتصم عبدي بغيري إلا أسخْتُ الأرض من تحتِ قدميْهِ )) .
قال الإمامُ ابنُ تيمية : بـ (( لا حول ولا قوة إلا بالله ِ )) تُحمل الأثقالُ ، وتُكابدُ الأهوالُ ، ويُنالُ شريفُ الأحوالِ .
فالزمْها أيُّ العبدُ ! فإنها كنزٌ منْ كنوزِ الجنةِ . وهي منْ بنودِ السعادةِ ، ومنْ مساراتِ الراحةِ ، وانشراحِ الصدرِ .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
الاستغفارُ يفتحُ الأقفال
يقول ابنُ تيمية : إنَّ المسألة لتغلقُ عليَّ ، فأستغفرُ الله ألف مرةٍ أو أكثر أو أقلَّ ، فيفتحُها اللهُ عليَّ .
﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً ﴾ .
إنَّ منْ أسبابِ راحةِ البالِ ، استغفار ذي الجلال .
رُبَّ ضارةٍ نافعةٌ ، وكلُ قضاءٍ خيرٌ حتى المعصيةُ بشرطِها .
فقدْ ورد في المسندِ : ((لا يقضي اللهُ للعبدِ قضاء إلا كان خيراً له)) . قيل لابن تيمية: حتى المعصية ؟ قال : نعمْ ، إذا كان معها التوبةُ والندمُ ، والاستغفارُ والانكسارُ . ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً
﴿ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ ، ﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ﴾.
عجبتُ لعظماء عَرَفَهُمُ التاريخُ ، كانوا يستقبلون المصائب كأنَّها قطراتُ الغيثِ ، أو هفيفُ النسيمُ ، وعلى رأسِ الجميع سيدُ الخلْقِ محمدٌ r ، وهو في الغارِ ، يقولُ لصاحبِه : ﴿لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا . وفي طريقِ الهجرةِ ، وهو مطاردٌ مشرَّدٌ يبشِّرُ سراقة بأنه يُسوَّرُ سواريْ كسرى !
وفي بدر يثبُ في الدرعِ r وهو يقولُ : ﴿ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ﴾.
وفي أُحدٍ – بعد القتلِ والجراحِ – يقولُ للصحابةِ : (( صُفُّوا خلفي ، لأُثني على ربي )) . إنها هِممٌ نبويَّةٌ تنطحُ الثريَّا ، وعزْمٌ نبويٌ يهزُّ الجبال .
قيسُ بنُ عاصم المنْقرِيُّ منْ حلماءِ العربِ ، كان مُحتبياً يكلِّم قومهُ بقصةٍ ، فأتاه رجلٌ فقال : قُتِل ابنُك الآن ، قَتَلَهُ ابنُ فلانة . فما حلَّ حَبْوَتَهُ ، ولا أنهى قصّتهُ ، حتى انتهى منْ كلامِه ، ثم قال : غسِّلوا ابني وكفِّنوه ، ثمَّ آذنِوني بالصلاةِ عليه ! ﴿ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ ﴾.
وعِكرِمةُ بنُ أبي جهلٍ يُعطى الماء في سكراتِ الموتِ ، فيقولُ : أعطوه فلاناً . لحارثِ بنِ هشامِ ، فيتناولونه واحداً بعد واحداً ، حتى يموتُ الجميعُ .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
الناسُ عليك لا لك

إنَّ العاقل الحصيف يجعلُ الناس عليهِ لا لهُ ، فلا يبني موقفاً ، أو يتخذ قراراً يعتمدُ فيهِ على الناسِ ، إن الناس لهمْ حدودٌ في التضامنِ مع الغيرِ ، ولهمْ مدىً يصلون إليهِ في البذلِ والتضحيةِ لا يتجاوزونهُ .
انظرْ إلى الحسينِ بنِ عليٍّ – رضي اللهُ عنهُ وأرضاهُ – وهو ابنُ بنتِ الرسولِ r ، يُقتلُ فلا تنبسُ الأمَّةُ ببنتِ شفةٍ ، بل الذين قتلوهُ يكبِّرون ويهلّلون على هذا الانتصارِ الضخمِ بِذبحِهِ !! ، رضي اللهُ عنه . يقولُ الشاعرُ :

جاؤوا برأسِك يا ابن بنتِ محمدٍ





مُتزمِّلاً بدمائِهِ تزميلا


ويُكبِّرون بأنْ قُتلت وإنما




قتلوا بك التكبير والتهليلا



ويُساق أحمدُ بنُ حنبلٍ إلى الحبسِ ، ويُجلدُ جلداً رهيباً ، ويشرفُ على الموتِ ، فلا يتحرّكُ معهُ أحدٌ .
ويُؤخذُ ابنُ تيمية مأسوراً ، ويركبُ البغل إلى مصر ، فلا تموجُ تلك الجموعُ الهادرةُ التي حضرتْ جنازتهُ ، لأنَّ لهمْ حدوداً يصلون إليها فَحَسْبُ ، ﴿ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلَا نَفْعاً وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُوراً ﴾، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ ، ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ﴾ ، ﴿ إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئاً ﴾.

فالزمْ يديْك بحبلِ اللهِ معتصماً




فإنَّهُ الركنُ إنْ خانَتْك أركانُ



 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
رفقاً بالمالِ « ما عال منِ اقْتَصَدَ »

قال أحدهُمْ :

اجمعْ نقودك إنَّ العِزَّ في المالِ



واستغنِ ما شئت عنْ عمٍّ وعنْ خالِ


إنَّ الفلسفة التي تدعو إلى تبذيرِ المالِ وتبديدهِ وإنفاقِه في غيرِ وجْهِهِ أو عدمِ جمعِه أصلاً ليستْ بصحيحةٍ ، وإنما هي منقولةٌ منْ عُبَّادِ الهنودِ ، ومنْ جهلةِ المتصوفةِ .
إنَّ الإسلام يدعو إلى الكسبِ الشريفِ ، وإلى جمعِ المالِ الشريفِ ، وإنفاقهِ في الوجهِ الشريفِ ، ليكون العبدُ عزيزاً بماله، وقدْ قال r : ((نِعم المالُ الصالحُ في يدِ الرجلِ الصالحِ)) . وهو حديثٌ حسنٌ .
وإنَّ مما يجلبُ الهموم والغموم كثرةُ الديونِ ، أو الفقرُ المضني المهلك : (( فهلْ تنتظرون إلاَّ غنى مطغياً أو فقراً منسياً )) . ولذا استعاذ r فقال : (( اللهم إني أعوذُ بك منَ الكفرِ والفقْرِ )) . و (( كاد الفقْرُ أنْ يكون كفراً )) .
وهذا لا يتعارضُ مع الحديثِ الذي يرويه ابنُ ماجة : (( ازهدْ في الدنيا يحبّك اللهُ ، وازهدْ فيما عند الناسِ يحبُّك الناسُ )) . على أنَّ فيهِ ضعيفاً .
لكنَّ المعنى : أن يكون لك الكفافُ ، وما يكفيك عن استجداءِ الناسِ وطلبِ ما عندهم من المالِ ، بلْ تكونُ شريفاً نزيهاً ، عندك ما يكفُّ وجهكَ عنهمْ ، (( ومن يستغنِ يُغنِه اللهُ )) .
وفي الصحيحِ : (( إنك إنْ تَذَرُ ورثَتَكَ أغنياء ، خيرٌ منْ أن تَذَرَهُمْ عالةً يتكفَّفونُ الناس )) .

أَسُدُّ به ما قدْ أضاعوا وفرَّطوا



حقوق أناسٍ ما استطاعوا لها سدّا



يقولُ أحدُهم في عِزَّةِ النفسِ :

أحسنُ الأقوالِ قولي لك خذْ



أقبحُ الأقوالِ كلاَّ ولعلْ


وفي الصحيح : (( اليدُ العليا خيرٌ من اليدِِ السُّفلى )) . اليدُ العليا المعطيةُ ، واليدُ السُّفلى الآخذةُ أو السائلةُ ، ﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ ﴾ .
والمعنى : لا تتملَّق البشرَ فتطلب منهمْ رزقاً أو مكسباً ، فإنَّ الله عزَّ وجلَّ ضمِنَ الرزق والأجلَ والخلْقَ لأنَّ عزَّةَ الإيمانِ قعساءُ ، وأهلُه شرفاءُ ، والعزةُ لهم ، ورؤوسُهم دائماً مرتفعةٌ ، وأنوفُهم دائماً شامخةٌ : ﴿ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً ﴾. قال ابنُ الورديُّ :

أنا لا أرغبُ تقبيل يدٍ





قطْعُها أحسنُ منْ تلك القُبلْ


إنْ جزتْني عنْ صنيعِ كنتُ في




رِقِّها أو لا فيكفيني الخجلْ


 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
لا تتعلقْ بغيرِ اللهِ

إذا كان المحيي والميتُ والرزاقُ هو اللهُ ، فلماذا الخوفُ من الناس والقلقُ منهمُ ؟! ورأيتُ أنَّ أكثر ما يجلبُ الهموم والغموم التعلُّقُ بالناسِ ، وطلبُ رضاهمْ ، والتقربُ منهمُ ، والحرصُ على ثنائِهم ، والتضرُّر بذمِّهمْ ، وهذا من ضعفِ التوحيدِ .

فليتك تحلو والحياةُ مريرةٌ





وليتك ترْضى والأنامُ غضابُ


إذا صحَّ منك الودُّ فالكُلُّ هيِّنٌ




وكلُّ الذي فوق الترابِ ترابُ


 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
أسبابُ انشرحِ الصَّدْرِ

أهمُّها : التوحيدُ : فإنهُ بِحسبِ صفائِهِ ونقائِه يوسعُ الصدرَ ، حتى يكون أوسع من الدنيا وما فيها .
ولا حياة لمُشركٍ وملحِدٍ ، يقولُ سبحانه وتعالى : ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾. وقال سبحانه : ﴿ فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ ﴾ . وقال سبحانه : ﴿ أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ﴾ .
وتوعَّد اللهُ أعداءه بضيقِ الصَّدرِ والرهبةِ والخوفِ والقلقِ والاضطرابِ ، ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً ﴾، ﴿ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ ، ﴿ فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء ﴾ .
ومما يشرحُ الصَّدْرَ : العلمُ النافعُ ، فالعلماءُ أشرحُ الناسِ صدوراً ، وأكثرُهم حُبوراً ، وأعظمُهمْ سروراً ، لما عندهمْ من الميراثِ المحمديِّ النبويِّ : ﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ﴾ ، ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ .
ومنها : العملُ الصالحُ : فإنَّ للحسنةِ نوراً في القلبِ ، وضياءً في الوجهِ ، وسَعَةَ في الرزقِ ، ومحبةً في قلوبِ الخلْقِ ، ﴿ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً ﴾ .
ومنها : الشجاعةُ : فالشجاعُ واسعُ البطانِ ، ثابتُ الجَنَانِ ، قويُّ الأركانِ ، لأنه يؤولُ على الرحمنِ ، فلا تهمُّه الحوادثُ ، ولا تهزُّهُ الأراجيفُ ، ولا تزعزِعُهُ التوجساتُ .

تردَّى ثبات الموتِ حُمْراً فما أتى





لها الليلُ إلا وهي مِنْ سندسٍ خُضْرُ


وما مات حتى مات مضرِبُ سيفِهِ




مِن الضربِ واعتلتْ عليه القنا السّمْرُ



ومنها : اجتنابُ المعاصي : فإنها كدرٌ حاضرٌ ، ووحشةٌ جاثمةٌ ، وظلامٌ قاتمٌ .

رأيتُ الذنوب تُميتُ القلوب



وقدْ يُورثُ الذُّلَّ إدمانُها



ومنها : اجتنابُ كثرةِ المباحاتِ : من الكلامِ والطعامِ والمنام والخلطةِ ، ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾، ﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ ، ﴿ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ ﴾ .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
فُرِغ من القضاءِ
سألَ أحدُ المرضى بالهواجسِ والهمومِ طبيب القلقِ والاضطرابِ ، فقال له الطبيبُ المسلمُ : اعلمْ أنَّ العالم قدْ فرغَ منْ خلقِهِ وتدبيرِه ، ولا يقعُ فيهِ حركةٌ ولا هَمْسٌ إلا بإذن اللهِ ، فلِم الهمُّ والغمُّ؟! ((إنَّ الله كتب مقادير الخلائقِ قبل أنْ يَخْلُقَ الخلْق بخمسين ألف سنةٍ)) .
قال المتنبي على هذا :

وتعْظُمُ في عينِ الصغيرِ صغارُها



وتصغرُ في عينِ العظيمِ العظائِمُ


 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
طَعْمُ الحريَّةِ اللذيذُ
يقولُ الراشدُ في كتابِ ( المسار ) : منْ عندَهُ ثلاثمائةٍ وستون رغيفاً وجرَّة زيتٍ وألفٌ وستمائة تمرة ، لم يستعبدْه أحدٌ .
وقال أحدُ السلفِ : منِ اكتفى بالخبزِ اليابسِ والماءِ ، سلِم من الرِّقِّ غلا للهِ تعالى ﴿ وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى ﴾.
قال أحدُهم :

أطعتُ مطامعي فاستعبدتني



ولوْ أني قِنِعْتُ لكنتُ حراً


وقال آخرُ :

أرى أشقياء الناسِ لا يسأمونها





على أنَّهمْ فيها عُراةٌ وجُوَّعُ


أراها وإنْ كانتْ تسُرُّ فإنها




سحابةُ صيفٍ عنْ قليلٍ تقشَّعُ


إنَّ الذين يسعوْن على السعادةِ بجمع المالِ أو المنصبِ أو الوظيفةِ ، سوف يعلمون أنهمْ همُ الخاسرون حقّاً ، وأنهمْ ما جلبوا إلا الهموم والغموم ، ﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ ﴾، ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا{16} وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية

سفيانُ الثوريُّ مخدَّتُهُ الترابُ

توسَّد سفيانُ الثوريُّ كومْةً منْ الترابِ في مزدلفة وهو حاجٌّ ، فقال له الناسُ : أفي مثلِ هذا الموطنِ تتوسَّدُ الترابَ وأنت مُحدِّثُ الدنيا ؟ قال : لمخدَّتي هذهِ أعظمُ منْ مخدةِ أبي جعفرٍ المنصورِ الخليفةِ .
﴿ قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ ﴾.
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
لا تركنْ إلى المُرجِفِينَ

الوعودُ الكاذبةُ ، والإرهاصاتُ الخاطئةُ المغلوبةُ ، التي يخافُ منها أكثرُ الناسِ ، إنما هي أوهامٌ ، ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾.
والقلقُ والأرقُ وقُرْحةُ المعدةِ : ثمراتُ اليأسِ والشعورِ بالإحباطِ والإخفاق .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
لنْ يضرَّك السبُّ والشَّتْمُ

كان الرئيسُ الأمريكيُّ ( إبراهام لينكولن ) يقولُ : أنا لا أقرأُ رسائل الشتمِ التي تُوجَّه إليَّ ، ولا أفتحُ مظروفها فضلاً عن الردِّ عليها ؛ لأنني لو اشتغلتُ بها لمَا قدَّمت شيئاً لشعبي ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ﴾، ﴿ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴾ ، ﴿ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ﴾ .
قال حسَّانُ :

ما أبالي أنبَّ بالحزْنِ تَيْسٌ



أو لحاني بظهرِ غَيْبٍ لئيمُ


المعنى : أنَّ كلماتِ اللؤماءِ والسخفاءِ والحقراءِ الشتّامين المتسلقين على أعراضِ الناسِ ، لا تضرُّ ولا تُهُمُّ ، ولا يمكنُ أنْ يتلفت لها مسلمٌ ، أو أن يتحرك منها شجاعٌ .
كان قائدُ البحريةِ الأمريكيةِ في الحربِ العالميةِ الثانيةِ رجلاً لامعاً ، يحرصُ على الشهرةِ ، فتعاملَ مع مرؤوسيةِ الذين كالوا له الشتائم والسباب والإهاناتِ ، حتى قال : أصبح اليوم عندي من النقدِ مناعةٌ ، لقدْ عَجَمَ عودي ، وكبرتْ سني ، وعلمتُ أنَّ الكلام لا يهدمُ ولا ينسِفُ سُوراً حصيناً .

وماذا تبتغي الشعراءُ منّي



وقدْ جاوزتُ حدَّ الأربعينا



يُذكرُ عن عيسى – عليه السلامُ – أنهُ قال : أحبوا أعداءكم .
والمعنى : أنْ تُصدروا في أعدائِكمْ عفواً عامّاً ، حتى تسلموا من التشفِّي والانتقامِ والحقدِ الذي ينهي حياتَكُمْ، ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾. ((اذهبوا فأنتمُ الطلقاءُ)) ، ﴿ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ﴾، ﴿ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف ﴾.
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
اقرأ الجمال في الكوْنِ

مما يشرحُ الصدر قراءةُ الجمالِ في خلْقِ ذي الجلالِ والإكرامِ، والتمتُّعُ بالنظرِ في الكونِ، هذا الكتابُ المفتوحُ ، إنَّ الله يقولُ في خلقِهِ : ﴿ فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ ﴾ ﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ ﴾ ، ﴿ قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ .
وسوف أنقلُ لك ، بعد صفحاتِ ، من أخبارِ الكونِ ما يدلُّك على حكمةٍ وعظمةٍ ﴿الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾.

قال الشاعرُ :

وكتابي الفضاءُ أَقرأُ فيهِ



صوراً ما قرأتُها في كتابي



قراءةٌ في الشمسِ اللامعةِ ، والنجومِ الساطعةِ ، في النهرِ .. في الجدولِ .. في التلِّ .. في الشجرةِ .. في الثمرةِ .. في الضياءِ .. في الهواءِ .. في الماءِ ،

وفي كلِّ شيءٍ لهُ آيةٌ



تدلُّ على أنَّه الواحدُ



يقول إيليا أبو ماضي :

أيُّها الشاكي وما بك داءٌ





كيف تغدو إذا غدوت عليلاَ


أترى الشوك في الورودِ وتَعْمَى






أن ترى فوقهُ النَّدى إكليلاَ


والذي نفسُه بغيرِ جمالٍ




لا يرى في الوجودِ شيئاً جميلا


 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية

﴿ أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ﴾

يقولُ أيْنشتاين : مَنْ ينظرْ إلى الكونِ يعلمْ أنَّ المبدع حكيمٌ لا يلعبُ بالنَّردِ . ﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾، ﴿ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ ﴾، ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً ﴾.
والمعنىِ : أنَّ كلَّ شيءٍ بِحُسْبانٍ وبحكمةٍ ، وبترتيبٍ وبنظامٍ ، يعلمُ منْ يرى هذا الكون أنَّ هناك إلهاً قديراً لا يُجري الأمور مجازفةً ، جلَّ في علاهُ .
ثمَّ يقولُ سبحانهُ وتعالى : ﴿ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ﴾، ﴿ لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
لا يجدي الحِرْصُ

قال r : (( لنْ تموتَ نفسٌ حتى تستكمل رزْقها وأجلَها )) . فلِم الجَزَعُ ؟!ولِم الهَلَعُ ؟! ولِم الحِرْصُ إذنْ ، إذا انتهى منْ هذا وفَرَغَ ؟! ﴿ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ ﴾، ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً ﴾ .
 
أعلى