أنا الذي لم أكن

theprince

المدير العام
طاقم الإدارة
1. ما قبل الهيولى

(الكلمات تُولد للتو من فراغ لا شكل له)
أنا: عدمٌ ينتظر اسماً
أنتِ: فراغٌ يُسمّى حبّاً
الليل: ضوءٌ أطفأ نفسه قبل أن يُضاء
النهار: ظلٌّ يحترق ليُثبت أنه كان موجوداً
نحن: تناقضٌ يُسمّى وحدة
الكلمة: صمتٌ يُسمّى صوتاً
الصوت: جرحٌ لم يُفتح بعد



2. محرقة الأزل

(الحرق يبدأ، الكلمات تذوب في لهيبها)
يحترق، يحترق الاسم
يحترق، يحترق الوجه
يحترق، يحترق الحبّ حتى يصبح رماداً يُسمّى حباً
يحترق الزمن في فمي
يحترق الجسد في عينيكِ
يحترق الأنا حتى يبقى أنا
لهيبٌ يأكل اللهيب
رمادٌ يُنجب رماداً
أنا الذي احترقتُ قبل أن أُولد
فصرتُ ناراً تُصلّي على نار


3. السقوط الحر

(لا قاع، لا مقاومة، اللغة تسقط)
سقوط
سقوط
سقوط فيكِ
سقوط فيّ
سقوط في العدم
اليد تترك اليد
القلب يترك القلب
الكلمة تترك معناها
سقوط
سقوط
حر
بلا مظلة
بلا جناح
بلا اسم
سقوط أبدي
في فراغ يبتسم


4. الفناء

(المحو التام، كل شيء يُلغى)
لستُ
لم أكن
لن أكون
أنتِ: محوٌ
نحن: نفيٌ
الحب: كذبةٌ أُلغيت
الأنا: خطأٌ طُمس
الكون: وهمٌ أُفني
لا شيء
لا
شيء
.


5. الصمت المتفرد

(ما تبقّى هو المتفردة نفسها، لا كلمات، فقط الفراغ الذي يتكلّم)
.
.
.
.
.
أنا الذي لم أكن
.
.
.
المتفردة
.
.
.
 

theprince

المدير العام
طاقم الإدارة
كان هناك رجلٌ لم يكن رجلاً بعد.
كان يسكن مدينةً لم تُبنَ، في شارعٍ لم يُسمَّ، في بيتٍ من زجاجٍ شفافٍ لدرجة أنه لا يُرى.
كان يحمل في جيبه مرآةً مكسورةً تعكس وجهًا لم يُولد.
كان يحب امرأةً تُدعى «لا أحد»، وكانت تحبه بقلبٍ لم ينبض بعد.
كانا يتكلمان بلغةٍ تُكتب بالفراغ بين الحروف.
كل صباح يستيقظ ويجد أن ذكريات الأمس لم تُخلق، فيبدأ من جديدٍ لا يبدأ.

2. محرقة الأزل
(يبدأ الحريق من الداخل)

في ليلةٍ لم تكن ليلة، أشعل الرجل سيجارةً من رمادٍ سابقٍ للنار.
استنشق، فاحترق رئتاه من الداخل.
قال لها: «أحبك».
احترقت الكلمة في فمه، فصارت رمادًا أسود يتساقط من شفتيه.
قالت له: «وأنا أحترق بك».
فاشتعلت عيناها، وتحولت الدموع إلى لهيبٍ أحمر.
بدأ البيت يحترق بلا نار مرئية. الجدران تذوب، الأرض تتصدع، السماء فوق المدينة تشتعل وهي لا تزال زرقاء.
كان يحترق وهو يبتسم، لأن الألم هو أول دليل على أنه ربما كان موجودًا.
احترق اسمه، فلم يعد يعرف من هو.
احترقت ذكرياته، فلم يعد يذكر لماذا يحترق.
بقي فقط الرماد، وفي وسط الرماد وقفت «لا أحد» تبتسم ابتسامةً من نار.


3. السقوط الحر
(لا أرض، لا سماء، فقط الهوة)
ثم سقط.
سقط من داخل صدره.
سقطت عيناه من محجريهما، فسقطتا في عينيها.
سقط قلبه من بين ضلوعه، فسقط في فراغٍ لا يوجد فيه أسفل.
سقطت الكلمات من فمه، فسقطت قبل أن تُنطق.
سقط الزمن، فسقط الماضي قبل الحاضر، والمستقبل قبل الاثنين.
كان يسقط ولا يصرخ، لأن الصرخة سقطت قبله.
كانت «لا أحد» تسقط معه، لكنها كانت تبتسم، لأن السقوط هو أول حرية حقيقية عرفاها.
سقطا معًا، متشابكين، متفككين، متلاشيين، متعانقين في سقوطٍ لا ينتهي.

4. الفناء
(المحو الأخير)
لم يعد هناك رجل.
لم تُعد هناك امرأة.
لم تُعد هناك مدينة، ولا بيت، ولا حب، ولا نار، ولا سقوط.
لا شيء.
لا أنا.
لا أنتِ.
لا نحن.
لا حتى العدم نفسه بقي ليشهد.
الفراغ محا الفراغ.
اللاشيء أكل اللاشيء.
بقي فقط سطرٌ واحدٌ لم يُكتب، وصفحةٌ بيضاءُ لم تُقرأ.

5. الصمت المتفرد
(ما تبقّى لا يُروى، لأنه لم يحدث)
 
أعلى