المغربي 1
New member
... فو الله لأكتبن، و كيف لا أفعل؟ و الخواطر تريح القلوب و تخلق عز النفوس، و يحلق المرء في تاملاتها إلى عالم السماء، أليس من الحق قليلا أن نرفض الغيوم، و ننتظر هطول المطر، و البركات و الخير في غيث تربو به الأرض، و تتمخض لتنبت من كل زوج بهيج وهل كل ذالك إلا من السماء، كم اشتقت إلى مجالس الذكر، و ما من لبيب اليوم يذكرني، و من منا متفرغ؟؟ انشغلات، و عمر محدود، و تسويف بعد تسويف، تتأجل الأعمال، تتكاثر، نعمل، نخلص في العمل، نحس بالإرهاق نضطر إلى المزيد من التأجيل، و يبرد الجسد، نوم سريع، صباح مبلل بقطرات ندى سوداء ترعب المستيقظ، عبء الأمس، و عبء اليوم، و أعباء للغد في لائحة الإنتظار، تعجبني الخواطر، تعجبني الحكمة، تبهرني النكتة، و يستوقفني الحدث، فكيف لا اكتب، و ما بالي اعلل، و أبرر، غاليت، سفسطة و كلام ناعم، فعلت ما اردت، كتبت بعفو ما سبق، و لا زلت اكتب، لا ألتفت لأصحح، لا أرعوي، قاموس مفتوح، و سر كمين بالأنفس، و خطر مرتقب، و ناس تدخلنا للكشف عن خروقاتهم، سيقفون لنا بالمرصاد، ما دمت مع الحق، لا أبالي، قلت أنشودة الصمت جادة، لوحت بما اردت، لا أدري من سيسقط، أوصلت رسائلي باحترافية، و دون ميل مني لطرف على حساب الأخر، كنت أبتغي الحق، و ها أنذا أوصله لعامة الناس، وعدني البعض بالمزيد من الوثائق، عبء مضاعف، و لا راحة بعد الحصول عليه، المزيد من الأعباء... حياتي الشخصية مهددة يوما بعد الأخر، أقسمنا على الإخلاص، فها نحن في ميادينه، تواعدنا على الوفاء، و ها نحن نفي، نسير بخطى متباطئة، و لكنها راسخة، لكن حياتي الشخصية الخاصة جدا لا تناقش، لا متطلبات، لا قرارات، و لا منهجية، و لاوقت يسمح بذلك، شطحاتي أين غابت؟ نجمتي أين اختفت؟ روحي أين توجهت؟ بل أين أنا؟ و فكيف لا أكتب خواطر الأوفياء من جديد صفحة صفحة؟ أأغامر؟؟ أأحتاج إلى راحة أكثر؟؟ هل أفكر بالأمر؟ لا أمتلك الوقت، و لا السجاعة، و لا شيء من التكبر أو الاندفاع... أنسى و أنسى ثم أنسى، أجد نفسي أفكر و أفكر ثم افكر.. أريد لحظة واحدة فقط لأقول ما أريد، لأعبر بحرية، هل من متنفس ايها القوم؟ هل يمكنني أن أستريح الأن؟ تلوح ملفات كبيرة، ما دمت قد ابتدأت و خرجت من صمتك عدد خطواتك، و ترقب الصفعات، و لا يمكنك حتى فتح باب الأماني، إنك إن انتصرت قتلوك، و إن هزمت قتلوك، سيقتلونك لا محالة، لأنك لا تباع و لا تشترى، لست بسلعة، و لا تلعبن بعد اليوم أي لعبة.. لم أستطع أن أهرب من الحلقة المفرغة، لم أشكل أي خاطرة، لم أتوصل إلى السماء، أغلقت الأبواب، و تكلمت على الأرض و أهلها، تغيرت لغة الخطاب، تغيرت معدنية الكاتب، خجل القلم مني، لم يتواضع و لكنه استحيا، برح الصمت مزعجا، لا يصعد إلى السماء، لا يخاطب القلوب، يتراوح بين العقول، يتزلزل، يغلي كبقلة على زيت محروق، يلهب صاحبه، لا يذكره بالنجوم، لا يرغبه في الأماني، يتهرب، يريد ألا يكتب حرفا إلا بجدية و توثيق، يعتمد منهجية أخرى، لا ينزوي، يسلط الضوء على الأحداث، مقهور أنا إن عشت طوال عمري بهذا الشكل المريب، لا سعادة و لا أنس، اشتقت إلى خواطري، اشتقت إلى أحبتي، اشتقت إلى السماء، أو تراني أخطأت عندما لم أترك ما لقيصر لقيصر، أو تراني غفلت، أما أعظم حاجاتي فالتذلل إلى مولاي، أناجيه بيني و بينه، أحدثه عما يدور بالأرض و هو العليم، أترى ياربي كم نحن مهمون، مغرورون، يقتل بعضنا بعضا لأجل دنيا فانية، أترى يا ربي أخطائي، أخطأت يا ربي فاغفر لي، ها هنا تسكن النفس بجوارك، ها هنا أرتاح في رحابك، ها هنا دائرة الحب، ها هنا تعلق أهل الأرض، ها هنا تريد خواطري الإبحار، و ها هنا أتوقف، لا أراجع مما كتبت حرفا، أحبس دمعا، أحاول تنظيف قلبا، و أنشر مشهدا، و أعري واقعا، و بذالك أكون كتبت سطرا في الخواطر، و أسطرا في صراع لأجل ذاك الخط .