Dr.Cherry
سـ ح ـر الـ ع ـيون
ممنوعةٌ أنتِ
ممنوعة أنت من الدخول يا حبيبتي عليَّهْ ممنوعة أن تلمسي الشراشف البيضاء أو أصابعي الثلجيَّة
ممنوعة أن تجلسي ...أو تهمسي ...أو تتركي يديك في يديَّهْ
ممنوعة أن تحملي من بيتنا في الشام
سرباً من الحمام
أو فلة ...أو وردةً جوريَّة
ممنوعة أن تحملي لي دمية أحضنها
أو تقرأي لي قصة الأقزام والأميرة الحسناء والجنيَّةففي جناح مرضى القلب يا حبيبتي
يصادرون الحب والأشواق والرسائل السريَّة
لا تشهقي ..إذا قرأت الخبر المثير في الجرائد اليوميَّة
قد يشعر الحصان بالإرهاق يا حبيبتي
حين يدق الحافر الأول في دمشق
والحافر الآخر في المجموعة الشمسيَّة
تماسكي...في هذه الساعات يا حبيبتي
فعندما يقرر الشاعر أن يثقب بالحروف
جلد الكرة الأرضيَّة
وأن يكون قلبه تفاحةً
يقضمها الأطفال في الأزقَّةِ الشعبيَّة
وعندما يحاول الشاعر أن يجعل من أشعاره
أرغفةً...يأكلها الجياع للخبز وللحريَّة
فلن يكون الموت أمراً طارئاً
لأن من يكتب يا حبيبتي
يحمل في أوراقه ذبحته القلبيَّة
أرجوك أن تبتسمي ... أرجوك أن تبتسمي
يا نخلة العراق ، يا عصفورة الرصافة الليليَّة
فذبحة الشاعر ليست أبداً قضية شخصيَّة
أليس يكفي أنني تركت للأطفال بعدي لغةً
وأنني تركت للعشاق أبجديَّة
أغطيتي بيضاء
والوقت ،والساعات ، والأيام كلها بيضاء
وأوجه الممرضات حولي كتب أوراقها بيضاء
فهل من الممكن يا حبيبتي؟
أن تضعي شيئاً من الأحمر فوق الشفة الملساء
فمنذ شهرٍ وأنا...أحلم كالأطفال أن تزورني
فراشة كبيرة حمراء
أطلب أقلاماً فلا يعطونني أقلام
أطلب أيامي التي ليس لها أيام
أسألهم برشامةً تدخلني في عالم الأحلام
حتى حبوب النوم قد تعودت مثلي على الصحو...فلا تنام
إن جئتني زائرةً
فحاولي أن تلبسي العقود ،والخواتم الغريبة الأحجار
وحاولي أن تلبسي الغابات والأشجار
وحاولي أن تلبسي قبّعةً مفرحةً كمعرض الأزهار
فإنني سئمت من دوائر الكلسِ...ومن دوائر الحوّار
ما يفعل المشتاق يا حبيبتي في هذه الزنزانة الفرديَّة
وبيننا الأبواب ،والحرّاس ،والأوامر العرفيَّة
وبيننا أكثر من ألف سنةٍ ضوئيَّة
ما يفعله المشتاق للحبّ, وللعزف على الأنامل العاجيَّة
والقلب لا يزال في الإقامة الجبريَّة
لا تشعري بالذنب يا صغيرتي ... لاتشعري بالذنب
فإنّ كل امرأةٍ أحببتها
قد أورثتني ذبحةً في القلب
وصيّة الطبيب لي
أن لا أقول الشعر عاماً كاملاً
ولا أرى عينيك عاماً كاملاً
ولا أرى تحوّلات البحر في العين البنفسجيَّة
اللّه...كم تُضحكُني الوصيَّة
مما اختارتْ روحي لتشاركونها القراءة
نزار قبَّاني