وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ - الى اخر الايه بالتفسير

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
بسم الله الرحمن الرحيم


قال تعالى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}
النور : 39. 40



ذكر سبحانه للكافرين مثلين مثلا بالسراب ومثلا بالظلمات المتراكمة

وذلك لأن المعرضين عن الهدى والحق نوعان

أحدهما من يظن أنه على شيء فيتبين له عند انكشاف الحقائق خلاف ما كان يظنه

وهذه حال أهل الجهل وأهل البدع والأهواء الذين يظنون أنهم على هدى وعلم فإذا انكشفت الحقائق

تبين لهم أنهم لم يكونوا على شيء وأن عقائدهم وأعمالهم التي ترتبت عليها كانت كسراب

يرى في أعين الناظرين ماء ولا حقيقة له وهكذا الأعمال التي لغير الله عز وجل وعلى غير أمره

يحسبها العامل نافعة له وليست كذلك وهذه هي الأعمال التي قال الله عز وجل فيها

{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً}

وتأمل جعل الله سبحانه السراب بالقيعة وهي الأرض الخالية القفر من البناء والشجر مثل من عمله كسراب

أو في بجر لجي والنبات والعالم فمحل السراب أرض قفر لا شيء بها والسراب لا حقيقة له

وذلك مطابق لأعمالهم وقلوبهم التي أقفرت من الإيمان والهدى

وتأمل ما تحت قوله: {يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً} والظمآن الذي اشتد عطشه فرأى السراب فظنه ماء

فتبعه فلم يجده شيئا بل خانه أحوج ما كان إليه فكذلك هؤلاء لما كانت أعمالهم على غير طاعة الرسل

ولغير الله جعلت كالسراب فرفعت لهم أظمأ ما كانوا إليها فلم يجدوا شيئا

ووجدوا الله سبحانه ثم فجازاهم بأعمالهم ووفاهم حسابهم

وفي الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث التجلي يوم القيامة

ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها السراب فيقال لليهود وما كنتم تعبدون فيقولون كنا نعبد عزيرا ابن الله

فيقال كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد فما تريدون قالوا: نريد أن تسقينا فيقال اشربوا فيتساقطون في جهنم

ثم يقال للنصارى ما كنتم تعبدون فيقولون كنا نعبد المسيح ابن الله فيقال كذبتم ما كان لله صاحبة ولا ولد

فما تريدون فيقولون أن تسقينا فيقال لهم اشربوا فيتساقطون وذكر الحديث

وهذه حال كل صاحب باطل فإنه يخونه باطله أحوج ما كان إليه فإن الباطل لا حقيقة له وهو كإسمه باطل

فإذا كان الاعتقاد غير مطابق ولا حق كان متعلقه باطلا وكذلك إذا كانت غاية العمل باطلة

كالعمل لغير الله عز وجل أو على غير أمره بطل مثل من عرف الحق والهدى

وعمل بغيره بطل العمل ببطلان غايته وتضرر عامله ببطلانه وبحصول ضد ما كان يؤمله

فلم يذهب عليه عمله واعتقاده لا له ولا عليه بل صار معذبا بفوات نفعه وبحصول ضد النفع

فلهذا قال تعالى: {وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}

فهذا مثل الضال الذي يحسب أنه على هدى.

نقلته لكم للافادة
 
أعلى