السيره النبوية لأبن هاشم

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
سبب قول عمرو بن معدي كرب هذا الشعر

قال ابن هشام : وحدثني أبو عبيدة قال : كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى سلمان بن ربيعة الباهلي ، وباهلة بن يعصر بن سعد بن قيس بن عيلان ، وهو بأرمينية يأمره أن يفضل أصحاب الخيل العراب على أصحاب الخيل المقارف في العطاء ، فعرض الخيل ، فمر به فرس عمرو بن معدي كرب ، فقال له سلمان فرسك هذا مقرف ، فغضب عمرو ، وقال : هجين عرف هجين مثله ، فوثب إليه قيس فتوعده فقال عمرو هذه الأبيات



صدق كهانة سطيح وشق

قال ابن هشام : فهذا الذي عنىسطيح الكاهن بقوله : ليهبطن أرضكم الحبش ، فليملكن ما بين أبين إلى جرش . والذي عني شق الكاهن بقوله : لينزلن أرضكم السودان ، فليغلبن على كل طفلة البنان ، وليملكن ما بين أبين إلى نجران .






غلب أبرهة الأشرم على أمر اليمن ، وقتل أرياط ما كان بين أرياط وأبرهة

قال ابن اسحاق : فأقام أرياط بأرض اليمن سنين في سلطانه ذلك ، ثم نازعه بأمر الحبشة باليمن أبرهة الحبشي - وكان في جنده - حتى تفرقت الحبشة عليهما . فانحاز كل واحد منهما طائفة منهم ، ثم سار أحدهما إلى الآخر ، فلما تقارب الناس أرسل أبرهة إلى أرياط : إنك لا تصنع بأن تلقى الحبشة بعضها ببعض حتى تفنيها شيئاً فابرز إلي أبرز إليك ، فأينا أصاب صاحبه انصرف إليه جنده . فأرسل إليه أرياط : أنصفت فخرج إليه أبرهة ، وكان رجلاً قصيراً لحيماً حادراً وكان ذا دين في النصرانية ، وخرج إليه أرياط ، وكان رجلاً جميلاً عظيماً طويلاً ، وفي يده حربة له ، وخلف أبرهة غلام له يقال له عتودة ، يمنع ظهره . فرفع أرياط الحربة فضرب أبرهة يريد يافوخه ، فوقعت الحربة على جبهة أبرهة فشرمت حاجبه وأنفه وعينه وشفته ، فبذلك سمي أبرهة الأشرم ، وحمل عتودة على أرياط من خلف أبرهة فقتله ، وانصرف جند أرياط إلى أبرهة ، فاجتمعت عليه الحبشةباليمن ، وودى أبرهة أرياط.






غضب النجاشي عل أبرهة لقتله أرياط ثم رضاؤه عنه

فلما بلغ ذلك النجاشي غضب غضباً شديداً وقال : عدا على أميري فقتله بغير أمري ، ثم حلف لا يدع أبرهة حتى يطأ بلاده ، ويجز ناصيته . فحلق أبرهة رأسه وملأ جراباً من تراب اليمن ، ثم بعث به إلى النجاشي ، ثم كتب إليه :
أيها الملك : إنما كان أرياط عبدك ، وأنا عبدك ، فاختلفنا في أمرك ، وكل طاعته لك ، إلا أني كنت أقوى على أمر الحبشة وأضبط لها وأسوس منه ، وقد حلقت رأسي كله حين بلغني قسم الملك ، وبعثت إليه بجراب تراب من أرضي ، ليضعه تحت قدميه ، فيبر قسمه في .
فلما انتهى ذلك إلى النجاشي رضي عنه ، وكتب إليه : أن أثبت بأرض اليمن حتى يأتيك أمري . فأقام أبرهة باليمن .


 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
أمر الفيل ، وقصة النسأة بناء القليس

ثم إن أبرهة بنى القليس بصنعاء ، فبنىكنيسة لم ير مثلها في زمانها بشيء من الأرض ، ثم كتب إلى النجاشي : إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسةلم يبنى مثلها لملك كان من قبلك ، ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب ، فلما تحدثت العرب بكتاب أبرهة إلى النجاشي ، غضب رجل من النسأة ، أحد بني فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمةبن مدركة بن الياس بن مضر.






معنى النسأة

والنسأة : الذين كانوا ينسئون الشهور على العرب في الجاهلية ، فيحلون الشهر من الأشهر الحرم ، ويحرمون مكانه الشهر من أشهر الحل ، ويؤخرون ذلك الشهر ففيه أنزل الله تبارك وتعالى : " إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله "




المواطأة لغة

قال ابن هشام : ليواطئوا : ليوافقوا ، والموطأة : الموافقة ، تقول العرب : واطأتك هذا الأمر ، أي وافقتك عليه . والإيطاء في الشعر الموافقة ، وهو اتفاق القافيتين من لفظ واحد ، وجنس واحد ، نحو قول العجاج - واسم العجاج عبد الله بن رؤية أحد بني سعد بن زيد بن مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخةبن إلياس بن مضر بن نزار:
ففي أثعبان المنجنون المرسل
ثم قال
ممد الخليج في الخليج المرسل
وهذان البيتان في أرجوزة له.



تاريخ النسء عند العرب

قال ابن اسحاق : وكان أول من نسأ الشهور عند العرب، فأحلت منها ما أحل ، وحرمت منها ما حرم القلمس ، وهو حذيفة بن عبد فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة. ثم قام بعده على ذلك ابنه عباد بن حذيفة ، ثم قام بعد عباد : قلع بن عباد ، ثم قام بعد قلع : أمية بن قلع ، ثم قام بعد أمية : عوف بن أمية ، ثم قام بعد عوف أبو ثمامة جنادة بن عوف ، وكان آخرهم ، وعليه قام الإسلام ، وكانت العرب إذا فرغت من حجها اجتمعت إليه ، فحرم الأشهر الأربعة : رجباً ، وذو القعدة ، وذا الحجة ، والمحرم . فإذا أراد أن يحل منها شيئاً احل المحرم فأحلوه ، وحرم مكانه صفر فحرموه ، ليواطئوا عدة الأربعة الأشهر الحرم . فإذا أرادوا الصدر قام فيهم فقال : اللهم إني ققد أحللت لك أحد الصفرين ،الصفر الأول، ونسأت الآخر للعام المقبل . فقال في ذلك عمير بن قيس جذل الطعان أحد بني فراس بن غنم بن ثعلبةبن مالك بن كنانة، يفخر بالنسأة على العرب :
لقد علمت معد أن قومي كرام الناس أن لهم كراما
فأي الناس فاتونا بوتر وأي الناس لم نعلك لجاما
ألسنا الناسئين على معد شهور الحل نجعلها حراما؟ ‌
قال ابن هشام : أول الأشهر الحرم المحرم








إحداث الكناني في القليس ، وحملة أبرهة على الكعبة

قال ابن اسحاق : فخرج الكناني حتى أتى القليس فقعد فيها - قال ابن هشام : يعني أحدث فيها - قال ابن اسحاق : ثم خرج فلحق بأرضه ، فأخبر بذلك أبرهة فقال : من صنع هذا ؟ فقيل له : صنع هذا رجل من العرب من أهل هذا البيت الذي تحج العرب إليه العرب بمكة لما سمع بقولك : أصرف إليها حج العرب غضب فجاء فقعد فيها ، أي أنها ليست لذلك بأهل . فغضب عند ذلك أبرهة وحلف ليسيرن إلى البيت حتى يهدمه ، ثم أمر الحبشة فتهيأت وتجهزت ، ثم سار وخرج معه بالفيل ، وسمعت بذلك العرب ، فأعظموه وفظعوا به ، ورأو جهاده حقاً عليهم ، حين سمعوا بأنه يريد هدم الكعبة ، بيت الله الحرام .






هزيمة ذي نفر أمام أبرهة
فخرج إليه رجل من أشراف أهل اليمن وملوكهم يقال له ذو نفر ، فدعا قومه ، ومن أجابه من سائر العرب ، إلى حرب أبرهة، وجهاده عن بيت الله الحرام ، وما يريد من هدمه وإخرابه ، فأجابه الىذلك من أجابه ، ثم عرض له فقاتله ، فهزم ذو نفروأصحابه ، فأخذ ذو نفر فأتي به أسيراً ، فلما أراد قتله قال ذو نفر: أيها الملك ، لا تقتلني فإنه عسى أن يكون بقائي معك خيراً لك من قتلي ، فتركه من القتل وحبسه عنده في وثاق ، وكان أبرهة رجلاً حليماً .






ما وقع بين نفيل وأبرهة

ثم مضى برهة على وجهه ذلك يريد ما خرج له ، حتى إذا كان أرض خثعم عرض له نفيل بن حبيب الخثعمي في قبيلي خثعم : شهران وناهس ، ومن تبعه من قبائل العرب ، فقاتله فهزمه أبرهة ، وأخذ له نفيل أسيراً ، فأتي به فلما هم بقتله قال له نفيل : أيها الملك ، لاتقتلني فإني دليلك بأرض العرب ، وهاتان يداي لك على قبيلي خثعم : شهران وناعس بالسمع والطاعة ، فخلى سبيله .






ابن معتب ومعتب وأبرهة

وخرج معه يدله ، حتى إذا مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف في رجال ثقيف .






نسب ثقيف وشعر ابن أبي الصلت في ذلك

واسم ثقيف : قسي بن النبيت بن منبه بن منصور بن يقدم بن أفصى بن دعمي بن إياد بن نزاربن معد بن عدنان قال أميةبن الصلت الثقفي:
قومي إياد لو أنهم أمم أو لو أقاموا فتزل النعم
قوم لهم ساحة العراق إذا ساروا جميعاً القط والقلم
وقال أميةبن أبي الصلت أيضاً :
ففأما تسألني على لبينى وعن نسبي أخبرك اليقينا
فإنا للنبيت أبي قسي لمنصور بن يقدم الأقدمينا
قال ابن هشام : ثقيف : قسي بن منبه بن بكر بن هوزان بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان . والبيتان الأولان والآخران في قصيدتين لأمية .

 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
استسلام أهل الطائف لأبرهة

قال ابن اسحاق : فقالوا له : أيها الملك ، إنما نحن عبيدك سامعون لك مطيعون ، ليس عندنا لك خلاف ، وليس بيتنا هذا البيت الذي تريد - يعنون اللات - إنما تريد البيت الذي بمكة ، ونحن نبعث معك من يدلك عليه ، فتجاوز عنهم .







اللات

واللات : بيت لهم بالطائف كانوا يعظمونه نحو تعظيم الكعبة . قال ابن هشام : أنشدني أبو عبيدة النحوي لضرار بن الخطاب الفهري :
وفرت ثقيف إلى لاتها بمنقلب الخائب الخاسر
وهذا البيت في أبيات له






معونة أبي رغال لأبرهة وموته وقبره

قال ابن اسحاق : فبعثوا معه أبا رغال يدله على الطريق إلى مكة ، فخرج أبرهة ومعه أبو رغال حتى أنزله المغمس ، فلما أنزله به مات أبو رغال هنالك ، فرجمت قبره العرب ، فهو القبر الذي يرجم الناس بالمغمس.






الأسود واعتداؤه على مكة

فلما نزل أبرهة المغمس ، بعث رجلاً من الحبشة يقال له : الأسود بن مقصود على خيل له ، حتى انتهى إلى مكة ، فساق إليه أموال (أهل ) تهامة من قريش وغيرهم ، وأصاب فيها مئتي بعير لعبد المطلب بن هاشم ، وهو يومئذ كبير قريش وسيدها ، فهمت قريش وكنانة وهذيل ، ومن كان بذلك ( من سائر الناس) بقتاله ، ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به ، فتركوا ذلك .






حناطة وعبد المطلب

وبعث أبرهة حناطة الحميري إلى مكة ، وقال له : سل عن سيد أهل هذا البلد وشريفها ، ثم قل له : إن الملك يقول لك : إني لم آت لحربكم ، إنما جئت لهدم هذا البيت ، فإن لم تعرضوا دونه بحرب ، فلا حاجة لي بدمائكم ، فإن هو لم يرد حربي فأتني به ، فلما دخل حناطة مكة ، سأل عن سيد قريش وشريفها ، فقيل له : عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، فجاءه فقال له ما أمره به أبرهة ، فقال له عبد المطلب : والله ما نريد حربه ،وما لنا بذلك من طاقة ، هذا بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم عليه السلام - أو كما قال - فإن يمنعه من فهو بيته وحرمه ، وإن يخل بينه وبينه ، فوالله ما عندنا دفع عنه ، فقال له : حناطة : فانطلق معي إليه أمرني أن آتيه بك .
 

الاميرة جورية

{سبحان الله وبحمده ..!
ذو نفر وأنيس وتوسطهما لعبد المطلب لدى أبرهة

فانطلق معه عبد المطلب ، ومعه بعض بنيه حتى أتى العسكر ، فسأل عن ذي نفر ، وكان له صديقاً ، حتى دخل عليه وهو في محبسه ، فقال له : يا ذا نفرهل عندك من غناء فيما نزل بنا ؟ فقال له ذو نفر : وما غناء رجل أسير في بيدي ملك ينتظر أن يقتله غدواً أو عشياً ما عندنا غناء في شيء مما نزل بك إلاأن أنيساً سائس الفيل صديق لي ، وسأرسل إليه فأوصيه بك ، وأعظم عليه حقك ، وأسأله أن يستأذن لك على الملك ، فتكلمه بما بدا لك . ويشفع لك عنده بخير إن قدر على ذلك ، فقال حسبي . فبعث ذو نفر إلى أنيس ، فقال له إن عبد المطلب سيد قريش ،وصاحب عير مكة ، يطعم الناس بالسهل ، والوحوش في رءوس الجبال ، وقد أصاب له الملك مئتي بعير ، فاستأذن عليه وانفعه بما استطعتعت ، فقال : أفعل .
فكلم أنيس أبرهة ، فقال له : أيها الملك ، هذا سيد قريش ببابك يستأذن عليك ، وهو صاحب عير مكة ، وهو يطعم الناس في السهل ، والوحوش في رءوس الجبال ، فأذن له عليك ، فليكلمك في حاجته ، وأحسن إليه قال : فأذن أبرهة






عبد المطلب وحناطة وخويلد بين يدي أبرهة

قال : وكان عبد المطلب أوسم الناس وأجملهم وأعظمهم ، فلما راءه أبرهة أجله وأعظمه وأكرمه عن أن تحته ، وكره أن تراه الحبشة يجلس معه على سرير ملكه ، فنزل أبرهة عن سريره ، فجلس على بساطه ، وأجلسه معه عليه إلى جنبه ، ثم قال لترجمانه: قل له : حاجتك ؟ فقال له ذلك الترجمان ، فقال : حاجتي أن يرد علي الملك مئتي بعير أصابها لي ، فلما قال له ذلك ، قال أبرهة لترجمانه : قل له : قد كنت أعجبتني حين رأيتك ، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في مئتي بعير أصبتها لك ، وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه ، لا تكلمني فيه ! قال له عبد المطلب : إني أنا رب الإبل وإن للبيت رباً سيمنعه ، قال : ما كان ليمتنع مني ، قال :أنت وذاك .
وكان فيما يزعم بعض أهل العلم قد ذهب مع عبد المطلب إلى أبرهة ، حين بعث إليه حناطة ، يعمر بن نفاثة بن عدي بن الدئل بن بكر بن مناة بن كنانة وهو يومئذ سيد بني بكر ، وخويلد بن واثلة الهزلي ، وهو يومئذ سيد هزيل ، فعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة ، على أن يرجع عنهم ولا يهدم البيت فأبى عليهم . والله أعلم أكان ذلك أم لا. فرد أبرهة على عبد المطلب الإبل التي أصاب له .






عبد المطلب في الكعبة يستنصر بالله عل رد أبرهة

فلما انصرفوا عنه ، انصرف عبد المطلب إلى قريش ، فأخبرهم الخبر ، وأمرهم بالخروج من مكة ، والتحرز في شعف الجبال والشعاب تخوفاً عليهم من معرة الجيش ، ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة ، وقام معه نفر من قريش يدعون الله ، ويستنصرونه على أبرهة وجنده ، فقال عبدالمطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة :
لاهم إن العبد يمنع رحله فامنع حلالك
لا يغلبن صليبهم ومحالهم غدواً محالك
إن كنت تاركهم وقبلتنا فأمر ما بدا لك
قال ابن هشام : هذا صح له منها .






شعر لعكرمة في الدعاء على الأسود بن مقصود

قال ابن اسحاق : وقال عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي :
لاهم أخز الأسود بن مقصود الآخذ الهجمة فيها التقليد
بين حراء وثبير فالبيد يحبسها وهي أولات التطريد
قضمتها إلى طماطم سود أخفره يا رب وأنت محمود
قال ابن هشام : هذا ما صح له منها ، والطماطم : الأعلاج .
قال ابن اسحاق : ثم أرسل عبد المطلب حلقة باب الكعبة ، وانطلق ومن معه من قريش إلى شغف الجبال فتحرزوا فيها ينتظرون ما أبرهة فاعل بمكة إذا دخلها .








دخول أبرهة مكة ،وما وقع له ولفيله ، وشعر نفيل في ذلك

فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة ، وهيأ فيله وعبى جيشه ، وكان اسم الفيل محموداً ، وأبرهة مجمع لهدم البيت ، ثم الانصراف إلى اليمن . فلما وجهوا الفيل إلى مكة أقبل نفيل بن حبيب الخثمعمي حتى قام الىجنب الفيل، ثم أخذ بأذنه ، فقال : أبرك محمود ، أوارجع راشداً من حيث جئت ، فإنك في بلد الله الحرام ، ثم أرسل أذنه . فبرك الفيل ،وخرج نفيل بن حبيب يشتد حتى أصعد في الجبل ، وضربوا الفيل ليقوم فأبى ، فضربوا في رأسه بالطبرزين ليقوم فأبى ، فأدخلوامحاجن لهم في مراقه فبزغوه منها ليقوم فأبى ، فوجهوه راجعاً إلى اليمن ، فقام يهرول ، ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك ، ووجوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك ،ووجوه إلى مكة فبرك ، فأرسل الله تعالى طيراً من البحر أمثال الخطاطيف والبلسان ، مع كل طائرمنها ثلاثة أحجار يحملها : حجر في منقاره ، وحجران في رجليه : أمثال الحمص والعدس ، لا تصيب أحد منهم إلا هلك ، وليس كلهم أصابت . وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق إلى اليمن ، فقال نفيل حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته :
أين المفر والإله الطالب والأشرم المغلوب ليس الغالب
قال ابن هشام : قوله ليس الغالب عن غير ابن إسحاق .
قال ابن اسحاق : وقال نفيل أيضاً :
ألا حييت عنا يا ردينا نعمناكم كع الإصباح عينا
اتانا قابس منكم عشاء فلم يقدر لقابسكم لدينا
ردينة لو رأيت - ولا تريه لدى جنب المحص ما رأينا
إذا لعذرتني وحمدت أمري ولم تأسى على ما فات بينا
حمدت الله إذ أبصرت طيراً وخفت حجارة تلقى علينا
وكل القوم يسأل عن نفيل كأن علي للحبشان دينا
فخرجوا يتساقطون بكل طريق ، ويهلكون بكل مهلك على كل منهل ، وأصيب أبرهة في جسده ، وخرجوا به معهم تسقط أنامله أنملةً أنملة ، كلما سقطت أنملة أتبعها منه مدة تمث قيحاً ودماً ، حتى قدموا به من صنعاء وهومثل فرخ الطائر، فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه، فيما يزعمون .
قال ابن اسحاق : حدثني يعقوب بن عتبة أنه حدث .أن أول ما رأيت الحصبةوالجدري بأرض العرب ذلك العام ، وأنه أول ما رؤى بها مرائرالشجر الحرمل والحنظل والعشر ذلك العام .







 
أعلى