لا تحزن

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
فن السرور

من أعظمِ النعمِ سرورُ القلبِ ، واستقرارُه وهدوؤُهُ ، فإنَّ في سرورهِ ثباتُ الذهنِ وجودةِ الإنتاجِ وابتهاجِ النفسِ ، وقالوا. إنّ السرورَ فنٌّ يُدرَّسُ ، فمنْ عرفَ كيفَ يجلبُه ويحصلُ عليه ، ويحظى به استفادَ من مباهجِ الحياةِ ومسارِ العيشِ ، والنعمِ التي من بينِ يديْه ومن خلفِه. والأصلُ الأصيلُ في طلبِ السرورِ قوةُ الاحتمالِ ، فلا يهتزُّ من الزوابعِ ولا يتحرَّكُ للحوادثِ ، ولا ينزعجُ للتوافِهِ . وبحسبِ قوةِ القلبِ وصفائِهِ ، تُشرقُ النَّفْسُ .
إن خَوَرَ الطبيعةِ وضَعْفَ المقاومةِ وجَزَعَ النفسِ ، رواحلُ للهمومِ والغمومِ والأحزانِ ، فمنْ عوَّد نفسَه التصبُّر والتجلُّدَ هانتْ عليه المزعجاتُ ، وخفَّتْ عليهِ الأزماتُ .
ومن أعداءِ السرورِ ضيِقُ الأُفُقِ ، وضحالَةَ النظرةِ ، والاهتمامُ بالنفس فَحَسْبُ ، ونسيانُ العالمِ وما فيه ، واللهُ قدْ وصفَ أعداءَهُ بأنهمْ ﴿ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ ﴾، فكأن هؤلاءِ القاصرينَ يَرَوْن الكَوْنَ في داخلِهم ، فلا يفكّرونَ في غيرِهِمْ ، ولا يعيشوَن لسواهُمْ ، ولا يهتمّونَ للآخرينَ . إنَّ عليَّ وعليكَ أنْ نَتَشَاغَلَ عن أنفسِنَا أحياناً ، ونبتعد عن ذواتِنا أزماناً لِنَنْسَى جراحَنا وغمومَنا وأحزانَنا ، فنكسبَ أمرْين : إسعادَ أنفسنِا ، وإسعادَ الآخرين.
من الأصولِ في فنِّ السرورِ : أن تُلجمَ تفكيرَكَ وتعصمهَ ، فلا يتفلَّتُ ولا يهربُ ولا يطيشُ ، فإنك إنْ تركتَ تفكيرَكَ وشأنَهُ جَمَحَ وطَفَحَ ، وأعادَ عليكَ مَلفَّ الأحزانِ وقرأَ عليكَ كتابَ المآسي منذُ ولدتْكَ أمُّكَ. إنَّ التفكيرَ إذا شردَ أعادَ لك الماضي الجريحَ وجرجَرَ المستقبلَ المخيفَ ، فزلزلَ أركانَك ، وهزّ كيانَك وأحرقَ مشاعرَك ، فاخطمْه بخطامِ التوجُّهِ الجادِّ المركّزِ على العملِ المثمرِ المفيدِ ، ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ﴾ .
ومن الأصول أيضاً في دراسةِ السرورِ : أنْ تُعطيَ الحياةَ قيمتَها ، وأنْ تُنزلَهَا منزلتها ، فهي لهْوٌ ، ولا تستحقُّ منكَ إلا الإعراضَ والصدودَ ، لأنها أمُّ الهجْرِ ومُرضِعةُ الفجائعِ ، وجالبةُ الكوارثِ ، فمَنْ هذه صفتُها كيف يُهتمُّ بها ، ويُحزنُ على ما فات منها. صفُوها كَدَرٌ ، وبرقُها خُلَّبٌ ، ومواعيدُها سرابٌ بقيِعةٍ ، مولودُها مفقودٌ ، وسيدُها محسودٌ ، ومنعَّمُها مهدَّدٌ ، وعاشقُها مقتولٌ بسيفِ غَدْرِها .
وفي الحديثِ : (( إنما العلمُ بالتعلُّمِ والحِلْمُ بالتحلُّمِ )) .
وفي فنِّ الآدابِ : وإنما السرورُ باصطناعِه واجتلابِ بَسْمَتِهِ ، واقتناصِ أسبابِهِ ، وتكلُّفِ بوادرِه ، حتى يكونَ طبْعاً .
إن الحياةَ الدُّنيا لا تستحقُّ منا العبوسَ والتذمُّرَ والتبرُّمَ .
والحقيقةُ التي لا ريبَ فيها أنكَ لا تستطيعُ أنْ تنزعَ من حياتِكَ كلِّ آثارِ الحزنِ ، لأنَّ الحياة َخُلقتْ هكذا ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ ، ﴿ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ ﴾ ، ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ ، ولكنَّ المقصودَ أن تخفّفُ من حزنِك وهمِّك وغمِّك ، أما قَطْعُ الحُزْنِ بالكليَّةِ فهذا في جناتِ النعيمِ ؛ ولذلك يقولُ المنعمون في الجنة : ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ﴾ . وهذا دليلٌ على أنهُ لم يذهبْ عنهُ إلا هناكَ ، كما أنَّ كلَّ الغِلِّ لا يذهبُ إلا في الجنةِ ، ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ ، فمنْ عَرَفَ حالةَ الدنيا وصفتها ، عَذَرَها على صدودِها وجفائِها وغَدْرِها ، وعَلِمَ ان هذا طبعُها وخلُقُها ووصفُها .
فإذا كان الحالُ ما وصفْنا ، والأمرُ ما ذكرنا ، فحرِيٌّ بالأريبِ النابِهِ أنْ لا يُعينَها على نفسِه ، بالاستسلامِ للكدرِ والهمِّ والغمِّ والحزنِ ، بل يدافعُ هذه المنغصاتِ بكلِّ ما أوتيَ من قوةٍ ، ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ ، ﴿ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ ﴾ .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
وقفـــة
لا تحزَنْ : إن كنتَ فقيراً فغيرُك محبوسٌ في دَيْنٍ ، وإن كنت لا تملكُ وسيلةَ نَقْلٍ ، فسواك مبتورُ القدمين ، وإن كنت تشكو من آلامٍ فالآخرون يرقدون على الأسِرَّة البيضاءِ ومنذ سنواتٍ ، وإن فقدتَ ولداً فسواك فقد عدداً من الأولادِ في حادثٍ واحدٍ .
لا تحزَنْ : لأنك مسلمٌ آمنتَ باللهِ وبرسلِهِ وملائكتِهِ واليومِ الآجِرِ وبالقضاءِ خيرِهِ وشرِّه ، وأولئكَ كفروا بالربِّ وكذَّبوا الرسلَ واختلفوا في الكتابِ ، وجَحَدُوا اليومَ الآخرَ ، وألحدوا في القضاءِ والقَدَرِ .
لا تحزَنْ : إن أذنبتَ فتُبْ ، وإن أسأت فاستغفرْ ، وإن أخطأت فأصلِحْ ، فالرحمةُ واسعةٌ ، والبابُ مفتوحٌ ، والغفران جمٌّ ، والتوبةُ مقبولةٌ .
لا تحزَنْ : لأنك تُقلقُ أعصابَك ، وتهزُّ كيانك وتُتعبُ قلبَك ، وتُقضّ مضجعَك ، وتُسْهِرْ ليلَك .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
ضبْطُ العواطف
تتأجَّجُ العواطفُ وتعصفُ المشاعرُ عند سببين : عند الفرحةِ الغامرةِ ، والمصيبةِ الدَّاهمةِ ، وفي الحديثِ : (( إني نُهِيْتُ عن صوتيْن أحمقيْن فاجريْن : صوتٍ عند نعمةٍ ، وصوتٍ عندَ مصيبةٍ )) ﴿ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾. ولذلك قال r : (( إنما الصبرِ عند الصدمِة الأولى )) . فمَنِ مَلَكَ مشاعره عندَ الحدَث الجاثم وعند الفرَح الغامرِ ، استحقَّ مرتبةَ الثباتِ ومنزلةَ الرسوخِ ، ونالَ سعادة الراحةِ ، ولذَةَ الانتصارِ على النفسِ ، واللهُ جلَّ في عُلاه وصف الإنسان بأنهُ فرِحٌ فخورٌ ، وإذا مسَّه الشرُّ جزوعاً وإذا مسَّهُ الخيرُ منوعاً ، إلاَّ المصلِّين . فَهُم على وسطيةٍ في الفرحِ والجزعِ ، يشكرونَ في الرخاءِ ، ويصبرون في البلاءِ .
إنَّ العواطف الهائجةَ تُتْعِبُ صاحبها أيَّما تَعَبٍ ، وتضنيهِ وتؤلمُهَ وتؤرِّقُهُ ، فإذا غضب احتدَّ وأزبد ، وأرعد وتوعَّد ، وثارتْ مكامنُ نفسِهِ ، والتهبتْ حُشاشَتُهُ ، فيتجاوزُ العَدْلَ ، وإن فرحَ طرِبَ وطاشَ ، ونسيَ نفسَه في غمرةِ السرورِ وتعدّى قدره ، وإذا هَجَرَ أحداً ذمَّه ، ونسِي محاسنَهُ ، وطمس فضائِلَهُ ، وإذا أحبَّ آخر خلع عليه أوسمة التبجيلِ ، وأوصله إلى ذورةِ الكمالِ . وفي الأثر : (( أحببْ حبيبك هوْناً ما ، فعسى أن يكون بغيضك يوماً ما وأبغضْ بغيضك هوناً ما ، فعسى أن يكون حبيبك يوماً ما )) . وفي الحديث : (( وأسألك العدل في الغضب والرضا )) .
فمَن ملك عاطفته وحَكَّم عقلَه ، ووزنَ الأشياء وجعل لكلِّ شيء قدراً ، أبصر الحقَّ ، وعَرَفَ الرشدَ ، ووقع على الحقيقةِ ، ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ﴾ .
إنَّ الإسلام جاءَ بميزان القيمَ والأخلاقِ والسلوكِ ، مثلما جاء بالمِنْهَجِ السَّويِّ ، والشرعِ الرضيِّ ، والملّةِ المقدسةِ ، ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾ ، فالعدلِ ، الصدقِ في الأحبارِ ، والعدلِ في الأحكامِ والأقوال والأفعالِ والأخلاقِ ، ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
سعادةُ الصحابةِ بمحمدِ صلى الله عليه وسلم
لقدْ جاءَ رسولُنا r إلى الناسِ بالدعوةِ الربانيةِ ، ولم يكنْ له دعايةٌ منَ دنيا ، فلمْ يُلقَ إليه كَنْزٌ ، وما كانتْ له جنَّة يأكلُ منها ، ولم يسكنْ قصراً ، فأقبلَ المحبُّون يبايعون على شظفٍ من العيشِ ، وذروةٍ من المشقَّةِ ، يوم كانوا قليلاً مستضعفين في الأرضِ يخافونَ أنْ يتخطفهمُ الناسُ من حولِهمْ ، ومع ذلك أحبَّهُ أتباعُه كلَّ الحبِ .
حُوصروا في الشِّعْبِ ، وضُيِّق عليهمْ في الرزقِ ، وابتُلوا في السمعةِ ، وحُوربوا من القرابةِ ، وأُوذُوا من الناسِ ، ومع هذا أحبُّوه كلَّ الحبِّ .
سُحِبَ بعضُهم على الرمْضاءِ ، وحُبسَ آخرونَ في العراءِ ، ومنهمْ منْ تفنَّنَ الكفارُ في تعذيبهِ ، وتأنَّقوا في النكالِ بهِ ، ومعَ هذا أحبُّوه كلَّ الحبِّ .
سُلبوا أوطانهم ودورهم وأهليهم وأموالهم ، طُردوا من مراتعِ صباهمْ ، وملاعبِ شبابهمْ ومغاني أهلهِمْ ، ومع أحبوهُ كلَّ الحبِّ .
ابُتلي المؤمنون بسببِ دعوتِه ، وزُلْزِلوا زلزالاً شديداً ، وبلغتْ منهمْ القلوبُ الحناجرَ وظنُّوا باللهِ الظنونا ، ومعَ أحبوه كلَّ الحبِّ .
عُرِّضَ صفوةُ شبابهمْ للسيوفِ المُصْلَتَةِ ، فكانتْ على رؤوسِهِم كأغصانِ الشجرةِ الوارفةِ .
وقُدِّمَ رجالُهم للمعركةِ فكانوا يأتونَ الموتَ كأنهمْ في نزهةٍ ، او في ليلة عيدٍ ؛ لأنهمْ أحبوه كلَّ الحبِّ .
يُرْسَلُ أحدُهمْ برسالةٍ ويَعْلمُ أنه لنْ يعودَ بعدها إلى الدنيا ، فيؤدّي رسالتَه ، ويُبعَثُ الواحدُ منهمْ في مهمَّةٍ ويعلمُ أنها النهايةُ فيذهبُ راضياً ؛ لأنهمْ أحبوه كلَّ الحبَّ .
ولكنْ لماذا أحبُّوه وسعِدُوا برسالتِه ، واطمأنُّوا المنهجهِ ، واستبشرُوا بقدومهِ ، ونسوا كلَّ ألمٍ وكلَّ مشقةٍ وجُهدٍ ومعاناةٍ من أجلِ اتباعِهِ ؟!
إنهمْ رأوا فيهِ كلَّ معاني الخيرِ والفرحِ ، وكلَّ علاماتِ البرِّ والحقِّ ، لقدْ كانَ آيةً للسائلين في معالي الأمورِ ، لقدْ أَبردَ غليلَ قلوبِهِمْ بحنانِهِ ، وأثلجَ صدورَهمْ بحديثهِ ، وأفْعَمَ أرواحَهُمْ برسالتِه .
لقدْ سكبَ في قلوبهمُ الرضا ، فما حسبوا للآلام في سبيلِ دعوتهِ حساباً ، وأفاضَ على نفوسِهِمْ منَ اليقينِ ما أنساهمْ كلَّ جُرْحٍ وكَدَرٍ وتنغيصٍ .
صَقَلَ ضمائرَهم بهداهُ ، وأنارَ بصائرَهم بسناهُ ، ألقى عن كواهِلهمْ آصارَ الجاهليةِ ، وحطَّ عن ظهورِهم أوزارَ الوثنيةِ ، وخلعَ من رقابِهمْ تبعاتِ الشركِ والضلالِ ، وأطفأ من أرواحِهمْ نارَ الحقدِ والعداوةِ ، وصبَّ على المشاعرِ ماءَ اليقين ، فهدأتْ نفوسُهمْ ، وسكنَتْ أبدانُهُمْ ، واطمأنتْ قلوبُهم ، وبردتْ أعصابُهم .
وجدوا لذَّةُ العيشِ معهُ ، والأنسَ في قربهِ ، والرضا في رحابِهِ ، والأمنَ في اتباعهِ ، والنجاة في امتثالِ أمرِهِ ، والغِنى في الاقتداء به .
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾ ، ﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ ، ﴿ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ ، ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴾، ﴿ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ﴾ ، ﴿ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ ، ﴿ وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ﴾ .
لقدْ كانوا سعداء حقّاً مع إمامِهمْ وقدوتِهمْ ، وحُقَّ لهمْ أنْ يسعدُوا ويبتهجُوا .
اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ على محرِّرِ العقولِ من أغلالِ الانحرافِ ، ومنقذِ النفوسِ من ويلاتِ الغوايِةِ ، وارضَ عن الأصحابِ والأمجادِ ، جزاءَ ما بذلُوا وقدّمُوا .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
اطردِ المَلَلَ مِنْ حياتِكَ
إن مَنْ يعِشْ عمرَهُ على وتيرةٍ واحدة جديرٌ أن يصيَبهُ المللُ ؛ لأن النفس ملولةٌ ، فإنَّ الإنسانَ بطبعهِ يَمَلُّ الحالةَ الواحدةَ ؛ ولذلكَ غايَرَ سبحانَهُ وتعالى بين الأزمنةِ والأمكنةِ ، والمطعوماتِ والمشروباتِ ، والمخلوقاتِ ، ليلٌ ونهارٌ ، وسهلٌ وجَبَلٌ ، وأبيضُ وأسودُ ، وحارٌّ وباردٌ ، وظلٌّ وحَرُور ، وحُلْوٌ وحامضٌ ، وقدْ ذكر اللهُ هذا التنُّوعَ والاختلافَ في كتابِهِ : ﴿يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ﴾ ﴿صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ ﴿مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ﴾ ﴿وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا﴾ ﴿ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ .
وقد ملَّ بنو إسرائيل أجود الطعامِ ؛ لأنهمْ أداموا أكْله : ﴿لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ﴾ . وكان المأمونُ يقرأُ مرةً جالساً ، ومرةً قائماً ، ومرةً وهو يمشي ، ثم قال : النفسُ ملولةٌ ، ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ﴾ .
ومن يتأمَّلِ العباداتِ ، يَجِدْ التنوُّعَ والجدَّةَ ، فأعمالٌ قلبيَّةٌ وقوليةٌ وعمليةٌ وماليةٌ ، صلاةٌ وزكاةٌ وصومٌ وحجٌّ وجهادٌ ، والصلاةُ قيامٌ وركوعٌ وسجودٌ وجلوسٌ ، فمنْ أراد الارتياح والنشاط ومواصلةَ العطاءِ فعليهِ بالتنويعِ في عملِهِ ، واطلاعِهِ وحياتِهِ اليوميَّةِ ، فعندَ القراءةِ مثلاً ينوِّعُ الفنونَ ، ما بين قرآنٍ وتفسيرٍ وسيرةٍ وحديثٍ وفقهٍ وتاريخٍ وأدبٍ وثقافةٍ عامَّةٍ ، وهكذا ، يوزِّع وقته ما بين عبادةٍ وتناولِ مباحٍ ، وزيادةٍ واستقبالِ ضيوفٍ ، ورياضةٍ ونزهةٍ ، فسوفَ يجدُ نفسَهُ متوثِّبةً مشرقةً ؛ لأنها تحبُّ التنويعَ وتستملحُ الجديدَ .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
دعِ القَلَقَ
لا تحزنْ ، فإنَّ ربك يقولُ :
﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾: وهذا عامٌّ لكلِّ من حمَلَ الحقَّ وأبصرَ النورَ ، وسلَكَ الهُدَى .
﴿أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ ﴾: إذاً فهناك حقٌّ يشرحُ الصدور ، وباطلٌ يقسِّيها .
﴿فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ﴾: فهذا الدينُ غايةٌ لا يصلُ إليها إلا المسدَّد .
﴿ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا ﴾: يقولُها كلُّ منْ يتيقَّنَ رعاية اللهِ ، وولايته ولطفه ونصرَه.
﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾: كفايتُه تكفيك ، وولايتُه تحميك .
﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾: وكلُّ منْ سلك هذهِ الجادَّة حصل على هذا الفوزِ .
﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾: وما سواهُ فميِّتٌ غَيْرُ حيٍّ ، زائلٌ غَيْرُ باقٍ ، ذليلٌ وليس بعزيزٍ .
﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ{127} إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾: فهذهِ معيتهُ الخاصةُ لأوليائِهِ بالحفظِ والرعايةِ والتأييدِ والولايةِ ، بحسبِ تقواهمْ وجهادِهمْ .
﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾: علوّاً في العبوديةِ والمكانةِ .
﴿ لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ ﴾.
﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾.
﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾.
وهذا عهدٌ لنْ يخْلَفَ ، ووعدٌ لنْ يتأخَّرَ .
﴿ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ{44}فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا﴾.
﴿ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾.
لا تحزنْ وقدِّرْ أنكَ لا تعيشُ إلا يوماً واحداً فَحَسْبُ ، فلماذا تحزنُ في هذا اليومِ ، وتغضبُ وتثورُ ؟!
في الأثرِ : (( إذا أصبحتَ فلا تنتظر المساءَ ، وإذا أمسيتَ فلا تنتظرِ الصباحَ )) .
والمعنى : أن تعيشَ في حدودِ يومِك فَحَسْبُ ، فلا تذكرِ الماضي ، ولا تقلقْ من المستقبلِ .
إنَّ الاشتغالَ بالماضي ، وتذكُّرَ الماضي ، واجترار المصائبِ التي حدثتْ ومضتْ ، والكوارثَ التي انتهتْ ، إنما هو ضَرْبٌ من الحُمْقِ والجنونِ .
يقول المَثَلُ الصينيُّ : لا تعبرْ جِسْراً حتى تأتيَه .
ومعنى ذلك : لا تستعجلِ الحوادثَ وهمومَها وغمومَها حتى تعيشَها وتدركَها .
يقولُ أَحَدُ السلفِ : يا ابن آدمَ ، إنما أنتَ ثلاثةُ أيامٍ : أمسُكَ وقدْ ولَّى ، وغدُكَ ولمْ يأتِ ، ويومُك فاتقِّ اللهَ فيه .
كيف يعيشُ منْ يحملُ همومَ الماضي واليومِ والمستقبلِ ؟! كيف يرتاحُ منْ يتذكرُ ما صار وما جرى ؟! فيعيدهُ على ذاكرتِهِ ، ويتألمُ لهُ ، وألمُه لا ينفعُه ! .
ومعنى : (( إذا أصبحتَ فلا تنتظر المساءَ ، وإذا أمسيتَ فلا تنتظرِ الصباحَ )): أيْ : أن تكونُ قصيرَ الأملِ ، تنتظرُ الأجَلَ ، وتُحْسِنُ العَمَلَ ، فلا تطمحْ بهمومك لغيرِ هذا اليومِ الذي تعيشُ فيه ، فتركّزَ جهودكَ عليه ، وتُرتِّبَ أعمالَكَ ، وتصبَّ اهتمامَك فيهِ ، محسِّناً خُلقَكَ مهتمّاً بصحتِك ، مصلحاً أخلاقَكَ مع الآخرين .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
وقفــةٌ
لا تحزنْ : لأنَّ القضاءَ مفروغٌ منهُ ، والمقدورُ واقعٌ ، والأقلامُ جَفَّتْ ، والصحفُ طُويتْ ، وكلُّ أمرٍ مستقرٌّ ، فحزنُك لا يقدِّمُ في الواقعِ شيئاً ولا يؤخِّرُ ، ولا يزيدُ ولا يُنقِصُ .
لا تحزنْ : لأنك بحزنِك تريدُ إيقافَ الزمنِ ، وحبسَ الشمسِ ، وإعادةَ عقاربِ الساعةِ ، والمشيَ إلى الخلفِ ، وردَّ النهرِ إلى منبعِهِ .
لا تحزنْ : لأنَّ الحزَنَ كالريحِ الهوْجاءِ تُفسدُ الهواءَ ، وتُبعثرُ الماءَ ، وتغيِّرُ السماءَ ، وتكسرُ الورودَ اليانعة في الحديقةِ الغنَّاءِ .
لا تحزنْ : لأنَّ المحزون كالنهرِ الأحمقِ ينحدرُ من البحرِ ويصبُّ في البحرِ ، وكالتي نقضتْ غزلها من بعدِ قوةٍ أنكاثاً ، وكالنافِخِ في قربةٍ مثقوبةٍ ، والكاتبِ بإصبعهِ على الماءِ .
لا تحزنْ : فإنَّ عمركَ الحقيقيَّ سعادتُك وراحةُ بالِك ، فلا تُنفقْ أيامكَ في الحزْنِ ، وتبذِّرْ لياليَك في الهمِّ ، وتوزِّع ساعاتِك على الغمومِ ولا تسرفْ في إضاعةِ حياتِك ، فإنَّ الله لا يحبُّ المسرفين .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
لفرح بتوبة الله عليك
ألا يشرحُ صدركَ ، ويزيلُ همَّك وغمَّك ، ويجلبُ سعادتك قولُ ربِّك جلَّ في علاه : ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ ؟ فخاطَبَهُمْ بـ «يا عبادي» تأليفاً لقلوبِهِمْ ، وتأنيساً لأرواحِهِمْ ، وخصَّ الذين أسرفُوا ، لأنهمُ المكثرون من الذنوبِ والخطايا فكيف بغيرِهم ؟! ونهاهْم عنِ القنوطِ واليأسِ من المغفرةِ وأخبر أنه يغفرُ الذنوب كلَّها لمنْ تاب ، كبيرها وصغيرَها ، دقيقها وجليلَها . ثم وصفَ نفسه بالضمائرِ المؤكدةِ ، و «الـ » التعريفِ التي تقتضي كمال الصفةِ ، فقال : ﴿ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾.
ألا تسعدُ وتفرحُ بقولِهِ جلَّ في علاه : ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾؟!
وقولِهِ جلَّ في علاه : ﴿ وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾؟!
وقولِهِ : ﴿ إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً ﴾؟!
وقولِهِ عزَّ من قائلٍ : ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً ﴾؟!
وقولِهِ تعالى : ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ﴾؟!
ولما قَتَلَ موسى عليه السلامُ نفساً قال : ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ﴾.
وقال عن داودَ بعدما تاب وأناب : ﴿ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ﴾.
سبحانَهُ ما أرحَمهُ وأكرمَهُ !! حتى إنه عرض رحمته ومغفرته لمنْ قالَ يلبتثليثِ ، فقال عنهم : ﴿ لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{73} أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾.
ويقولُ r فيما صحَّ عنهُ : (( يقولُ اللهُ تباركَ وتعالى : يا ابن آدم ، إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرْتُ لك على ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم ، لوْ بلغتْ ذنوبُك عَنَانَ السماءِ ، ثمَّ استغفرتني غفرتُ لك ولا أُبالي ، يا ابن آدم ، لو أتيتني بقُرابِ الأرضِ خطايا ثم لقيتني لا تشركُ بي شيئاً ، لأتيتُك بقرابِها مغفرةً )) .
وفي الصحيح عنهُ r أنه قال : (( إنَّ الله يبسُطُ يدهُ بالليلِ ليتوبَ مسيءُ النهارِ ، ويبسُطُ يدهُ بالنهار ليتوب مسيءُ الليلِ ، حتى تطلعَ الشمسُ من مغربِها )) .
وفي الحديث القدسيِّ : (( يا عبادي ، إنكمْ تُذنبون بالليلِ والنهارِ ، وأنا أغفرُ الذنوبَ جميعاً ، فاستغفروني أغفرْ لكم )) .
وفي الحديثِ الصحيحِ : (( والذي نفسي بيدهِ ، لو لمْ تذنبُوا لذهبَ اللهُ بكمْ ولجاءَ بقومٍ آخرين يذنبون ، فيستغفرون الله ، فيغفرُ لهم )) .
وفي حديثٍ صحيحٍ : (( والذي نفسي بيدهِ لو لمْ تذنبوا لَخِفْتُ عليكم ما هو أشدُّ من الذنبِ ، وهو العُجْبُ )) .
وفي الحديثِ الصحيح : (( كلُّكمْ خطَّاءٌ ، وخيرُ الخطَّائين التوابون )) .
وصحَّ عنه r أنه قالَ : (( للهُ أفرحُ بتوبةِ عبدِه من أحدكم كان على راحلتِهِ ، عليها طعامُهُ وشرابه ، فضلَّت منهُ في الصحراء ، فبحث عنها حتى أيِسَ ، فنام ثم استيقظ فإذا هي عند رأسِه ، فقال : اللهمَّ أنت عبدي ، وأنا ربُّكَ . أخطأ من شَّدةِ الفرحِ )) .
وصحَّ عنه r أنه قالَ : (( إنَّ عبداً أذنب ذنباً فقال : اللهم اغفرْ لي ذنبي فإنهُ لا يغفرُ الذنوبَ إلا أنت ، ثم أذنب ذنباً ، فقال : اللهمَّ اغفرْ لي ذنبي فإنه لا يغفرُ الذنوبَ إلا أنت ، ثم أذنب ذنباً ، فقال : اللهمَّ اغفرْ لي ذنبي فإنه لا يغفرُ الذنوبَ إلا أنت . فقال اللهُ عزَّ وجلَّ علِمَ عبدي أنَّ له ربّاً يأخذُ بالذنبِ، ويعفو عن الذنبِ ، فليفعلْ عبدي ما شاء)).
والمعنى : ما دام أنهُ يتوبُ ويستغفرُ ويندمُ ، فإني أغفرُ له .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
كلُّ شيءٍ بقضاءٍ وقدَر

كلُّ شيءٍ بقضاءٍ وقدرٍ ، وهذا معتقدُ أهلِ الإسلامِ ، أتباعِ رسولِ الهدى r ؛ أنهُ لا يقعُ شيءٌ في الكونِ إلا بعلمِ اللهِ وبإذنِه وبتقديرِه .
﴿ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ .
﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ .
﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ .
وفي الحديثِ : (( عجباً لأمرِ المؤمنِ !! إنَّ أمرهَ كلَّه له خير ، إنْ أصابْتهُ سرَّاءُ شكر فكان خيراً له ، وإنْ أصابتْه ضرَّاءُ صبر فكان خيراً له ، وليسَ ذلك إلا للمؤمن )) .
وصحَّ عنه r أنه قال : (( إذا سألتَ فاسألِ اللهَ ، وإذا استعنت فاستعنْ باللهِ ، واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعُوا على أنْ ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوكَ إلا بشيءٍ قد كتبهُ اللهُ لك ِ ، وإن اجتمعوا على أن يضرُّوكَ بشيءٍ لم يضرُّوك إلا بشيءٍ قدْ كتبهُ اللهُ عليكَ ، رُفعتِ الأقلامُ ، وجفَّتِ الصحفُ )) .
وفي الحديثِ الصحيح أيضاً : (( واعلمْ أن ما أصابك لم يكنع لِيخطئَك ، وما أخطأكَ لمْ يكن ليصيبَك )) .
وصحَّ عنه r أنه قالَ : (( جفَّ القلمُ يا أبا هريرة بما أنت لاقٍ )) .
وصحَّ عنه r أنهُ قالَ : (( احرصْ على ما ينفعُك ، واستعنُ باللهِ ولا تعجزْ ، ولا تقلْ : لو أني فعلتُ كذا لكان كذا وكذا ، ولكنْ قلْ : قدَّر اللهُ وما شاءَ فَعَلَ )) .
وفي حديثٍ صحيحٍ عنه r : (( لا يقضي اللهُ قضاءً للعبدِ إلا كان خيراً له )) .
سُئل شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ عن المعصيةِ : هلْ هيَ خَيْرٌ للعبدِ ؟ قالَ : نعمْ بشرطِها من الندمِ والتوبةِ ، والاستغفارِ والانكسارِ .
وقولُه سبحانه : ﴿وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
انتظرِ الفرَجَ
في الحديثِ عند الترمذيِّ : « أفضلُ العبادةِ : انتظارُ الفَرَجِ » . ﴿ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ﴾ .
صُبْحُ المهمومين والمغمومين لاحَ ، فانظرْ إلى الصباحِ ، وارتقبِ الفَتْحَ من الفتَّاحِ .
تقولُ العربُ : « إذا اشتدَّ الحبلُ انقطع » .
والمعنى : إذا تأزَّمتِ الأمورُ ، فانتظرْ فرجاً ومخرجاً .
وقالَ سبحانَهُ وتعالى : ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً ﴾ . وقالَ جلَّ شأنُه: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً﴾ . ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً.
وفي الحديثِ الصحيحِ : (( أنا عند ظنِّ عبدي بي ، فلْيظنَّ بي ما شاءَ )) .
﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء ﴾.
وقولهُ سبحانَهُ : ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً{5} إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ﴾ .
قال بعضُ المفسرين – وبعضُهُم يجعلُهُ حديثاً - : (( لنْ يغلبَ عُسْرٌ يُسْرَيْن )) .
وقال سبحانهُ : ﴿ لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً ﴾ .
وقالَ جلَّ اسمُه: ﴿أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ﴾ .﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ﴾.
وفي الحديثِ الصحيح : (( واعلمْ أنَّ النصْرَ مع الصَّبْرِ ، وأن الفَرَجَ مَعَ الكُرْبِ )) .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
وقفــة
لا تحزنْ : فإنَّ أموالك التي في خزانتِك وقصورَك السامقةَ ، وبساتينَك الخضراءَ ، مع الحزنِ والأسى واليأسِ : زيادةٌ في أسَفِكَ وهمِّكَ وغمِّكَ .
لا تحزنْ : فإنَّ عقاقير الأطباء ، ودواء الصيادلةِ ، ووصفةَ الطبيبِ لا تسعدُكَ ، وقدْ أسكنت الحزن قلبَك ، وفرشتَ له عينك ، وبسطتَ له جوانحَك ، وألحفتَه جلدَك .
لا تحزنْ : وأنت تملكُ الدعاءَ ، وتُجيدُ الانطراح على عتباتِ الربوبيةِ ، وتُحسنُ المسكنة على أبواب ملِكِ الملوكِ ، ومعكَ الثلثُ الأخيرُ من الليلِ ، ولديكَ ساعةُ تمريغ الجبينِ في السجودِ .
لا تحزنْ : فإنَّ الله خَلَقَ لكَ الأرض وما فيها ، وأنبت لك حدائقَ ذاتَ بهجةٍ ، وبساتين فيها من كلِّ زوجٍ بهيجٍ ، ونخلاً باسقاتٍ له طلعٌ نضيدٌ ، ونجوماً لامعاتٍ ، وخمائل وجداول ، ولكنَّك تحزن !!
لا تحزنْ : فأنت تشربُ الماء الزلال ، وتستنشقُ الهواء الطَّلْق ، وتمشي على قدميْك معافى ، وتنام ليلكَ آمناً .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
أكثِرْ من الاستغفارِ
﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً{10} يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً{11} وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً﴾.
فأكثر من الاستغفارِ ، لترى الفرَحَ وراحةَ البالِ ، والرزق الحلالِ ، والذرية الصالحةَ ، والغيثَ الغزيرَ .
﴿ وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾.
وفي الحديثِ : (( من أكثر منَ الاستغفارِ جعلَ اللهُ لهُ منْ كلِّ همٍّ فَرَجاً ، ومن كلِّ ضيقٍ مخرجاً )) .
وعليكَ بسيّدِ الاستغفار ، الحديثُ الذي في البخاري : (( اللهمَّ أنت ربي لا إلهَ إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدُك ، وأنا على عهدِك ووعدِك ما استطعتُ ، أعوذُ بك من شرِّ ما صنعتُ ، أبوءُ لكَ بنعمتِك عليَّ ، وأبوءُ بذنبي فاغفِرْ لي ، فإنهُ لا يغفرُ الذنوب إلا أنت)).
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
عليكَ بذكرِ اللهِ دائماً
قال َ سبحانه : ﴿ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ . وقال : ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ . وقال : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً{41} وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾ . وقال سبحانه : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ . وقال : ﴿ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ﴾ . وقال : ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ{48} وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ﴾. وقال سبحانه : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ ﴾.
وفي الحديثِ الصحيحِ : (( مَثَلُ الذي يذكرُ ربَّه والذي لا يذكرُ ربَّه ، مَثَلُ الحيِّ والميتِ )) .
وقوله r : (( سَبَقَ المفرِّدون )) . قالوا : ما المفِّردون يا رسولَ اللهِ ؟ قال (( الذاكرون الله كثيراً والذاكرات )) .
وفي حديثٍ صحيحٍ : (( ألا أخبرُكم بأفضلِ أعمالِكِم ، وأزكاها عند مليكِكُمْ وخيْرٍ لكمْ من إنفاقِ الذهبِ والورِقِ ، وخيرٍ لكمْ من أن تلقوا عدوَّكم فتضربوا أعناقهُمْ ويضربوا أعناقُكُمْ )) ؟ قالوا : بلى يا رسول اللهِ . قال : (( ذِكْرُ اللهِ )) .
وفي حديث صحيح : أنَّ رجلاً أتى إلى رسول r فقال : يا رسول اللهِ إنَّ شرائع الإسلام قدْ كُثرَتْ عليَّ ، وأنا كَبِرْتُ فأخبرْني بشيءٍ أتشبَّثُ بهِ . قال : (( لا يزالُ لسانُكَ رطْباً بذكرِ اللهِ )) .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
لا تيأسْ منْ رَوْحِ اللهِ

﴿ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ .
﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا ﴾ .
﴿ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ .
﴿وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا{10} هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً.
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
اعفُ عمَّن أساء إليكَ
ثمنُ القَصَاصِ الباهظِ ، وهو الذي يدفعُه المنتقمُ من الناسِ ، الحاقدُ عليهمْ : يدفعُه من قلبِه ، ومن لحمِهِ ودمِهِ ، من أعصابِه ومن راحتِهِ ، وسعادتِه وسرورِهِ ، إذا أراد أنْ يتشفَّى ، أو غضبَ عليهِمْ أو حَقَدَ . إنه الخاسرُ بلا شكٍّ .
وقدْ أخبرَنا اللهُ سبحانه وتعالى بدواءِ ذلك وعلاجِهِ ، فقالَ : ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾.
وقالَ : ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾.
وقالَ : ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
عندك نعم كثيرة
فكِّرْ في نِعَمِ اللهِ الجليلةِ وفي أعطياتِهِ الجزيلةِ ، واشكُرْهُ على هذهِ النعمِ ، واعلمْ أنكَ مغمورٌ بأعطياتِهِ .
قال سبحانه وتعالى : ﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا ﴾.
وقال : ﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾.
وقال سبحانه : ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ﴾.
وقال سبحانه وهو يقررُ العبدُ بنعمِهِ عليهِ : ﴿ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ{8} وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ{9} وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾.
نِعَمٌ تَتْرَى : نعمةُ الحياةِ ، ونعمةُ العافيةِ ، ونعمةُ السمعِ ، ونعمةُ البصرِ ، واليدينِ والرجليْن ، والماءِ والهواءِ ، والغذاءِ ، ومن أجلِّها نعمةُ الهدايةِ الربانية: ( الإسلاَمُ ) . يقولُ أحدُ الناسِ : أتريدُ بليون دولار في عينيك ؟ أتريُد بليون دولارٍ في أذنيك ؟ أتريدُ بليون دولار في رجليك ؟ أتريدُ بليون دولارٍ في يديك ؟ أتريدُ بليون دولارٍ في قلبك ؟ كمْ من الأموالِ الطائلةِ عندك وما أديتَ شُكْرَها !! .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
الدنيا لا تستحق الحزن عليها

إنَّ مما يثبتُ السعادة وينمِّيها ويعمقُها : أنْ لا تهتمَّ بتوافهِ الأمورِ ، فصاحبُ الهمةِ العاليةِ همُّه الآخرةُ .
قال أحدُ السلفِ وهو يُوصِي أحد إخوانِه : اجعلْ الهمَّ همّاً واحداً ، همَّ لقاءِ اللهِ عز وجل ، همَّ الآخرة ، همَّ الوقوفِ بين يديْهِ ، ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ .فليس هناك همومٌ إلا وهي أقلُّ من هذا الهمِّ ، أيّ همٍّ هذه الحياةُ ؟ مناصبِها ووظائِفها ، وذهبِها وفضتِها وأولادِها ، وأموالِها وجاهِها وشهرتِها وقصورِها ودورِها ، لا شيء !!
واللهُ جلّ وعلا قد وصف أعداءَهُ المنافقين فقال : ﴿ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ﴾، فهمُّهم : أنفسُهْم وبطونُهم وشهواتُهم ، وليست لهمْ هِمَمٌ عاليةٌ أبداً !
ولمَّا بايع r الناس نَحتَ الشجرةِ انفلت أحدُ المنافقين يبحثُ عن جَمَلٍ لهُ أحمر ، وقالَ : لحُصولي على جملي هذا أحبُّ إليَّ من بيْعتِكُمْ . فورَدَ : « كلُّكمْ مغفورٌ له إلاَّ صاحبَ الجملِ الأحمرِ ».
إنَّ أحد المنافقين أهمتْهُ نفسهُ ، وقال لأصحابهِ : لا تنفروا في الحرِّ . فقال سبحانه : ﴿قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً ﴾.
وقال آخرُ : ﴿ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي ﴾. وهمُّه نفسُه ، فقال سبحانه : ﴿ أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ ﴾.
وآخرون أهمتْهُمْ أموالُهُمْ وأهلوهْم : ﴿شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا. إنهِا الهمومُ التافهةُ الرخيصةُ ، التي يحملُها التافهون الرخيصون ، أما الصحابة الأجلاَّءُ فإنهمْ يبتغون فضلاً من اللهِ ورضواناً .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
لا تحزنْ واطردِ الهمَّ
راحةُ المؤمن غَفْلَةٌ ، والفراغُ قاتلٌ ، والعطالَةُ بطالَةٌ ، وأكثرُ الناسِ هموماً وغموماً وكدراً العاطلونَ الفارغونَ . والأراجيفُ والهواجسُ رأسُ مالِ المفاليسِ من العملِ الجادِّ المثمرِ .
فتحرَّك واعملْ ، وزاولْ وطالعْ ، واتْلُ وسبِّحْ ، واكتبْ وزُرْ ، واستفدْ منْ وقتِك ، ولا تجعلْ دقيقةً للفراغِ ، إنك يوم تفرغُ يدخلُ عليك الهمُّ والغمُّ ، والهاجسُ والوساوسُ ، وتصبحُ ميداناً لألاعيبِ الشيطانِ .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
اطلب ثوابك من ربك

اجعلْ عملك خالصاً لوجهِ اللهِ ، ولا تنتظرْ شكراً من أحدٍ ، ولا تهتمَّ ولا تغتمَّ إذا أحسنت لأحدٍ من الناسِ ، ووجدته لئيماً ، لا يقدِّرْ هذهِ اليد البيضاء ، ولا الحسنة التي أسديتها إليه ، فاطلبْ أجرك من اللهِ .
يقول سبحانه عن أوليائِه : ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً ﴾ . وقال سبحانه عن أنبيائِه : ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ﴾ . ﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ﴾ .﴿وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى﴾ . ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً.
فعاملِ الواحدَ الأحد وحدهُ فهو الذي يُثيبُ ويعطي ويمنحُ ، ويعاقبُ ويحاسبُ ، ويرضى ويغضبُ ، سبحانهُ وتعالى .
قُتلَ شهداءُ بقندهار ، فقال عمرُ للصحابةِ : من القتلى ؟ فذكروا لهُ الأسماء ، فقالوا : وأناسٌ لا تعرفُهم . فدمعتْ عينا عمرَ ، وقال : ولكنَّ الله يعلَمُهم .
وأطعمَ أحدُ الصالحين رجلاً أعمى فالوْذَجاً ( من أفخرِ الأكلاتِ ) ، فقال أهلُه : هذا الأعمى لا يدري ماذا يأكلُ ! فقالَ : لكنَّ الله يدري !
ما دام أنَّ اللهَ مُطَّلِعٌ عليك ويعلمُ ما قدَّمته من خيرٍ ، وما عملته من بِرٍّ وما أسديتهُ منْ فضلٍ ، فما عليك من الناسِ .
 

Bushra Abu Hamdia

مشرفة الألعاب الألكترونية
لوم اللائمينَ وعذْل العُذَّالِ
﴿ لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى ﴾ ﴿ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ ﴾ . ﴿ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً ﴾ . ﴿ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا ﴾.
لا يضرُّ البحرَ أمسى زاخراً



أنْ رمى فيهِ غلامٌ بِحَجَرْ


وفي حديثٍ حسن أنَّ الرسول r قال : : (( لا تبلِّغوني عن أصحابي سوءاً ، فإني أُحِبُّ أنْ أخرجَ إليكمَ وأنا سليمُ الصَّدرِ )) .
 
أعلى